تبدأ الحياة الزوجية عادة بحب عظيم ومودة، ولكن مع مرور السنين يفتر الحب، وتصبح العلاقات بين الزوجين باردة لا يظهر فيها بريق الحب وقد تغادرها أجواء السعادة والرومانسية، وتتحول إلى روتين يومي لا بهجة فيها، وربما ضعفت رغبة كل من الزوجين في الآخر.
وربما انعكس ذلك على قدرتهما على الاستمرار، وهذا الوضع لا يريح الزوجين اللذين ارتبط مصير كل منهما بالآخر، وصار من المستبعد أن يفترقا وبخاصة بعد مجيء عدد من الأطفال لا ذنب لهم.
والسؤال هنا هل يموت الحب؟
بعض الأزواج والزوجات يظنون أن الحب في حياتهم الزوجية قد اغتاله القدر والظروف، ويستسلمون إلى الحالة التي وصلوا إليها، وتمضي سنون كثيرة وهم على هذه الحال.
يظنون أن الحب انفعال وتأثر، وطالما أنهم لا يشعرون به فإنه لا مجال لفعل شيء لإنقاذه.
ويجعلون الذنب ذنب الطرف الآخر الذي لم يبق محبوباً كما كان من قبل، وإن كان هنالك ما يمكن فعله فهو واجب الطرف الآخر وعليه وحده تقع المسؤولية، وهو وحده عليه أن يتغير ليعود محبوباً كما كان.
أما الأزواج والزوجات الأكثر قدرة على فهم نفسية الإنسان فيعلمون أن الحب فعل إرادي وقرار يتخذه المحب وليس انفعالاً سلبياً يكون فيه المحب متأثراً، لا قدرة له على المقاومة.
أسس الحب في الحياة الزوجية
يقوم الحب على أساسين هما: الإعجاب والامتنان، والإعجاب هو الانفعال، وهو الشعور الذي لا يد لنا فيه، إذ نحن مفطرون على الإعجاب بمن تتجسد فيه الصفات والخصال التي نراها مثالية ونقدرها كثيراً، أما الانتقال من الإعجاب إلى الحب فإنه فعل إرادي، وبأيدينا أن نحب (حب الرجل للمرأة، وحب المرأة للرجل)، ذاك الذي أعجبنا به، وبأيدينا أن نبقي في مرحلة الإعجاب إن كنا نعتقد أن حبنا لهذا الشخص أمر غير متناسب مع ظروفنا وسيكون شيئاً يصعب عيشه بكل مقتضياته وبكل ما يترتب عليه عادة، أو إنه حب لا حاجة لنا به إذ لدينا محبوب آخر ملأ علينا دنيانا العاطفية، فاستغنينا به عن غيره.
والامتنان هو الدافع الثاني للحب والمقصود هنا امتنان المحب للمحبوب على ما تلقاه منه من خير يلبي رغبته وحاجته، لكن هنالك اختلاف بين الحب المتولد من الإعجاب والحب المتولد من الامتنان.
الحب المتولد من الإعجاب يكون رومانسياً، أما الحب المتولد من الامتنان فهو حب هادئ سماه علماء النفس (حب الصحبة) وفي الحياة الزوجية يمهد الحب الرومانسي الطريق لحب الصحبة الذي يدوم عادة حتى النهاية.
برود الحب الزوجي
برود الحب في الحياة الزوجية علاجه أن يحب كل من الزوجين الزوج الآخر من جديد، نعم الحب فعل إرادي لكن الكثير من الأزواج والزوجات الذين هم في حالة برود وفتور عاطفي في حياتهم الزوجية يجدون صعوبة في أن يحبوا الطرف الآخر من جديد حتى لو أرادوا ذلك وحاولوه، إن قلوبهم لا تطاوعهم في ذلك، وإذا حال شيء بين المرء وقلبه، فقد الإنسان قدرته على توجيه مشاعره الوجهة التي يريدها.
لكن ما الذي يمكن أن يشكل جداراً يحول بين الإنسان وبين أن يحب من يريد حبه وبخاصة في الحياة الزوجية؟
إن الحائل إما أن يكون إصابة شديدة في الإعجاب حولته إلى نفور، وإما أن يكون إصابة في الامتنان حولته إلى غيظ وغل وعداوة مخبوءة أو ظاهرة، وهذا يعني أن إزاحة العوائق من وجه الحب بين الزوجين تقتضي التخلص من النفور والتخلص من الغيظ والغل والحقد والعداوة قبل أن يكون بمقدور الزوجين أن يحب أحدهما الآخر.
