لماذا المجتمع يراوح في مكانه؟، لعله السؤال الأبرز الذي يخطر على بالنا في الوقت الحالي، فما نشاهده اليوم من تطور ورُقي يقتصر على حمل أرقى التليفونات، وابتكار أرقى صيحات الموضة بالنسبة للجنسين، ليعكس أثره في عرض الفخامة على مواقع التواصل الاجتماعي كالسناب جات والانستجرام بزخم كبير في عرض الملابس والاجسام والترف تحت هاشتاك (لاكشري)، والذي يمثل اللاشيء امام الناحية الفكرية والثقافية التي تحاول جاهدة ترميم نواة المجتمع، والارتقاء بالفكر، وفي كل الاحوال هذه النماذج التي اشعلت مواقع التواصل الاجتماعي بهدف ابراز المظهر والترف الزائف الذي تتحكم به بعض الوريقات الخضر، تستطيع ان تقرأ على عقولهم الف سلام.
وفكرة ان يكون جلّ اهتمام الشخص هو المظهر وقضاء الوقت بالحفلات والسهرات، وعرض الامور الشخصية على الملأ، متناسي تماماً الحقوق المترتبة عليه كونه انسان بالمرتبة الاولى وحامل للرسالة الإسلامية بالمرتبة الثانية تعتبر كارثة عظمى، لأن عدم حاجة الانسان للتطور والارتقاء الدائم هو الوصول الى نقطة النهاية والفشل..
والنقطة المهمة في هذا الموضوع، هي فكرة كيف سيرتبط هذا الانسان ويكوّن حياة شخصية مستقلة وينجب أولاد صالحين يخدمون المجتمع ويرفعون من رصيد الأمة المعرفي؟.
ففي ظل التشتت العائلي وارتفاع نسبة الطلاق ببن الفئة الشبابية نستطيع التحليل على ان الزواج الذي يقدم عليه الشاب او الفتاة ينحصر في البحث عن الجمال الخارجي او لغرض اشباع الحاجة الجنسية فقط، او يتزوجون لأنهم يعتبرون الزواج هو امر لابد منه، وعليهم ان يفعلوا ذلك كباقي الناس، تلبية لأوامر الاهل وانسجاماً مع العادات.
وعندما تكون الغاية من هذا المشروع المقدس هو مجرد اشباع للرغبات الوقتية بلا شك ستكون النهاية باهتة.
لان هدف الزواج في هذه الحالة سيكون مبني على هدف مادي وليس من اجل الارتقاء والتطور فالإنسان الواعي الذي يدرك معنى الزواج من ناحية التطور والارتقاء بلا شك سيكون هدفه من الزواج هو تأسيس حياة ناجحة وإنجاب جيل أدرك واوعى وأفضل من السابق، لان الزواج المادي غير الهادف لن يسعى الى التغيير وتطور المجتمع.
ويقول احمد توفيق: "إن الناس يجب الاّ تتزوج الاّ لكي تأتي للعالم بمن هو أفضل... طفل أجمل منك، أغنى منك، اقوى منك. ما جدوى ان يتزوج الشقاء من التعاسة؟ الهباب من الطين!، ما الجديد الذي سنقدمه للعالم سوى المزيد من البؤس".
ولعلَّ ما يقصده في كلامه، ان الانسان يجب ان يركز على الغاية الأساسية من الزواج، من اجل إنجاب مجتمع اقوى فكرياً، واغنى معنوياً، فلفظة القوة والغنى لا تقتصر على الجوانب المادية فقط، بل تتعدى حدود المادة وتدخل في مرتكز المعنوية والروح.
فمثلاً البعض يأخذ من الزواج المشروع الإصلاحي في حياته، تحت مبدأ إنجاب أولاد يكملون مسيرة الانتظار المهدوية بهدف معاصرة حكومة الامام الجليلة والتضحية في سبيل الدين، واكمال المسيرة الجهادية في طريق الحق، والبعض الآخر يتزوجون لبناء اسرة كريمة تحمل كل الإيجابيات التي اقرّها الرسول (ص) عندما شجع على الزواج، لأن الاسرة الناجحة بكل حالاتها تعتبر المثال الأبرز والناجح في عكس الثقافة الإسلامية التي جاء بها الله تعالى لهداية المجتمع نحو الصلاح.
فالزواج الذي لا يهدف الى تطور الانسان هو زواج مغبون وغير مبارك، إذ يقول امير المؤمنين (عليه السلام): "من تساوى يوماه فهو مغبون".
فهل هنالك باب للمقارنة بين من يتزوج بهدف مادي فقط، فارغ لا يحمل أي رسالة هادفة او غاية مقرونة بالله!، وبين ذلك الزواج المعنوي الذي يتمثل باقتران روحين طاهرين.
بين رجل متدين يعرف الله حق المعرفة ويرى من خلقه سبباً لإعلاء كلمة الحق، وفتاة ترى الزواج بأنه الكمال الأوحد لصورتها الإنسانية المسلمة، فتنذر حياتها لهذا الدرب النير، فيكون مشروع الزواج قربة الى الله تعالى لإكمال الشريعة الإسلامية وتسليم تام الى الخالق، في إنجاب ذرية صالحة ليكملوا المسيرة الإسلامية ويحملوا راية الحق ويكونوا الصوت الناطق ب(كلا) عندما تصمت كل الالسن للباطل. بلا شك لا ليس هنالك أي باب للمقارنة بينهم، فهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟!!.
اضافةتعليق
التعليقات