خلال هذه الأيام أصبحنا نسمع عن حالة انتحار زوجة بسبب الزواج عليها بثانية، وقد شاعت هذه الظاهرة وتكررت مؤخرًا عند النساء بخصوص هذا الأمر تحديدًا؛ مما أثار الاستغراب والاستياء بل وحتى السُخرية في التعليق والنقد اللاذع المتداول بين غالبية المجتمع عمومًا بشأن هذه القضية..
فمن غير المنطقي والمعقول أن يصل الحال لإرتكاب جريمة بحق النفس وقتلها عمدًا بقرار لا يُعرف كيف أُتخذ وما حقيقة دوافعه وهل يستحق الأمر ذلك؟!
هذا وقد أجرى موقع -بشرى حياة- استطلاع رأي سأل فيه: ما الذي يجعل الزوجة تقدم على الانتحار بسبب الزواج بأخرى؛ وما هو رأيك بذلك؟
نائل الركابي قال: برأيي الشخصي لا ألومها على الانتحار، وبنفس الوقت لست مؤيدًا لفعلها، لكنها من البشر والبشر أغلب افعاله وسلوكياته مناطة بالعاطفة خصوصا عند النساء ولا يمكن السيطرة عليها مهما بلغت من القوة..
وأضاف الركابي: انتحار الزوجة بسبب زواج أخرى فعل غير صحيح، بالإمكان إيجاد حل آخر، إن كانت معارضة ممكن طلب الطلاق أو ممكن طلب سكن منفرد أو أمور أخرى من الحلول المتعارف عليها؛ بل هناك حالة أنا شخصيًا شهدتها وليست انتحار وإنما طليقة التجأت إلى "السحر" وقتلت ابنة طليقها الذي تزوج عليها رغم أن الطلاق كان بموافقتها، لكن تعلُق قلبها بزوجها جعلها تلتجئ إلى أمور السحر والشعوذة وراحت الضحية طفلة لها من العمر ثلاث سنوات! ولم تكتفِ بذلك فقد جعلت البيت ينام ويستيقظ على الكوابيس والخلافات والمشاجرات بين الزوجين لكن تم علاج الموضوع مؤخرا بعد ارشادي له ومساعدته ولله الحمد استقرت الأمور..
بيداء علوان أجابت قائلة: الانتحار كان صدمة عنيفة لهذه الزوجة فإن عقلها لم يستوعب تصرف الشريك، وان وعي وثقافة الناس تختلف بحسب البيئة والتربية وظروف الحياة فلا نستطيع أن نحكم بحكم واحد على كل المنتحرات طبعًا؛ ثم التي تفكر بهذا أكيد يكون عقلها والمنطق لديها حينها في غفلة كبيرة، ثم من منا لا يعرف أن الانتحار وقتل النفس اثم عظيم؛ لكن شِدة الصدمة قد تُعمي البصيرة!.
تركي آل جبر أجاب: لحالة انتحار الزوجة أسباب عديدة قد تكون بعضا منها أو مجتمعة معًا؛ أولها البعد عن الله حيث لايجوز الانتحار وقتل النفس حرام..
ثانيا: ظلم الزوج والمجتمع لها حيث ان الأعراف والمجتمع سيجعل منها أضحوكة، وحسب ظنهم إن فيها نقصًا أو عيبًا ولهذا تزوج عليها! والسبب الآخر قد يكون حبها الشديد له يمنعها من أن تشاركها امرأة أخرى بزوجها!.
نادرة الخالدي تقول: أعتقد السبب هو قلة الايمان وضعف أو خلل بشخصية المنتحرة، لأن الله أوصانا بحرمة قتل النفس، كما يلعب الجهل وقلة الثقافة دورًا أساسيًا ومهمًا في حدوث مثل هذه الحالات، فمهما كانت الصدمة قوية سيكون حلها بسيطا مثلاً بطلب الطلاق أو الابتعاد لفترة حتى تهدأ النفوس أو البحث عن حل آخر غير الموت!.
وإن أكثر الذين يقدمون على الانتحار تكون ظروفهم قاسية وقد تكون هناك تراكمات نفسية مؤلمة لديهم من تجارب سابقة أو صدمات بصورة أو بأخرى..
