عمري ثلاثة عشر سنة، أقنعوني بالزواج من ابن عمتي الذي لا أحبه ولا أطيقه، فقد حضرت زفافه عندما كان عمري سبع سنوات! أنا طفلة ولست امرأة فالطفلة ليس لديها علاقات والمرأة لديها علاقة، حلمي ان اتعلم واصبح ممرضة، وعندما كبرت زوجوني اياه حيث قالت لي أمي ان الزواج مسؤولية كبيرة ويجب عليك اطاعة زوجك واحترامه وتلبية طلباته وان اعتدى عليك بالضرب يجب ان تصبري لأن ذلك مقبول نوعا ما، صحيح انك صغيرة الآن ولكنك بعد الزواج ستصبحين إمرأة، كان لديه ولدين وقد توليت تربيتهم، انا طفلة واربي طفلين!.
اصبحت حياتنا مليئة بالمشاكل المستمرة رغم اني افعل كل شيء لوحدي واقوم بواجباته واعرف ما الذي يريده والذي لا يريده، كل يوم يفتعل مشكلة جديدة من لا شيء، الى ان طلبت الطلاق وقلت لهم لا اريده، لما تفعلون ذلك بي! لما؟ وعندما وجه اليها السؤال: أنت مطلقة الآن؟ أجابت: لا أنا "طفلة بجسد امرأة!".
هذا ما قالته (نهى) الفتاة القاصرة في لقاء تلفزيوني وامام مسامع وانظار العالم..
قضية الزواج المُبكر متفق عليها في الاسلام وتحث عليها السُنة والشريعة والكل يُحبذ فكرة زواج الفتاة مبكراً ويُطبقها لاسباب معقولة ومعروفة..
ولكن اليوم مُناهض للامس تماماً ولا يسعنا المقارنة اطلاقاً..
في الزمن الماضي وليس بالبعيد كانت الآباء تُزوج الفتاة القاصر بعد ان يُخصص لها وقت كافي مُهم وضروري، يعلمونها فيه كيفية الاستيعاب والتأقلم والالتزام بمعايير محددة من شأنها انجاح الحياة الزوجية وبناء اسرة تكون هي الراعية لها، وبالاساس كانت الفتاة سابقاً مؤهلة نفسياً وفكرياً لقضية الزواج وواعية بما فيه الكفاية، لكونها ترعرعت في محيط اسرة متماسكة ومستقرة (طبعا هذا ماكانت عليه اغلب الأسر سابقاً..) مما جعلها راغبة وحالمة بأن تُصبح زوجة مسؤولة وأم حنونة تؤسس لنفسها حياة جديدة ومُستقلة، وتنجح في ذلك وبجدارة..
هذا من جانب ومن جانب آخر كان لأهل الزوج دور كبير جداً في احتواء هذه العلاقة المُبكرة، يتبنون الزوجة ويعاملونها على انها ابنتهم، ويداومون على متابعة ابنهم وحثه على الالتزام بقوانين مُعينة كأساس لأستمرار الزواج ونجاحه، ايضاً كانت هذه القوانين بالنسبة للابن (الزوج) هي اصلاً مبادىء قد نشأ عليها وتَعلمها من خلال نظرته المطمئنة لحياة عائلته سلفاً..
اما اليوم فحدث ولا حرج! يعلم الجميع بما آل اليه المُجتمع بعد الانفتاح والتطور الذي اتى دفعة واحدة وبدون رقابة ومنع لانتشار كوارث تسمى "ثقافية" لتُسيطر على اغلب فئاته واولهم الشباب، ونشهد اليوم كمية الخلافات الغير معهودة التي نشبت وهَدمت بيوت وأُسرٍ عمرها عشرون عاماً واكثر! فما بالكم بالجُدد؟! وهي دخيلة على مجتمعنا الذي كان منغلقاً محافظاً على عاداته وتشريعاته..
حيث اصبح شبابنا اليوم لا يحتاج للتعلم والتوعية وفي غنى عن ثقافة اسلافهم من الآباء "الرجعيين" على حد قول البعض منهم ..
والطامة الكبرى ان اكثر صغارنا اليوم (غير الذين يُختار لهم ان يتزوجوا) لديهم الشغف لتجربة الزواج ليس لسبب بناء أسرة واستقرار حياة وانما لممارسة افكار ومشاهد تحتل اذهانهم وفقاً لما يشاهدوه يحصل مع ابطال الافلام والمسلسلات التركية وغيرها..
وبعد تجربة ذلك سيأتي ادراك الزوجين للمسؤولية التي وقعت على عاتقهم وهم لا يَتحلون بالصبر او التغاضي احايناً والتنازل لغرض الاتفاق، وهنا تبدأ الخلافات والاختناق الذي سينتهي بالطلاق! وذلك غالباً يحدث لعدم مساندة الاهل وموافقتهم على هذه العلاقة من الاساس لكونها لم تُبنى على اُسس قوية يكونون فيها هُم الراعي والداعم الاول ..
فالزواج المُبكر سابقاً نسبة نجاحه عالية جداً، اما اليوم فلا اعتقد ذلك كثيراً نسبة لما ذكرناه آنفاً..
ومنذ ايام قليلة اتى تعديل قانون الاحوال الشخصية بخصوص زواج القاصرات وأثيرت هذه القضية لتَّقع بين الرفض والقبول، فلكل شخص رأيه واسبابه، مُتنايسين حقيقةٌ بغيضة انتشرت في الآونة الأخيرة وبازدياد ملحوظ وهي (طلاق القاصرات) وما سيواجهنَ من الانتقاد والمآسي بعد ذلك، لتبقى تلك الطفلة المطلقة غالباً حبيسة فشلها المزعوم! والقليل مُنهن من ستُعاود الانخراط في المجتمع وتُمارس حياتها الطبيعية وتُكمل مسيرتها التعلمية وفقاً لما سيصدر عن العائلة المسؤولة التي تُدرك ما كان سيترتب على هذا الزواج ومدى تحضرها وتحملها لنتيجة القرار..
فإن هذا القانون "المنقذ" اتى في وقت نحن بأمس الحاجة اليه، ليخدم هذه القضية المهمة، ويضمن حقوقٍ لطالما أُنتهكت وسُلبت في السابق لفتيات قاصرات اضطُهدن وظُلمن من قبل ازواجهن وعائلاتهن والمجتمع الذي في النهاية يُقيم عليهن الحد ليَتَطَلقْنَ ويُطَلِقنَ الحياة!.
اضافةتعليق
التعليقات