لم يكترث عبد الله جاسم لما تناقلته أحاديثهم بل مضى قدما بما عزم عليه، كان اختياره لزوجته التي ستشاطره حياته أشبه بقنبلة مؤقتة انفجرت بين أوساط اقرانه من الأساتذة وحديث الساعة بين زملاء الشابة العشرينية التي اقترن بها أستاذها الذي يناهز الأربعين، كانت تدور تساؤلاتهم هل ستنجح تلك الزيجة أم لا؟.
الصراع في اختيار شريك العمر المناسب ليكمل المرء محطات حياته من تكوين أسرة وأطفال وما إلى ذلك, الكثير من يلاقيه الفشل فيقع ضحية الخذلان, وهناك من ينهض ليستعيد خطواته لاختيار الأنسب له, وحول قضية الزواج والصراع في اختيار الشخص المناسب أجرت (بشرى حياة) هذا الاستطلاع لتستعرض أصحاب التجارب بهذا الجانب..
الزواج هدف
وللإجابة عن تساؤلاتهم تلك التقينا أستاذ القانون عبد الله جاسم حيث حدثنا برحابة صدر قائلا:
"كنت شابا يافعا أو بتعبير أدق مراهقا وأصريّت على الزواج من ابنة العم التي كانت عيوني تطاردها كلما زارتنا, وفي أول مراحل النضوج الفكري أدركت إني أعيش بعالم آخر وهي بعالم لا يمت لي بصلة، انتهت تجربتي بالطلاق, رفضت حتى تحدي الفوارق بيننا علنا نصل إلى طريق يعيد تأهيل زواجنا وبنيانه لنكون معا, أكملت دراستي وسافرت، انقضت عشر سنوات، عدت احمل شهادة الدكتوراه بالقانون عملت بالجامعة وكانت أول فتاة من طلبتي تستطيع أن تعيد ذلك النبض لقلب أغلقته الدراسة والبحوث".
وأضاف: "لم يكن اقتراني بفتاة اصغر مني 20 عشر سنة يشكل حاجزا في نجاحي بتلك الزيجة، كانت التجربة لا تخلو من المغامرة, بعض الأصدقاء قالوا كيف؟ لربما فرق العمر سيحول دون فهمكما لبعض لكن العكس هو الصحيح فالتفاهم الفكري الذي ربط بيننا حال دون أن نفكر حتى في تفاوت السنوات التي تفصلنا مما جعلنا مستعدين لمواجهة حتى رفض المجتمع لزواجنا الذي كان يظنه البعض سيفشل, أدركت بعدها إن المرء حينما يقبل على الدرس والتحصيل ويسعى ويكد حتى يكمل تعليمه الجامعي لكي يستطيع أن يشغل مركزا ممتازا في المجتمع الذي يعيش فيه حتى يكون جديرا بالفتاة التي تصورها في أحلامه يتوقف على فهمه الفكري لمفهوم الزواج فليس للعمر دور لأنه كان يبحث عن ما يريد فمن المؤكد سيكون زوجا صالحا وأبا كريما لأنه حدد لنفسه في الحياة بتكوين بيت وأسرة ليهب لهم كل ما ادخره لهما طوال سنوات بحثه عن نصفه الثاني التائه وسط طرقات الحياة وتحدياتها, فالزواج هدف وهو عند المرأة هدفها الأول والأخير في الحياة, فليس هناك رجل أو امرأة واحدة تستطيع أن تعيش بلا زوج من وجهة نظري".
من جانب آخر قالت سوزان الشمري/ 36سنة: "أعمل مدرسّة لغة عربية وزوجي مهندس، كنت غير مستعدة ومتقبلة لفكرة الزواج حينما تزوجت لكني وجدت نفسي زوجة ومسؤولة فكان الاستعداد مفروض علي قبل أوانه، ثم دخلت في موضوع آخر, ألا وهو معرفة صفات الطرف الثاني حتى يتم التكافؤ فيما بيننا، حقا كانت اكبر تجربة في حياتي فلم ارزق بالذرية, وكانت الظروف المحيطة حولي قاسية بإقناع زوجي بزوجة ثانية من قبل ذويه كوني لم أنجب لهم الحفيد المرتقب فلم نتوقف عن الجدال حول موضوع الإنجاب, إلى إن رزقني الله بالذرية بعد كل ما واجهناه".
ختمت حديثها:" أظن باني استطعت أن أخوض أهم تجربة بحياتي وهي نجاح زواجي".
فيما حدثتنا هبة صالح/ 25سنة/ ربة بيت عن تجربتها قائلة:" تزوجت قبل خمس سنوات مجبرة بناءا على رغبة أبي بحكم الأعراف, لأن أخاه طلب منه زوجة لابنه وما كان لأبي غير أن ينصاع لطلب أخيه الكبير, وكان يحتم عليه أن أنفذ الأمر بدون تفكير أو حتى الإدلاء برأيي, حصلت على شهادة البكالوريوس وتزوجت من ابن عمي الذي يعمل في ورشة للنجارة, ويعيش في احد القرى الريفية، كان ما يفصلنا الكثير, لن أتحدث عما قاسيته في عدم التوافق الذي حال دون الحب بيننا، لكن التحدي الذي خضته في تلك الزيجة حتى ينجح كان أصعب مرحلة في حياتي".
وأضافت: " في بداية الأمر رفض فكرة عملي, وبعدما قطعت شوطا طويلا لأقنعه بها, بدأ ذويه بالتدخل بأنهم يقطنون في قرية وخروج امرأة شابة للعمل يوميا مغاير للعادات وليس هناك حاجة للعمل, استطعت فيما بعد أن أقنع زوجي بفكرة الاستقلالية بالرأي وإن كنا نعيش في بيت واحد حيث تمكن من ردع أسرته بعدم التدخل, وبعد سنوات أصبح لدينا بيت شيده زوجي في بستان أهله وأصبح لدي عائلة وحياة متكافئة رغم الفوارق الكثيرة التي كنت أظنها ستحول دون نجاح زواجي التقليدي الذي فرضته العادات, أدركت الآن رغم المصير والقدر الذي اختاره أبي لي إلا إن استعدادي للمواجهة وخوض تلك التجربة جعلها تتكلل بالنجاح".
تحديات الزواج
وحول هذا الموضوع حدثتنا أستاذ علم النفس دلال عبد فيروز الخزاعي قائلة:
"عندما تتحقق القناعة بأي شخص سواء (ذكر أو أنثى) قادر على الارتباط والالتزام بالحياة الزوجية ومدرك لما يجب أن يقدمه من أجل هذا الارتباط فهذا يعني أنه بالاتجاه الصحيح، لأن مسألة الارتباط تحتاج من الفرد الوصول لمرحلة يدرك بأنه قادر على الارتباط, ويمتلك المقومات لذلك من حيث العمر والاستقلال المادي والعاطفي من اجل تكوين الأسرة, وعلى كلا الطرفين أن يدركا إنهما مهما وجدا في الطرف الآخر من توافر للصفات المطلوبة في شريك الحياة فإن هذا لا يعني إنهما لن يصادفا أي معوقات أو مشاكل يترتب عليهما أن يواجهاها ويسعان إلى حلها دون تدخل أطراف أخرى لأن التدخل سيضخم المشكلة أكثر, فهنا يتوجب أن يكون الزوجان مدركان حجم المشكلة والانزواء إلى تقليصها حتى جمع شتات خيوطها وحلها بشكل يرضي الطرفين, وليس هناك حياة زوجية تخلو من المشاكل".
اضافةتعليق
التعليقات