قلت لها هل جدي جلب لكِ الزهور في يوم ما، ابتسمت قائلة؛ أبداً.. استغربت وقلت؛ كيف ذلك ألم تحبي الورود، قالت؛ بلى جميع الأقمشة التي كان يحضرها لي كانت مملوءة بالورود...
سألتها كيف كنتم سعداء في ذلك الزمن مع تلك الأشياء البسيطة، كيف كنتم تفعلون الأشياء وتقومون بأعمال البيت؟ قالت: نحن من زمن الاصلاح وليس الاستبدال!.
نحن تعلمنا الاكتفاء الذاتي والقناعة، كان اذا اهترأ شيء ما لا نتخلص منه بل نصلحه، نحن تعلمنا ان ندخر ولا نُبذّر، تعلمنا ان نصلحه ولا نستبدله بغيره، لا تظنين بأننا كنا نرغب في أن نحتفي بأشياء قديمة والملابس القديمة والوجبات البسيطة وكنا نرغب بهدايا واعمال يدوية بسيطة لا الأكثر منها فاخرة وجميلة...
بالطبع كنا نرغب ان نرتدي أفضل الملابس ونستفاد من أفضل الاشياء ولكن كانت لدينا هذه الصفة الحميدة وهي الرضا والقناعة، لا أقول بأننا كنا نرتدي الملابس الرثّة البالية، لا كنا ولله الحمد في افضل حال ونرتدي أحدث الملابس والموديلات ولكن لا نرميها بعيدا بعد لبسها مرة او مرتين بل كنا نغيرها قليلا وفي كل مرة يندهش منها النساء الاخريات، وهكذا الحال بالنسبة لأثاث البيت ففي ذلك الزمان البنت هي من كانت تخيط الفرشة وكذلك ملابسها وقطع الزينة على الكهربائيات، حتى الملاحف كانت من عمل ايدينا فنحن من نقوم بتجهيز كل شيء..
حتى العلاقات كانت تدوم اكثر من الآن فعالم اليوم عالم التبديل وليس التغيير، لم يسعَ أي من الطرفين في ان ينقذ العلاقة ويصلح الأخطاء ولكن يتخلص منها ليجرب أفضل منها ولكن يخرج خائبا بعد ذلك لأنه يعاني من مشكلة نفسية وهي عدم الرضا ولا يستطيع ذلك الشخص ان يتهنّى بحياته أبداً لأنه يعاني من الداخل...
إنها كانت على حق فنحن جيل التعب والارهاق لا نعرف ماذا نريد، تعلمنا على السرعة، ونريد ان يكون كل شيء على مايرام وألا نقوم بحذفه كما نفعل بهذا الكم الهائل من المعلومات التي تأتينا يوميا ولا نستفاد منها في حياتنا الواقعية سوى في جزء بسيط.
فعلا بدأت أُصلح بعض الأشياء بدل ان استبدلها وهكذا وفرت بعض المال واستطعنا ان نستفاد منها في امور اخرى ونشتري بيت وسيارة بدل ان نكون في قلق مستمر لدفع الديون والأقساط بسبب التغيير الدائم..
إنها اليوم ليست موجودة ولكن أنا متأكدة من انها تشعر بالفرحة من أجلي، إنني متأكدة من إنها فخورة بي لأنني أخيراً عملت بنصائحها التي نقلتها لنا بمنتهى الحب، تلك النصائح التي كانت تكشف عظمة هؤلاء مع إنهم لم يكملوا دراستهم الأكاديمية وبعضهم لا يعرف كيف يكتب اصلا ولكن كانوا يعرفون كيف يجعلون ازواجهم يشتاقون اليهم وينجذبون نحوهم كي لا يبحثوا عن الأخريات كما عالم اليوم.
تلك الارشادات كانت متعلقة بالتعقل وترك الانغماس في الشهوات وملذات الحياة، هؤلاء كانوا متخرجات من جامعة الحياة وفعلا كانوا اذكياء واستطاعوا ان يعرفوا الحب من خلال ورود الأقمشة التي كانت تأتيهم من أزواجهم.
هؤلاء عرفوا معنى الحب الحقيقي دون ان يستلموا أية باقة ورد ولكن عرفوا لغة الايحاءات ووصلهم الحب بأجمل صورة لذلك بقوا معا الى اخر لحظة في حياتهم ولم يستبدلوا أحبتهم بعد ان عجزوا عن العمل وتدهورت حالتهم الصحية.. بغيرهم!.
اضافةتعليق
التعليقات