عبد المطلب قال: إن الله الواحد لايجوز في حقه حكم الشريك، أحد صمد ليس له ند ولا ضد، أما البشر عمومًا فهم شركاء، كالتجار وغيرهم لهم شركاء في أعمالهم حتى بين الأسرة في الارث وبعض الأمور هم شركاء، فكيف بكِ وأنتِ تنتحري من أجل زواج زوجك بامرأة ثانية؛ أو تقتليه أو تعمدين على إفلاسه وإلحاق الضرر به قصدا ليطلقها!.
لما لاتفكري بأن زوجك رجل ولم يقبل لنفسه الزنا وقد ستر مسلمة وهذا شرع الله رضي لنا به فكيف لاترضين أنتِ؟!
هذا غرور والشيطان هو أصل الكبر والتعالي، والغرور هو عدم الإعتراف بالحق مع أنه في قرارة نفسك أنتِ مخطئة!.
فيان غسان قالت: برأيي إن في ظل هذا الظرف لا يوجد هناك داعٍ للانتحار، أما القبول وتحمل الوضع وإما طلب الطلاق حتى وإن كنت أعشقه حد الجنون، فلاشك بمرور الأيام وبعد فترة من الزمن سأنساه وستستمر الحياة ولن تتوقف..
الانتحار في الإسلام فعل مُحرم، إن قتل الشخص نفسه عمدًا يعد جريمة ومعصية يأثم فاعلها، قال الله تعالى: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما"(٢٩) سورة النساء. الله من وهب الحياة للإنسان، فليس له أن يستعجل الموت بإزهاق الروح لأن ذلك تدخل فيما لا يملك.
قد يُرتكب الانتحار غالبًا بسبب اليأس والهوس أو اضطراب نفسي مثل الاكتئاب والانفصام أو الادمان، وقد تلعب عوامل الاجهاد مثل الأزمات المالية أو المشكلات في العلاقات الشخصية دورًا في ذلك أيضًا..
ولكن؛ منطقيًا قتل النفس ليس بالفعل الهيّن إطلاقاً، ولابد من وجود دافع قوي يزج بالفاعل نحو الهلاك المحتم فمن المستحيل أن يصل الإنسان لهذه المرحلة بسهولة هكذا من أجل حدثٍ واحد حتى وإن كان مفاجئا وصادما، لاشك أن هناك أمور سيئة جرت وتراكمت دون معالجتها؛ سبقت الحدث.
في الأخير الذي جعل تلك الزوجة تنهي كل شيء بهذا القرار الصعب والخطير جدًا لما يترتب عليه من خسارة في الدنيا والآخرة، فإذا كانت هذه الزوجة لديها أطفال هل يُعقل أنها لم تفكر بهم على الأقل قبل قرارها هذا؟!.
يتبين لنا من خلال دراسة الموضوع أن هناك دوافع قوية تحث على انتحار الزوجة لهكذا سبب، إضافة لضعفها وقلة ايمانها؛ فهي قد لا تمتلك خيار آخر تتخلص فيه مما سيجري عليها من سوء كثير لاحقًا حسب تصوراتها؛ فمن الممكن أن زوجها يرفض أن يطلقها ولا يرضى أن تسكن لمفردها أو ليس لديه إمكانية لذلك..
وربما أنها لا تملك عائلة تلجأ اليها، أو إنها شكت لعائلتها وأرادت الخلاص لكنهم نهروها
وأوصدوا الأبواب بوجهها!.
وقد تكون تلك التي تحملت ما لا تتحمله الجبال من عسر في القوت وغيره؛ وعندما تيَّسر الحال وضحكت لها الأيام أخيرًا؛ راح زوجها الكريم يكافئها بالزواج عليها!.
لكل حادثة مؤلمة عوامل وأسباب؛ ولا يجوز لنا التشهير والتكفير دون علم والله وحده هو العالم الحاكم، وإنما ينبغي علينا نشر الوعي بين الناس والعمل على تثقيف أكبر شريحة ممكنة من النساء في ما يخص أمور تعدد الزوجات وكيف للزوجة أن تحافظ على نفسها وتتجنب كل ما يأتي عليها بالسوء، فلا شيء، لا شيء ابدًا يستحق أن تقتل الاقحوانة نفسها وتبدد عطرها ليذهب في مهب الريح وكأنها لم تكن؛ وتحل الجديدة مكانها المُجهز بلا أي تعب!.
اضافةتعليق
التعليقات