يقول خبراء علم نفس إن التفاوت في الأعمار عند الزواج بات لا قيمة له، خاصة وأن الظروف الاقتصادية فرضت واقعا جديدا على الشباب والفتيات، وكلاهما يبحث عن الحياة الكريمة والمساعدة في نفقات المنزل، وبالتالي تلاشى الفارق العمري، حتى وإن كان الآخر يفوق شريك الحياة بعشرات السنين.
وبينت الإحصائيات أن متوسط سن الزواج تغير في السنوات الأخيرة كثيرا، فارتفع عند الرجل من سن 23 و26 سنة إلى 29 أو أكثر، وللنساء من 18 و17 سنة إلى 23 و24 سنة، وقد يتأخر سن الزواج عن ذلك في بعض الأحيان.
وتوصلت دراسة اجتماعية بريطانية أنجزت على عينة من 2000 زوج، لمعرفة ما هو مفتاح السعادة الزوجية، إلى أن المرأة تكون أكثر سعادة عندما يكون شريك حياتها أكبر منها ويكون الفارق العمري بين الزوج والزوجة على الأقل 4 سنوات و 4 شهور.
وخلصت أبحاث أجريت في جامعة أتلانتا بأميركا، إلى أنه إذا كان فارق السن 10 سنوات فنسبة الطلاق تصل إلى 39 بالمئة وإذا كان 20 عاما فسترتفع النسبة إلى 59 بالمئة، أما إذا ما تعدى الفارق 30 عاما فنسبة فشل الزيجات بين شخصين من جيلين مختلفين تصل 72 بالمئة، فيما اعتبرت أن أفضل فارق سن بين الزوجين يجب ألا يتعدى 5 سنوات لضمان زواج مستقر.
وتقول الدكتورة نادية عبد الرحمن، استشارية الطب النفسي: إن الفارق العمري بين الرجل والمرأة عند الزواج يتأثّر بعدة عوامل من بينها استقلالية المرأة، والتي قد تدفعها إلى الرغبة في تحقيق مستوى اجتماعي ومادي مرموق بعيدا عن عائلتها التي ظلت تتبعها لعدة عقود، مما يؤهلها إلى التركيز أكثر على جوانب أخرى غير الزواج مثل العمل، لأنها ترى تقدّمها فيه، وأنه منقذها الوحيد من سيّطرة الرجل عليها، وهنا يزداد اهتمامها ببناء مستقبلها الوظيفي ليأتي في مقدمة الأولويات.
وتضيف: أن الاهتمام بالتعليم أيضا من أهم أسباب الفارق العمري في الزواج، لأنه يأخذ نصيبا كبيرا من تفكير المرأة أكثر من الرجل، فالرجل يرى التعليم مجرد وسيلة لصعوده إلى درجة أعلى وظيفيا واجتماعيا، بينمـا تنظـر المـرأة إلى التعليـم باعتباره أحـد أهم الوسائل لارتقائها وتقدّمها على الرجل.
إيجابيات الفرق العمري الكبير بين الزوجين:
-وجود القدرة والتحمّل عند الرجل تمكنه من قيادة عائلته، والسير بها إلى الطريق الصحيح.
-نشوء نوع من الاحترام المتبادل بين المرأة وزوجها.
-شعور المرأة بالمسؤولية والتعاون يؤدّي إلى حصولها على العطف من زوجها.
- يصبح الزوج الإنسان الحنون الذي يشعر زوجته بالحب، والعطف، والحنان.
-يعمّ الهدوء والاستقرار في حياة العائلة نتيجة التفاهم بين الزوجين.
سلبيات الفارق العمري بين الطرفين:
-سيكون هناك اختلاف في التفكير والثقافة، كلّ هذه الاختلافات سينتج عنها مشاكل كثيرة في حياة الزوجين.
-تبلغ المرأة سن اليأس بسرعة أكبر من الرجل.
-يفكر الرجل بالزواج مرة أخرى لأنه ما يزال شاباً ويافعاً وقوياً، في حين يرى أن زوجته تتقدم في العمر وتبدأ عليها علامات الهرم والكبر.
والفارق العمري بين الرجل والمرأة عند الزواج يتأثّر بعدة عوامل من بينها استقلالية المرأة، والتي قد تدفعها إلى الرغبة في تحقيق مستوى اجتماعي ومادي مرموق بعيدا عن عائلتها.
تحول هذه النظرية دون تفكير المرأة في أمور ترى أنها تخالف منهجها الفكري خلال تلك المرحلة متناسية الزواج، وفي النهاية تكتشف أن أمامها خيارات محدودة في الزواج، وبالتالي يفرض عليها الواقع الارتباط بمن يكبرها بعقود.
ومن جانبه، يؤكد الدكتور أحمد عسكر، استشاري الطب النفسي، أن افتقاد الزوجين لعنصر التفاهم يعدّ أحد نتائج الفارق العمري، مما يؤدي إلى عدم قدرة كل من الطرفين على استيعاب الآخر، ونتيجة لذلك قد يلجأ أحد الأطراف إلى البحث عن طرف ثالث يحقّق معه التفاهم، بالإضافة إلى اختلاف نمط الحياة بين الزوجين واختلاف الرغبات والميول، مما يسهم في عدم التواصل بينهما حتى في الأمور التي تبدو بسيطة.
