حواء, منذ نعومة أظفارها وهي تتقن دور الأمومة بألعابها الصغيرة, فتعمل على تنشِئة أسرة متكاملة في عالمها الخيالي, وما أن تكبر حتى يكبر هاجس دور الأم معها, ليكون هدفها الأول حين دخولها القفص الذهبي.
ولكن, هل بمقدور كل النساء أن يحملن تلك الصفة التي تتوق لها قلوبهن؟
وإن فشلت, كيف ستواجه المجتمع حينما يُشار إليها بالبنان, انها عاجزة, انها عقيم, انها ارض بور!.
كان لـ ( بشرى حياة) هذا الاستطلاع حول ما تعانيه (زوجات بلا أطفال):
توق وشوق
يتوق قلبي لسماع كلمة (ماما)، بهذه الجملة استهلت (غفران حسين) حديثها ثم تابعت قائلة: "عشر سنوات مضت وما زال العمر يمضي وأنا اغوص بشعور النقص ونظرات الشفقة التي يواريها زوجي عني, خوفا على مشاعري".
وأضافت: "وبعد اصرار مني وافق على تربية ابنة أخيه وهي الأخرى ابنة أختي, لإشباع غريزة الأمومة التي أصبحت تشكل عقدة حياتي, لكن الأمر لم يعوضني النقص والحرمان, فشعور الأمومة من أسمى المشاعر التي لا يمكن أن تعوض".
فيما وافقت (نجوى) وهو اسم مستعار بزواج زوجها بامرأة أخرى, بعد محاولات باءت بالفشل في إنجاب طفل عن طريق العلاج والتلقيح المجهري وحتى الزرع, فارتأت أن تكون لها ضرة برضاها بدل أن يجبرها الواقع بذلك فيكون نبأ زواجه صدمة أخرى تتلقاها من بعد صدمتها الأولى بعجزها عن الإنجاب.
غير أنها لازلتُ حبيسة أمنيتها بأن يكون لها طفلاً يناديها؛ ماما.
من جانبها قالت (فاطمة عيسى)/ مهندسة: " لم أتمكن من إخفاء شعوري بالضجر عند رؤية قريناتي يحملن أطفالهن أو سماعي أن إحدى صديقاتي حامل وأنا عاجزة عن تحقيق ذلك، فأحاول جاهدةً أن تسير حياتي بصورة طبيعية, بين انشغالي بوظيفتي إضافة إلى أعمال المنزل اليومية، ورغم هذا تبقى هناك غصة في قلبي خصوصاً عندما يتحدث زوجي عن مدى رغبته في الإنجاب وشوقه لتجربة شعور الأبوة".
وأضافت قائلة بأسى: "ما نقاسيه أنا وزوجي مؤلم بعض الشيء, لكن الأشد ايلاماً هو قسوة المجتمع, وكأننا لا نستحق العيش لأننا لم نرزق بالذرية, وحينما أتواجد في المناسبات تنهال الأسئلة التي تثير شجوني, كما هو حال زوجي, حيث يقولون له دائما: (لمن تعمل وتجمع المال, لا يوجد من يحمل اسمك أو يرث كل هذا!)، أصبحت أخشى كلام الناس ومدى تأثيره على زوجي وحياتي الزوجية, رغم أن الفحوصات الطبية أكدت سلامتي مما يمنعني من الإنجاب".
الجوانب النفسية
إن غريزة الأمومة جانب من التكوين النفسي وإمتداد لذات المرأة كما هو بالنسبة للرجل.
وقد أكدت دراسة أجراها اخصائيو علم الاجتماع, على اهمية الدور الذي يلعبه الزوج من خلال منح زوجته شعوراً بأهميتها بصرف النظر عن عدم قدرتها على الإنجاب ليخفف من الوطأة النفسية عليها.
ومن أولى خطوات النجاح في عبور الأزمة وتخطيها تكمن في تقبل الواقع والتكيف معه, والرضا بقضاء الله.
وبهذا الجانب حدثتنا أخصائية علم النفس نور الحسناوي قائلة: "ترتبط غريزة الأمومة بشعور المرأة بانها أنثى متكاملة لا ينقصها شيء, وهذا شعور لا إرادي إذ يدخل ضمن تكوي المرأة الجسماني والعاطفي".
وأضافت: "إن المجتمع الشرقي يمنح المرأة صورة نمطية باعتبارها خلقت للحمل والإنجاب فقط, وهو ما يحرم المرأة العاقر لأثبات ذاتها, والمتمثل بإنجاب الاطفال, فيجعلها ذلك ضحية للتوتر والاكتئاب".
وتشير الحسناوي: "إلى ضرورة علاج المرأة نفسيا, قبل خضوعها لعلاج طبي من العقم, لأن الحالة النفسية تؤثر على الاستجابة للعلاج وتؤخره كثيرا, وقد ساهم الطب الحديث بزرع الأمل في نفوس العديد من النساء, من خلال أطفال الأنابيب والحقن المجهري, وغيرها من التقنيات الطبية الحديثة, إلا أن هناك نماذج أخرى تعجز تماما عن ذلك, إما بسبب عجز الزوجين عن دفع تكاليف العلاج, أو تقدم المرأة في السن, فتقنع المرأة نفسها بأن البقاء دون أطفال أفضل بكثير من إنجاب طفل مريض أو معاق, وبرغم الاكتساح الطبي الذي يشهده عصر الحضارة, إلا إن إرادة الله تبقى فوق كل شيء, وإن أراد أن يقول لشيء كن فيكن, فلربما بعد أن تقضي المرأة رحلة صبر طرزها القدر لها, تنال مبتغاها ويرزقها الله بالذرية الصالحة, وكثيرا ما شهد العالم حالات مماثلة".
اضافةتعليق
التعليقات