يقول الله عز وجل في كتابه العزيز: (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) ولباس هو الستر أي ستر المرأة وستر الرجل في الزواج لإشباع رغباته واحتياجاته العاطفية، ووقاية وحفظ من المحرمات، ومشاركة الحياة في حلوها ومرها تشعر المرء بالاستقرار وتبعد آلام الوحدة ومشاكلها، وتجري سنة الله في خلقه ويتبعه جميع البشر.
ويشجع المجتمع الاسلامي الزواج ليضمن إلى أبنائه الستر والدرع الحصين، ولكن ثمار هذا الاقتران مرتبط باستمرارية الحياة بينهم، والأسباب المهمة التي تساعد على ديمومة العشرة بين المتزوجين من الواضح أصبحت لا تسعف وتساعد الكثيرين، أو لم تصبح مهمة لدى بعض الأهل أو المتزوجين والدليل على هذا التغيير هو زيادة معدلات الطلاق، وفصله المختصين بطلاق الزيجات الجديدة أو ما يسمى "الطلاق المبكر" والزيجات القديمة، ووجد أن الطلاق المبكر بأعداد كبيرة جدا.
الطلاق المبكر
إن ارتفاع الطلاق في الزيجات الجديدة، في الآونة الأخيرة زادت نسبة معدلاته بشكل كبير خاصة بين فئة الشباب، وكتب عنها المختصين وتناولت وسائل الاعلام أغلب جوانبها سواء كانت الاقتصادية أو الاجتماعية، ومن بين الأسباب النفسية التي قد تكون أحد أسباب الطلاق المبكر والذي ارتفعت أعداده في العراق وهي ظاهرة لم تكن موجودة في العقود السابقة، هناك سبب نريد تسليط الضوء عليه وهو عقدة سندريلا التي تسبب بالتسرع في اختيار شريك الحياة وفي بعض الأحيان تكون ناتجة لزوج غير مناسب.
التسرع في اختيار شريك الحياة
بشكلٍ عام إن عقدة سندريلا هو شعور لا إرادي لدى الفتاة التي ترى أنها تحمل صفات الجمال والطيبة ودائمًا بحاجة لشخصٍ قوي يساعدها ويحميها، وهذا الشعور ينبئها بأنها بحاجة إلى فارس الأحلام الذي يحقق جميع أحلامها وأمانيها ويقوم برعايتها حبا وهياما.
هذه التسمية جاءت عام 1981من قِبَل الكاتبة والمعالجة النفسية الأمريكية كوليت داولينغ في كتابها (عقدة سندريلا)، وكما ذكر بالكتاب أنه يُعتقد أنها تنتشر بين نساء هذا العصر لهذا تعتبر من العقد الحديثة، وتعد طريقة التربية أحد العوامل التي ترسخ هذه الفكرة حين تنشأ الفتاة بين والدين يلبيان كل احتياجاتها مع تشجيع منهما لفكرة أنها تحتاج دائمًا إلى وصي أو مسؤول عنها وأن زوجها سيلبي احتياجاتها من بعدهما.
يقال أن أغلب بنات العصر هن بهذا التفكير ولا يقتصر على الفتيات وإنما الشباب أيضا الذين ترافقهم رغبة وأمنية بإيجاد انسانة تحبه جدا وغنية وتساعده وتحميه وتحقق رغباته من خلال ثرائها، لماذا تحبه هو بالذات ولماذا تساعده وتعطيه؟ سؤال لا يريد التفكير به هو فقط يسرح بخياله وغارق في أحلامه وأمانيه.
إلا أن هذا الحلم يتلاشى وينتهي لدى الفتيان قبل الفتيات، فيما هذا الغرق يلازم الفتيات حتى أعمار متقدمة فيعشن بوهم أن الزوج سيأتي ويحمل معه الحب والاهتمام والأموال ليخلصها من حياة الأهل الراكدة، ويملأ قلبها بالسعادة والهناء.
أحد صفات التي تعيش هذه العُقد أنها تختار شريك حياتها بسرعة، دون تأني وقبل أن يكون لديها فكرة كاملة للمسؤولية الزوجية التي سوف تخوضها، وكذلك قبل تكوين فكرة واضحة عن شخصية من تريد الارتباط به، وهنا الطامة الكبرى التي تعاني منها الكثير من الشابات ولا يقف الأمر على هذا بل حتى السيدات اللاتي خضنّ تجربة الزواج سابقا، وكما يقول المثل بعد(الفاس يقع في الراس)، تكتشف غبائها وسطحية أفكارها لأسباب اختيارها لهذا الشخص، مثل الذي يستظل بشجرة الليمون ويستغرب أن ثماره حامضة وكان يتوقع طعم الشهد والسكر، وهو ما يحذر منه المختصين والعارفين، ويعده سبب من أسباب الزواج المبكر.
هذه الفكرة تراود الكثير من الشباب والكبار وهو نوع من الهروب من الواقع والمسؤوليات، حتى المطلقة والتي تفشل في زواجها كلها أمل أن الزوج القادم سيحمل معه الفرح والتغيير ودون أن تقف على أسباب طلاقها ومحاولة معالجته ولهذا فهي بالغالب تفشل بالارتباط مرة ثانية ولعل الثانية تكون أسوأ من الأولى.
وهناك الزوجة التي ترسم في مخيلتها الرجل المختلف عن زوجها ويحمل كل الصفات التي تريدها كما أنه يحبها ويقدم لها كل ما تريده، وهو سبب آخر من أسباب الخيانات الزوجية، فهي تنتظر فارس الأحلام وحين تتعرف برجل لمجرد أن يسمعها كلام لطيف أو وعود مزيفة تصدق وتتعلق دون تمحيص وتدقيق.
الثقافة الأسرية وتأثيرها في ادامة عش الزوجية
إن التربية تلعب دورا كبيرا في حياة الفتيات مما ينتج شخصية اتكالية لا تحب تحمل المسؤولية ويصعب عليها إيجاد حلول جذرية، وتعاني من عدم الثقة ليس في نفسها وحتى ببنات جنسها.
وإن التوعية التي تتدرج في المراحل العمرية من صباها حتى نضوجها من الأسرة، المتعلقة بمتطلبات الزواج وأهدافه، تعد أمر مهم وتركز عليه المجتمعات المتطورة في داخل الأسرة والمناهج الدراسية، والبرامج التوعوية، وهي تشمل أساليب الحوار ومعلومات حول كيفية فهم الطرف الآخر من خلال سلوكه وتصرفاته والطرق الصحيحة للتعامل معه وفقاً لشخصيته.
ونحن نسمع ونرى الأعداد الكبيرة التي تتهدم أحلامها ويضيع مستقبلها أمام أبواب المحاكم وبعد النطق بالطلاق وهي لا تزال بعمر مبكر لتحمل هذا العبء والدرس الصعب والتجربة المؤلمة على أكتافها طول العمر، وهذه الثار المدمرة تمتد إلى الزوج والأبناء والأهل، نجد أن من المهم اليوم معالجة العقد النفسية قبل تفاقمها بشكل كبير، والتركيز على التوعية فيما يسمى بالثقافة الأسرية لمساعدة المتزوجين في نجاح حياتهم الزوجية.
اضافةتعليق
التعليقات