ويوضح أن متوسط الفارق العمري المثالي بين الزوجين يتراوح ما بين 3 و6 سنوات، وهذا ما يجب على الفتاة والشاب وضعه في الاعتبار عند الإقدام على الزواج، نظرا لأن الفتاة أسرع تقدّما في العمر عن الرجل، نظرا لتركيبتها الفسيولوجية والنفسية والجسمانية.
ويشير إلى أن المرأة إذا كانت أكبر من الرجل يكون في نظرها قليل الخبرة الحياتية، وأيضا غير قادر على تحمّل مسؤوليات تكوين أسرة، ولذلك فإن زواج الرجل في سن متقدّمة يجعله أكثر استقرارا واستيعابا للمسؤوليات الأسرية الملقاة على عاتقه.
ويحذّر من خطورة اضطراب التكيّف الأسري الذي يصيب الزوجين في حالة اتساع الفارق العمري، خاصة وأن الفجوة العمرية تعتمد على نظرة كلا الطرفين عند اختيار شريك الحياة والهدف من الاختيار -على سبيل المثال- إذا تزوجت الفتاة من رجل خمسيني لرغبتها في الارتباط برجل بديل لوالدها، فإن نضجها سيساعدها على استيعاب الحياة والتعرّف عليها بقليل من الجهد والاستفادة من خبراته، بينما إذا تزوجت فتاة من رجل يكبرها بسنوات من أجل المال والحياة السعيدة، فإنها ستكتشف خطأ تفكيرها مستقبلا.
وفي سياق متصل، يوضح الدكتور رائف الهادي، استشاري الطب النفسي، أن ظروف الحياة الاقتصادية وتكاليف الزواج الباهظة، من الأمور التي فرضت واقعا جديدا على الشباب، وجعلتهم يوافقون على الزواج من طرف آخر يكبرهم بسنوات من أجل توفير حياة كريمة.
ويضيف: أن الرجل في سن الأربعين يستطيع أن يبذل المزيد من الجهد والقيام بنفس ما تفعله الفتاة في العشرين من عمرها، نظرا لأن الرجل في عمر الأربعين يكون في زهرة شبابه، بينما المرأة في سن الأربعين تكون قد أوشكت على الدخول في سن اليأس.
ويقول: إن الرجل الذي يكبر زوجته بأكثر من 20 عاما لا يستطيع أن يعيش حماسة وتفكير الشباب، وقد تصفه زوجته الشابة في بعض المواقف التي تراها عادية بأنه شخص رجعي، وتابع: المرأة التي تكبر زوجها تحاول أن تعيش حماسة الشباب لرغبتها في الهروب من الواقع، وعدم الاعتراف بالمرحلة العمرية التي تعيشها.
ويشير إلى أن النجاح في الزواج يتوقّف على التكافؤ في كل شيء، ولذلك فإن شعور كلا الطرفين بالفارق العمري يكون له أثر على العلاقة الزوجية، فإذا كان أحد الزوجين يكبر الآخر بسنوات قليلة فلن يمثّل ذلك إشكالية، إلا إذا كان لدى الطرف الآخر حساسية تجاه هذا الفارق، لا سيما مع الرجل الذي يدفعه تفكيره ورجولته إلى رفض الارتباط بمن تكبره في السن حتى وإن كان الفارق بسيطا، أما المرأة فإنها تنظر إلى الأمر بعاطفتها.
وقد قام باحثون أميركيون بدراسة أفضل فارق سن بين الطرفين لضمان زواج مستقر وسعيد. الدراسة خلصت إلى نتيجة قد تبدو بديهية للبعض، لكنها دعمتها بالأدلة والنسبة المئوية لمدى نجاح أو فشل الزيجات عبر الأجيال.
وأشارت دراسة قامت بها مؤسسة اجتماعية ألمانية إلى أن هناك 4 حقائق هامة حول هذا الموضوع، وهي:
أولاً- المرأة التي تتزوج من رجل يصغرها كثيراً في العمر تتعرض للتمييز في المجتمع، وهو ما يؤدي إلى زيادة احتمالات وفاتها بنسبة 30%.
ثانياً- الرجل الذي يتزوج من امرأة تصغره بكثير يعيش أطول؛ لأنه يعتني بنفسه أكثر من الناحيتين الصحية والجمالية.
ثالثاً- الرجل المتزوج من امرأة تكبره بكثير لا يهتم بنفسه لا من الناحية الصحية ولا الجمالية، ولذلك فإن خطر تعرضه للموت يزداد بنسبة 30% أيضاً.
رابعاً- المرأة التي تتزوج من رجل يكبرها في السن تعتني به كزوج، وتهتم بصحته؛ لكي يعيش لفترة أطول.
اضافةتعليق
التعليقات