يأتي هذا العام اليوم العالمي للصحة النفسية الذي يُقام في 10 تشرين الأول/ أكتوبر، في وقت تغيرت فيه حياتنا اليومية تغيراً كبيراً نتيجة لجائحة كوفيد-19.
وقد جلبت الأشهر الماضية معها العديد من التحديات بالنسبة إلى العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يقدمون الرعاية في ظروف صعبة ويذهبون إلى العمل وهم يخشون من حمل كوفيد-19 معهم عند عودتهم إلى المنزل؛ والطلاب الذين اضطروا إلى التكيّف مع حضور الدروس في المنزل، والتواصل بقدر محدود مع المعلمين والأصدقاء، وشعروا بالقلق على مستقبلهم؛ والعمال الذين تتعرض سبل عيشهم للخطر؛ والعدد الهائل من الأشخاص الذين وقعوا في براثن الفقر أو الذين يعيشون في بيئات إنسانية هشة ويفتقرون إلى الحماية من كوفيد-19؛ والأشخاص المصابين بالحالات الصحية النفسية ويعاني العديد منهم من العزلة الاجتماعية أكثر من ذي قبل، ناهيك عن هؤلاء الذين يواجهون الحزن على رحيل شخص عزيز لم يتمكنوا في بعض الأحيان من وداعه.
في كل عام يضع 703000 شخص نهاية لحياته، وبيد أن أرقام حالات محاولات الانتحار أكبر من ذلك بكثير. وتخلف كل حالة انتحار مأساة تؤثر على الأسر والمجتمعات والبلدان بأكملها وتترتب عنها آثار طويلة الأمد على ذوي الشخص المنتحر. ويحدث الانتحار في أي مرحلة من مراحل العمر، وقد صنف في عام 2019 رابع أهم سبب للوفاة بين من تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً على الصعيد العالمي ولا يحدث الانتحار في البلدان المرتفعة الدخل فحسب، بل هو ظاهرة تحدث في جميع أقاليم العالم. والواقع أن أكثر من 79% من حالات الانتحار العالمية في عام 2019 حدثت في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
والانتحار مشكلة خطيرة من مشاكل الصحة العامة بيد أنه يمكن تفاديه عبر تدخلات آنية مسندة بالبينات عادة ما تكون منخفضة التكاليف. ولضمان فعالية الاستجابة الوطنية، يتعين وضع استراتيجية شاملة متعددة القطاعات للوقاية من الانتحار، كما صرحت منظمة الصحة العالمية.
بات الانتحار شكلاً من أشكال الموت الذي لا يمكن غض البصر عنه خاصة عند فئة المراهقين ذلك لكمية الهشاشة النفسية التي تُعتبر من المصطلحات الحديثة في علم النفس، وتُعرّف بأنها شكل من أشكال الاضطراب النفسي، وهي عبارة عن حالة من الرقّة المبالغ فيها، وسرعة الانكسار في مواجهة التحديات المختلفة، فالشخص الذي يعاني من الهشاشة النفسية يرى معظم التحديات تهديدًا، وليست جزءًا من حياته، ويعدها استثناءات، تحتاج إلى إجراءات استثنائية، وتقتضي التوتر، والخوف، ولا يعي الأشخاص من هذا النوع أن الحياة اختبار، لا سعادة كاملة فيها، ولا راحة؛ ومن ثم، فإن هذه الحالة الشعورية تجعله يؤمن بأن مشاكله أكبر من قدرته على التحمّل؛ فيشعر بالانهيار، ويظل حبيس الأفكار السلبية، التي يعطيها أكبر من حجمها الحقيقي؛ مما يزيد من الإنهاك، والضغط النفسي عليه.
كثرة الدلال من قبل الأهل خاصة في الوقت الحالي يؤدي إلى انتاج أولاد معاقين فكرياً الذي بدوره يولد ويعزز النرجسية ـ النرجسية هي مصطلح مشتق من أسطورة يونانية، ملخصها أن الإنسان يحب نفسه بطريقة مبالغ فيها، فهي حب مفرط للذات، وتركيز مفرط على الذات ـ ففي قوقعة السوشيال ميديا الجميع يدور في فلك (أنا)، وليس أي شيء آخر، وقدر المشاركة، والتفاعل مع حسابك الشخصي هو ما يحدد هويتك، وأنت لا تريد شيئا سوى الإعجاب بك، والتفاعل الإيجابي مع ما تنشره.
يقول الأستاذ في جامعة جورجيا الأمريكية (ويليام كامبل) في كتابه (وباء النرجسية): إن الإنترنت سمح للعامة أن يأخذ شعار (عبر عن نفسك) إلى مراحل جديدة تماما، عبر المدونات الشخصية، وصفحات الفيس بوك، وتسجيل الفيديوهات كل هذا التعبير عن الذات ربما يكون طبيعيا إذا كان هذا التعبير ذا فائدة، ولكننا نعلم أن هذا ليس حقيقيا، فكلنا نعرف أناسًا يعبرون عن أنفسهم، ويتكلمون؛ لأنهم يريدون أن يفعلوا ذلك؛ لا لأنهم يساهمون بتقديم شيء نافع، ذلك كما جاء في موقع الحوار المتمدن.
وتتعدد الأسباب التي تؤدي للهشاشة النفسية ويمكن التعرف على أهمها:
هيمنة التفكير العاطفي بدرجة كبيرة والذي يحيد عن التفكير العقلاني فتكون إدارة كثيرة من أمور الحياة بناء على المشاعر فقط دون محاولة رؤيتها من زوايا متعددة مما يجعل من ينتمي لهذا النوع من التفكير أن يكون متقلب المزاج وكثير الصدمات فالحياة تحمل الكثير من المفاجآت غير المتوقعة.
ومن لم يفهم طبيعة الحياة ويفكر فيها بشكل عقلاني واقعي فإنه حتماً سيصاب بصدمات متتالية من الفقد والتغير لما يحب ولمن يحب والمنع لمرغوبات وتغير الأحوال بشكل مستمر. وذلك يصيبه بصدمات مؤلمة تترك أثرها على نفسه.
إن ملازمة البحث في الذكريات الماضية وتفحص المشاعر فيها وتقليب المواجع والأحداث المزعجة دون الاستفادة من تجاربها ينتج الضعف والهشاشة النفسية لأنها تجعل من هؤلاء الباحثين عن الذكريات أسارى للمشاعر السلبية ولوم الذات وإسقاط المشكلات على الآخرين بدلاً من استنباط خلاصة تعليمية من التجربة تمكنهم من إدارة حياتهم المواقف المستقبلية بشكل أفضل.
الحساسية الشديدة سواء الشخصية بأخذ المواقف والتفاعل الاجتماعي بمحمل شخصي في الكثير من المواقف. وكذلك تجاه الأحداث وتفسيرها من منطلقات اعتقادات ومرجعيات سلبية ذاتية، وذلك كما ذكر موقع إشراقة نفسية.
اضافةتعليق
التعليقات