بين ثنايا آيات القران الكريم تطالعنا أسماء وأوصافا لجنات عديدة كجنات النعيم والخلد والفردوس وعدن وغيرها، كما يذكر فيها نعيم الآخرة بشتى أنواعه وصنوفه، لكن ثمة جنة من الجنات ذكرت بأوصاف خاصة جدا أكثر من مرة ميزتها عن غيرها من الجنان وهي (جنات عدن).
ذكرت جنات عدن في القرآن الكريم في تسع سور وهي بالترتيب:
١- سورة الرعد
《جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)》.
٢- سورة النحل
《جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ (31)》.
٣- سورة الكهف
《أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)》.
٤- سورة مريم
《جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61)》.
٥- سورة طه
《جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76)》.
٦- سورة فاطر
《جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33)》.
٧- سورة ص
《جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (50) مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (51) وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ (52) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (53) إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (54)》.
٨- سورة غافر
《رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8)》.
٩- سورة البينة
《جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)》.
وورد في تفسير كلمة (عدن) في العديد من التفاسير أنها جنات الاستقرار، ذكر السيد الطباطبائي في ذلك (عدن بمكان كذا إذا استقر فيه ومنه المعدن لمستقر الجواهر الأرضية وجنات عدن أي جنات نوع من الاستقرار فيه خلود وسلام من كل جهة)(١)
وبتأمل بسيط في الآيات التي ذكرت (جنات عدن) نستطيع أن نستخلص لها عدة صفات مهمة تميزها عن غيرها من الجنان تارة وصفات تشترك فيها مع غيرها من الجنان تارة أخرى، ومن هذه الصفات:
١- جنات عدن هي وعد الله للمؤمنين (وسيأتي ذكر من هم هؤلاء المؤمنون) وكان وعده مأتيا وذكر هذا الوعد الإلهي في موضعين سورة مريم وسورة غافر.
٢- جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم كما ذكر في سورتي الرعد وغافر.
٣- أبواب جنات عدن مفتوحة لهم ويدخلون الملائكة عليهم من كل باب كما ورد في سورتي ص والرعد.
٤- جنات عدن تشترك مع غيرها من الجنان بأنها تجري من تحتها الأنهار كما ذكر في سورة النحل والكهف وطه والبينة.
٥- في جنات عدن يحلون فيها أساور من ذهب ولباسهم فيها أخضر اللون من الحرير والسندس الاستبرق كما في سورة الكهف وفاطر.
٦- لهم فيها من النعيم المقيم ما يشاءون ويتكئون فيها على الأرائك (كناية عن الراحة) ولهم فيها فاكهة كثيرة وشراب وعندهم قاصرات الطرف أتراب كما في سور النحل والكهف و ص.
٧- الخلود في جنات عدن كما في سورة طه والبينة.
٨- يستفاد من سياق الآيات السابقة واللاحقة لآيات جنات عدن في إن من يدخلها من المؤمنين هم الذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وانفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة والذين اتقوا والذين آمنوا وعملوا الصالحات وأحسنوا عملا ومن تزكى والذين اصطفى الله من عباده السابقون بالخيرات بإذن الله والذين تابوا واتبعوا سبيل الله.
كما ورد في حديث عن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (عدن دار الله التي لم ترها عين، ولم يخطر على قلب بشر، لا يسكنها غير ثلاثة: النّبيين، والصّديقين، والشّهداء).
وفي كتاب الخصال نُقل عن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: «من سرّه أن يحيا حياتي، ويموت مماتي، ويسكن جنتي التي واعدني الله ربّي، جنات عدن... فليوال علي بن أبي طالب (عليه السلام) وذريته (عليهم السلام) من بعده".
ويتضح من هذا الحديث أن جنات عدن حدائق خاصة في الجنة سيستقر فيها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وجماعة من خلص أصحابه وأتباعه.(٢)
وبلحاظ ما تقدم فإن لجنات عدن خصوصيات عديدة لا تتوفر في غيرها من الجنان، رزقنا الله وإياكم المقام والخلود فيها.
اضافةتعليق
التعليقات