في إحدى الليالي الاعتيادية، بينما كان التلفاز على إحدى القنوات التلفزيونية يبث برنامج مسابقات يتناول من خلاله أسئلة تم الإجابة عنها من قبل شريحة معينة من النساء عن طريق الاستيبان، كان من إحدى الأسئلة التي قيدت تركيزي على البرنامج هو كم تحبين أن تكون نسبة علاقة زوجك مع أمه من واحد إلى عشرة؟، فتظهر نتائج الاستبيان على الشاشة وتصدم الجمهور إذ إنها كانت سبعة من عشرة، أربعة من عشرة، واحد من عشرة، وحتى صفر من عشرة، أي تحب المرأة أن لا توجد أية علاقة اطلاقا بين زوجها وأمه!.
وبدأ المقدم يمدح المشاركة التي كان جوابها عشرة من عشرة على أنها (بنت أصل) لأنها تود أن تكون العلاقة بأوج قوتها بين زوجها وأمه وهذا عكس ما أتت به النساء الأخريات من خلال الاستبيان الذي قام به البرنامج.
ولكن، لو طرحنا هذا الأمر بواقعية ودرسنا نفسية النساء اللاتي أجبن على الاستبيان وكان في ودهن أن تكون العلاقة سطحية أو شبه منعدمة بين أزواجهم وأمهات ازواجهم لعرفنا السبب الأساسي الذي أدى بهن إلى هذا الخيار.
لأن نتيجة الاستبيان تعتمد على طبيعة علاقة الزوجة مع زوجها من جهة وعلاقة أم الزوج بالزوجة من جهة أخرى.
فمثلا لو كان الرجل يتودد لأمه ويهتم بها بطريقة خاصة ويحاول أن يلبي جميع طلباتها وفي المقابل يهمل زوجته ويهينها أو يقلل من شأنها ولا يهتم للأمور التي تخصها بالتأكيد هنا ستتمنى الزوجة أن تكون العلاقة منعدمة بين زوجها وأمه.
كذلك ينطبق الأمر على الرجال الذين يظلمون زوجاتهم ويدافعون عن أمهاتهم عند حدوث مشكلة معينة بين الزوجة وأم الزوج، بالتالي هنا ستنزرع بذرة الكره وتتمنى الزوجة أن يقطع زوجها علاقته بأمه التي تكون سببا مباشرا للمشاكل التي يأخذ فيها الزوج دور الظالم ويتخاصم مع زوجته ومن الممكن حتى أن يمد يده عليها في سبيل رضا أمه.
وأما بالنسبة لعلاقة أم الزوج مع الزوجة أي (العمة والكنة) مهما كانت العلاقة طيبة وسلمية بينهم كانت المحبة أكبر وعكست ذلك على ود الزوجة بأن تكون العلاقة جيدة بين زوجها وأمه لأنها في النهاية تحب الطرفين وعلاقتها على وجه الخصوص جيدة مع الأم، ولكن كلما كانت العلاقة متشنجة ومليئة بالمشاكل والخصام كلما لف الكره على العلاقة وخلق نوع من أنواع الفجوة بينهم وبالتالي الزوجة ستكره أم زوجها ولن تحب أن تكون هنالك علاقة جيدة بين زوجها وأمه التي تكرهها هي!، والعكس كذلك.
إذن منبع المشكلة لم يأت من هواء، والموضوع ليس له علاقة بأنانية الشخص بل على ما شاهد في حياته من تصرفات الاخرين التي جعلته يأخذ موقفا حازما معهم سواء بالسلب أو الايجاب.
فربما لو تطرقنا إلى حياة تلك الزوجة التي أشارت إلى الصفر في مستوى العلاقة بين زوجها وأمه ربما وجدنا مأساة عظيمة تكمن خلف هذه العلاقة من المشاكل والظلم وما مسها من معاناة مع هذه المرأة او حتى زوجها.
فالبيوت أسرار، وللقلوب خفايا، وتبقى هذه الحياة محطة عبور من الجيد أن يترك الانسان فيها أثرا طيبا يذكر له بعد وفاته، وكسر القلوب وافتعال المشاكل سواء كان من الزوج أو الزوجة أو أم الزوج او أي شخص اخر على هذا الوجود لن يزيد الانسان الاّ شقاء، بل ويثقل من حمل ذنوبه التي سيأخذها معه إلى دار مقره، فالمحبة هي أسلوب الحياة التي من خلالها نكسب بها رضا الله بالمرتبة الأولى وثم قلوب الاخرين التي أيضا تصب في مصب الله.
اضافةتعليق
التعليقات