الحوار الزوجي
والمشكلة في الحياة الزوجية تكون في كثير من الأحيان في جهل كل من الزوجين بما ينفر الزوج الآخر منه أو بما هو سبب الغل والحقد والعداوة لدى الطرف الآخر نحوه، وهذا يعني أنه قبل كل شئ لا بد من جلسة أو أكثر بين الزوجين يستمع فيها كل منهما إلى الآخر استماع من يريد أن يفهم وجهة نظر الآخر ليرى: لعل الحق معه فيها، وليس استماع من يريد الدفاع عن نفسه ورد التهم عنها، وإثبات أنه ليس مخطئاً وأن كل الخطأ هو خطأ الطرف الآخر، إذ في هذه الحالة تنعدم المحاولة لفهم الطرف الآخر، وبالتالي يستحيل أن يفهم كل منهما الآخر، وبالمقابل فإن على كل من الزوجين عندما يحكي للآخر شكواه أن يتجنب لوم الآخر، وأن يتجنب اتهام الآخر، إذ الهدف من بث الشكوى إنما هو جعل الآخر يفهم معاناة الأول، ويدرك دوره فيها كي يغير من نفسه أو من سلوكه، حتى تنتهي هذه المعاناة، وليس الهدف محاكمة الطرف الآخر، ومعاقبته على ما ارتكبه في حق صاحب المعاناة ويتم ذلك بأن يقول صاحب الشكوى للآخر: عندما فعلت كذا وكذا شعرت أنا بكذا وكذا، وهذا أسلوب يحقق التعبير عن المشكلة دون الاتهام واللوم للآخر، إذ الاتهام واللوم يجعل الآخر دفاعياً وليس مستمعاً يريد الفهم.
إن هذه المصارحة في إطار من الرحمة، كثيراً ما تحقق التغيير، فيقوم الطرف الآخر بتغيير ما يستطيع تغييره في نفسه كي يستعيد بعض إعجاب الزوج الآخر به، ويقوم بتغيير سلوك سلوكه.
طرق لعلاج الملل بين الزوجين
هناك دراسات علمية أثبتت أن الروتين يصيب الزوجين بالتوتر والضيق النفسي، مما يؤثر على الحياة الزوجية بأكملها، ومن المفترض ألا يكون في الحياة الزوجية ملل بالمعنى المعروف للملل، قد يكون هناك فتور في العلاقة، ولكن لا تصل لحد الملل أبداً، فتسرب الملل إلى العلاقة الزوجية مؤشر خطير للغاية، ولابد إذا شعر أحد الزوجين أن الطرف الآخر ملَّ منه أو من العلاقة التي تربطه به، فلا بد أن يبدأ بالتحرك سريعاً للقضاء على هذا الملل بكل الطرق والوسائل الممكنة.
من كلام المستشار الأسري والتربوي المعتمد والمدرب الدولي «أحمد سليمان النجار» ليحدثنا عن حل ذلك أن الملل سيكون أول خطوة نحو تفكير أحد الزوجين بحياة بديلة -ولو بالسر- ليقضي على هذا الملل، كما أن الملل قد يمتد إلى جوانب الحياة الزوجية المختلفة، وقد يتطور إلى كره –لا سمح الله- فيدمر الحياة الزوجية كلها!.
• ومن الحكمة أن نتخذ خطوات وقائية لمنع تسرب الملل من البداية قبل حدوثه فيصعب حله ومن تلك الخطوات الهامة:
1. ممارسة أنشطة خارج المنزل وداخله، وتكون متنوعة ولها أهداف واضحة، مثل ممارسة الرياضة بأنواعها.
2. إيجاد نقاط التقاء فكرية والبحث فيها والنقاش والحوار الصحي.
3. إيجاد برامج مستقلة لكل منهما يمارسها كل زوج لوحده داخل أو خارج المنزل.
4. التغيير المستمر في عناصر الحياة الزوجية، كتغيير الحجرات أو أماكن الأثاث والأجهزة.
5. الحرص على مراعاة رغبة كل طرف في السكوت والاختلاء بنفسه، والسماح له بذلك إذا كان في حدود الطبيعي.
6. الحرص على اختيار مواضيع الحوار والنقاش، والبعد عن الأمور التي لا يجد أحد الأطراف ميلاً للحديث فيها.
7. كما لابد أن يبتعد الزوجان عن تكرار المواضيع، ويشارك كل طرف الطرف الآخر في المواضيع والبرامج التي يحبها قدر المستطاع.
8. لابأس - أحياناً - من وجود ما يُسمى بالإجازة الزوجية ضمن شروط وضوابط وفترة معينة..
اضافةتعليق
التعليقات