عقد نادي أصدقاء الكتاب جلسته الشهرية لمناقشة كتاب: (قاعدة الثواني الخمسة) حيث تحدثت الكاتبة ميل روبنز عن قصتها التي شكّلت تحوّلاً كبيراً في حياتها، عندما كانت في الأربعين من عمرها، كانت حياتها تعجّ بالفوضى والمشاكل التي لا تنتهي فقد تم الاستغناء عنها وطردها من العمل، وأصبحت حياتها أقرب إلى الجحيم، وكانت حياتها الأسرية مهددة بالإنفصال، والأزمة المالية التي كانت تهدد كل حياتها، وزوجها الذي كان يُواجه فشلاً كبيراً في مشروعه الجديد، كل هذه المشاكل فاقمت الوضع النفسي والأجتماعي لها فتحوّلت إلى مدمنة لشرب الكحول، لم يكن لديها حافز للقيام بأيّ شيء، فالمشاعر السلبية تُعشّش في تفاصيل حياتها..
لم تعد الحياة تعني لها إلا مزيداً من الشقاء، ومع ذلك كانت تتطلع إلى “معجزة” كي تسقط على رأسها لتغيّرها وتنتشلها من القاع!.
وفي أحد الأيام وبينما هي تشاهد على شاشة التلفاز برنامجاً عن طريقة إطلاق الصاروخ، رأت أنه قبل إنطلاقه كان هناك عدّ عكسي (5..4..3..2..1) إنطلق، تلك اللحظة شكّلت نوعاً من الوعي الداخلي وكأنّ أحدهم ضربها على رأسها، قالت: “هذه هي!”
قفزت من السرير، وذهبت للهاتف لتتحدث مع أحد أصحاب الشركات لتعرض خدماتها عليه، كانت قد ترددت في الماضي لأن تجري مثل هذه المكالمة، لكنها استجمعت نفسها والتقطت هاتفها، شعرت بالتردد والخوف ثانية، فبدأت بالعد العكسي (5..4..3..2..1) وطلبت الرقم مباشرة، كانت النتيجة رائعة، بغض النظر عن الموافقة من عدمها، شعرت أنّ ثقتها بنفسها ارتفعت كثيراً، وأحسّت أنّ عليها القيام بمحادثات أخرى بنفس الطريقة، ومنذ تلك اللحظة الفارقة كان التغيير الحقيقي الذي أحدثته في حياتها وحياة أسرتها والعالم حولها، في تلك اللحظة شعرت بقوة أن وقت التغيير قد آن أوانه، وأن لا تأجيل لمشاريع الحياة بعد اليوم !
في أحيان كثيرة نتعرض لمثل هذه اللحظات مثلها تماماً، لكننا لا نستغلها، أو نقتنص الفرصة التي أتتنا على طبق من ذهب، وسرعان ما يقوم الغالبية بتفسيرات وتبريرات غبية بأنّ مثل هذه الأفكار مستحيلة، أو أنّ الوقت لم يحن بعد للقيام بأيّ عمل، أو أنّ فلان أو علان من البشر يستهزىء بنا، نخدع أنفسنا ونتمادى في الخداع، بينما كلّ ما هو مطلوب منك في تلك اللحظة هو إحداث هزة عنيفة بداخلك، حتى تُوقف أفكارك العديمة الجدوى، وتبدأ..
نستخلص الفكرة من الكتاب كالتالي:
إذا كان لديك عمل يجب أن تقوم به الآن، لكنك تؤجله باستمرار، إذاً، لابد من استخدام طريقة العدّ العكسي (5..4..3..2..1) وبعدها مباشرة وبدون تفكير قم بالفعل، سواء كان نهوضك من السرير، أو اجراء مكالمة، أو التحدث في اجتماع، وهكذا..
يجب أن تقوم بتحرك سريع، وبدون أن تسمح لفكرة “بعد قليل” “الآن ليس الوقت المناسب” أن تتسرب إلى عقلك، لأنها في الحقيقة ستُشكّل شبكة عنكبوتية لإعاقة رؤيتك أو حركتك للفعل ..
وبهذه الصورة تكون قد حققت تفوقاً ملحوظاً على نفسك، وقمت باستخدام الحيلة النفسية البسيطة التي ستعمل بدورها على فصل الجزء الخاص في الدماغ والذي يقول لك “بعد قليل” “ليس الوقت المناسب!.
وتبدأ باتخاذ خطوة، فكل الأعمال المطلوبة منك وإن كانت بسيطة ماعليك إلا أن تعد العد العكسي وتنطلق..
ولا شك أنّ هناك أفكار كثيرة يمكنك أن تُمارسها بقاعدة 5 ثواني، فحياتك كلّها قرارات من لحظة استيقاظك إلى أن تأوي إلى فراشك في المساء، وكلّها يتحتّم عليك أن تتخذ قراراً بشأنها وتتقدم خطوة واحدة، مهما كان ما تفعله سخيفاً –من وجهة نظرك- فيجب أن تفعله، ولك أن تتخيّل ما هي هذه الأشياء !
وتُشير الكاتبة إلى نقطة مهمة وهي أنّ الآباء الأذكياء هم من يغرسون في أبنائهم عادة الفعل، وهم أطفال، يغرسوا بداخلهم حبّ التعلّم والذهاب إلى المدرسة، أو إنجاز الواجبات الدراسية، يُشجعونهم على تناول الطعام الصحي، وممارسة الرياضة، وحتى طريقة اختيارهم لأصدقائهم، وممارسة شغفهم، يتطلب الأمر أن تُهييء الأجواء لهذا الفعل، وتصبر على ردود أفعالهم في البداية، لأنها لن تكون مثالية، ولن تُحقق ما ترغبه أنت.
ولعلّ أهم ما يمكننا أن نصل إليه في الكتاب، هو أن لا نعتمد كثيراً على مشاعرنا لنبدأ بالفعل، يعني ذلك أنك إذا كنت في حالة مزاجية رائعة فإنك ستقوم بتفتيت الصخر، وإذا كانت حالتك المزاجية مُزرية فلن تفعل شيئاً!
فالكاتبة تريد أن تدفعك للفعل –ومهما كانت مشاعرك- لتتمكن من التغلب على حالة التذبذب في حياتك، فبسبب بقائك في السرير لفترة طويلة في الصباح، فأنت تشعر بعدم رغبتك بعمل شيء يستحق الفخر، وبسبب أنّ مزاجك غير رائق فإنك لن تقرأ اليوم كتابك، ولن تقوم بعمل اتصال مع قريبك أو صديقك للتحدث معه وتعزيز أواصر المحبة بينكما..
تذكر أنّ: مشاعرك تتبع الفعل وليس العكس.
المشاعر السلبية التي تمنعك من الفعل تظهر أمامك أكبر من حجمها الحقيقي !
اضافةتعليق
التعليقات