تُرى ما سر ارتباط علي بلية القدر، ليلة القدر التي تُقدر بها احوال العباد، والتي لم يدركوا عظمتها ولم يعلموا ما هي؛ "ما أدراك ما ليلة القدر".
وعلي هو الفيصل بين الكفر والايمان من قال عنه رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم -:
"عليّ حبه إيمان، وبغضه نفاق". ابن المغازلي 67 - الخوارزمي 236 - فرائد السمطين.
وقال: "عليّ الفاروق بين الحق والباطل" مستدرك الصحيحين للحاكم النيسابوري 3 / 132 - مسند احمد 1 / 331 - ينابيع المودة 92..
ومما قال في فضله أيضاً: "عنوان صحيفة المؤمن: حب عليّ." المناقب لابن المغازلي 243 - تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 4 / 410 - الجامع للسيوط 2 / 145.
فعلي لا يعرفه إلا الله والرسول كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: "يا علي لا يعرف الله إلا أنا وأنت ولا يعرفني إلا الله وأنت ولا يعرفك إلا الله وأنا".
اقترن ذكره مع بداية ليالي القدر المجهول وقتها كما مجهول قدر المولى علي، الليالي التي نزل فيها القرآن وعلي لا يفارق القرآن وهو القرآن الناطق، يقول الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم: عليّ مع القرآن، والقرآن مع علي. البخاري 5 / 19 - مسلم 2 / 360 - الترمذي 5 / 304 - مستدرك الصحيحين للحاكم النيسابوري 3 / 109 - ابن ماجة 1 / 28 - مسند أحمد 3 / 328.
وقال – صلى الله عليه وآله وسلم: "علي أعلم الناس بالكتاب والسُّنّة".
فهو العالم بتأويل آياته وأحكامه وهو حامل علم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، من لم يفارق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم منذ أن شع نوره في الكعبة وحتى فارق الرسول هذه الحياة التعيسة فلقد أخذ عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كل شيء، فكان يتبعه كما يتبع الفصيل أثر أمه.
روي عن الأصبغ بن نباتة أنَّه قال: لمَّا بويع أمير المؤمنين علي (عليه السلام) بالخلافة، خرج إلى المسجد فقال: (سلوني قبل أن تفقدوني؛ فوالله إنَّي لأعلم بالقرآن وتأويله من كل مُدَّعٍ علمه، فو الذي فلق الحبَّة وبرأ النَّسَمة لو سألتموني عن آية لأخبرتكم بوقت نزولها وفيمَ نزلت).
ولكن هيهات لم يعرفوا قدره، ولم يدركوا علمه وعظمته، لم يعوا ولم يستوعبوا ما أشار اليهم به، فلم يستغلوا الفرصة ويستفيدوا مما عنده فخسروه وتاهوا وضيعوا العلم الحق.
عن ابن مسعود أنَّه قال: (إنَّ القرآن أنزل على سبعة أحرف، ما منها حرف إلاّ وله ظهر وبطن، وإنَّ عليَّ بن أبي طالب (عليه السلام) عنده من الظاهر والباطن .(الإتقان، 4 / 233.
وقال عبد الله بن عباس: "والله، لقد أُعطي علي بن أبي طالب (عليه السلام) تسعة أعشار العلم، وأيُم الله لقد شارككم في العشر العاشر". ينابيع المودة، 69.
قال ابن أبي الحديد: أنَّ علياً (عليه السلام) كان الوحيد الذي حفظ القرآن على عهد رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): (اتفق الكل على أنّه كان يحفظ القرآن على عهد رسول الله ولم يكن غيره يحفظه، ثمَّ هو أول مَن جمعه). شرح نهج البلاغة، 1 / 27 .
وكما أُكد في ليلة القدر على الذكر والعبادة وزيادة المعرفة، كذا ذكر علي عبادة.
قال النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: "عليّ ذكره عبادة، والنظر إلى وجهه عبادة".
مستدرك الصحيحين للحاكم النيسابوري 3 / 123 - كنز العمال 6 / 156 - الطبراني - ابن المغازلي 240، 278 - الخوارزمي 62.
لذا اقترنت ليلة القدر بذكر علي عليه السلام واستذكار مظلوميته والتحسر لفقده.
كما اقترنت ليلة القدر بمولاتنا فاطمة الزهراء فمن عرفها فقد ادرك ليلة القدر، كيف وقد دارت على معرفتها القرون الاولى فهي كعلي جُهل قدرها وعظمتها، في ليلة القدر (يفرق كل أمر حكيم)، ومولاتنا الزهراء فيصل بين الحق والباطل، بين رضا الله تعالى وغضبه، الحاكم النيسابوري في (المستدرك) (ج 3 ص 153 ط حيدر آباد الدكن) قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لفاطمة: إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك.
فالزهراء كفؤ علي حتى في المعرفة والعظمة، لو لم يخلق عليّ لم يكن لفاطمة كفوٌ. كنوز الحقائق، ص124.
فما أجلّ هذا الارتباط علي والزهراء وليلة القدر، قال أبو عبد الله الصادق(ع): (إنا أنزلناه في ليلة القدر) الليلة فاطمة، والقدر الله، فمن عرف فاطمة حق معرفتها فقد أدرك ليلة القدر، وإنما سميت فاطمة، فاطمة لأن الخلق فطموا عن معرفتها. بحار الأنوار ج 43 ص 65 ب 3 ح 58.
فليلة القدر خير من ألف شهر وفاطمة خير نساء الاولين والآخرين من يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها.
وعلي قال عنه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: عليّ قسيم الجنة والنار.
(ما ادراك ما ليلة القدر) نعم فمن يدركها وقد ارتبطت معرفتها بالزهراء وعلي صلوات الله وسلامه عليهما وقد تحيرت في معرفتهم الأفهام وعجزت عن ادراك عظمتهم العقول.
فصار افضل الادعية في ليلة القدر وغيرها الدعاء لتعجيل فرج المولى المهدي المنتظر عليه السلام وعجل الله تعالى فرجه الذي بفرجه يكشف الحقائق وينشر الحق والعدل ويُفهمنا مالم نفهمه..
عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة: "نبينا خير الأنبياء وهو أبوك، وشهيدنا خير الشهداء وهو عم أبيك حمزة، ومنا من له جناحان يطير بهما في الجنة حيث شاء وهو ابن عم أبيك جعفر، ومنا سبطان هذه الأمة الحسن والحسين، وهما ابناك، ومنا المهدي". أخرجه الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه الصغير.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لتملأن الأرض عدواناً ثم ليخرجن رجل من أهل بيتي يملأها قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وعدواناً .أخرجه الحافظ أبو نعيم، في صفة المهدي.
"اللهم إنّا نشكو إليك فقد نبينا، وغيبة ولينا، وشدة الزمان علينا، ووقوع الفتن بنا".
اضافةتعليق
التعليقات