إن العلاقات الزوجية التي تكون الأسرة، والتي بدورها تعتبر لبنة من لبنات المجتمع، تساهم بشكل فاعل في إصلاحه وهي خير منتج لأبناء المجتمع، فعندما أحسن التربية فإن أفراد المجتمع سوف يكونون صالحين يساهمون في بنائه.
ولا تستطيع الأسرة أن تنتج هذا النوع من الناس إلا اذا كانت علاقة الزوجين علاقة لا تشوبها المشاكل.
وبما أن العلاقة الزوجية، علاقة غير فردية، يتعامل فيها الزوج مع زوجته ويتشاركان في الحياة، فإن حلول شيء من المشكلات الزوجية غير بعيد ومتوقع في أي لحظة.
فقد يعتقد بعض الناس أن المشكلات عندما تحل في عش الزوجية الهادئ فإنها نذير شؤم مستمر، أو علاقة انهيار واضحة ولكن ذلك غير صحيح، فإن اكثر الناس سعادة في حياتهم الزوجية قد مروا ببعض المشكلات ولكنهم لم ينهزموا أمامها فعندما تعترضهم مشكلة ما فإنهم يعيرونها كل الاهتمام لكي يتمكنوا منها.
بل إن الكثير من الأزواج الذين عصفت بهم عواصف زوجية عاتية، صاروا اكثر سعادة ونجاحا بعد ان استطاعوا تخطيها بسلام.
إذاً الخطأ ليس في حلول المشكلة في جو العلاقة، إنما الخطأ الكبير هو الاستسلام لها والعزوف عن حلها.
المشكلات العاطفية من أهم المشكلات التي تعصف بالعلاقة الزوجية فعندما تشوبها شائبة فإن ذلك يعني تغيرا لطعم الحياة من الحلاوة الى المرارة وفقدان الثقة، وحلول التعاسة، والحزن، وعدم الراحة والاطمئنان، فلايشعر الإنسان بقيمته وبقيمة أهدافه، ونتيجة لذلك يتساقط الكثير من الأزواج والزوجات ضحية تلك المشكلات في دوامة القلق النفسي، والانحراف الخلقي، والإدمان والجريمة، والانتحار...
والذي يميز هذه النتائج عن غيرها هو منعطفها الحاد في التأثير وخطورتها التي يميل الناس الى ان يحسموها بشكل سريع ودون تفكير، معتقدين أنها المحطة الأخيرة.
فلا تقل لمن حمل في قلبه يوما كرها لك "يستحيل حبك" او لمن لم يف لك في شي ما، «أنه لا خير ولا امل في وفائك»..
بل ان جميع المشكلات العاطفية في الحب والبغض وسوء الظن والخيانة والقسوة والأنانية والإهانة وغيرها لها حلول جميعا اذا رغبنا في إيجادها، لأن الأمر مرهون بإرادتنا.. فالله سبحانه وتعالى يقول: (ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
فمثلا تتغير الحالات النفسية للأسوأ وتتغير للأحسن وهذا دليل واضح على أننا نستطيع ان نحل مشكلاتنا النفسية والعاطفية في علاقتنا الزوجية، ومن الغريب ان يتهافت الناس على أبواب المستشفيات بسبب مرض بسيط في أجسادهم، أو أدنى جرح طفيف يبغون علاجه ولا يسعون ذات السعي لحل مشكلاتهم العاطفية.. بالرغم من انها اهم وأكثر تأثيرا على الحياة.
والسؤال هنا كيف تحلون مشاكلكم العاطفية؟
وللإجابة على هذا السؤال لابد أن نبين أدوارا متعددة للمساهمة في لئم هذا الصدع.
أولا : دور العقل.
إن الصفات العاطفية مثلها مثل جميع الصفات الإنسانية، الأخلاقية والسلوكية لا تستغني عن العقل في كبح جماحها، وتنسيقها، فإذا أطلق العنان للحب مثلا فسوف يعبد المحبوب وعكسه اذا ترك الحبل على الغارب للكره بين الأزواج، لذلك قال الامام علي عليه السلام «احبب حبيبك هونا ما عسى يكون بغيضك يوما ما، وابغض بغيضك هونا ما عسى ان يكون حبيبك يوما ما».
دور العقل يأتي قبل حلول المشكلة وبعدها، قبلها ليكون مرشدا ومانعا من الوقوع في الخطأ، والمشكلة التي تأتي عن طريق الخطأ في التوجيه العقلي ان تكون في قساوة المشكلة النفسية البحتة التي تفتقد العقلانية، وكذلك يأتي دور العقل بعد حلول المشكلة بين الزوجين ليساهم في حلها، بأن يعيد الأمور الى نصابها، ويتراجع الإنسان عن خطئه.
ثانيا: دور الثقافة.
أكثر الناس الذي يقعون في شباك المشكلات النفسية العاطفية في علاقتهم الزوجية هم أولئك الذين يكونون بعيدين عن الثقافة الزوجية التي تهتم بالعلاقة بين الزوجين.
فإن "العلم قائد" كما يقول الرسول الأعظم (ص) وينبغي أن تطالع في كتب العلاقات الزوجية وأن تقرأ المجلات الخاصة بذلك وكتب الأخلاق، وفن السلوك، أو أن تحضر محاضرات للتثقيف الزوجي، لكي تكون مصلحا لمشكلاتك بنفسك، وبأفضل السبل وانجحها.
ثالثا: دور الخبراء.
وهم أولئك الذين تخصصوا في ميادين العلاقات الزوجية من أطباء النفس، وعلماء الأخلاق والخبراء في العلاقات الزوجية، فالذي يصاب بالمشاكل العاطفية يرى نفسه غير قادر على حلها، ولابد أن يلجأ للخبراء الذين يحفظون سره، ويعالجون ما ألمّ به، كما يلجأ إلى طبيب الجراحة أو الأمراض الباطنية..
رابعا: دور الأزواج الناجحين.
ومن المسهمين في حل المشكلات العاطفية أيضا الأزواج الناجحين في حياتهم الزوجية، والذين ثبت أن تجربتهم قد أثمرت ثمارا طيبة، فإنك تأخذ من أولئك الخبرة التي اكتسبوها في حياتهم.
فإن «التجارب علم مستفاد»، كما يقول امير المؤمنين عليه السلام ويقول عليه السلام: «رأي الرجل على قدر تجربته».
ومن أولئك الأزواج والخبراء الذين ينبغي استشارتهم، أهل الزوج وأهل الزوجة، ولكن ليس مطلق الأهل كما يفهم بعضنا، إنما العقلاء منهم الذين اكتسبوا خبرة تمكنهم من الإرشاد الصحيح.
اضافةتعليق
التعليقات