ذات يوم جاءت تمشي على استحياء، الدموع تتناثر كحبات اللؤلؤ على وجنتيها، خففت من وطئ الصدمة باعطائها جرعة من كأس الصبر واخرى من كأس النصائح، فأخذت هذه الجرع مفعول المسكن لمشكلة ممتدة لسنوات..
وكعادتي في حب رؤية الموضوع من جوانبه الاربع،
فضلت ان تروي وتقص علي قصتها وفور بدأها بالتكلم غالبتها تلك الدموع الشقية التي لاتعرف متى تنهمر ومتى هو وقت انتهاء النزيف..
نزيف تلك الروح التي تشعر بظلمة الذنب الذي يلف ارجائها..
لم یکن زوجها فحسب، کان کل شئ في ركن عالمها المادي والمعنوي وحتى الافتراضي، لم تترك لنفسها فرصة للتفكير كيف تكون الحياة من دون هذا الرجل الذي غمرها بحبه وحنانه، لكن كانت هناك نقطة في نهاية السطر تعكر استمرار تلك الاجواء الجميلة.
كانت لاتنفك ان تقارنه بالآخرين فما ان تسمع بأحدهم قد اشترى لزوجته هدية حتى تؤنبه بنسيانه الهدية في ذكرى زواجهما للسنة العاشرة او قد تسمع من اخت او صديقة بانها خرجت للتبضع او الاكل في احد المطاعم حتى تبدأ بالثرثرة وإشعاره بانه ليس كهؤلاء الشباب (المودرن) كما
كانت تصفهم هي!.
لطالما ابدى انزعاجه من مقارنته بالآخرين وشرح لها الاسباب وبرر لها، لكنها على رغم حبها له كانت كثيرة التذمر من بعض تصرفاته، كانت تريد ان تجعله نسخة لمن تهوى، من صفات في اشخاص قد يكونوا حقيقيين او احياناً مجرد اشخاص وهميين!!
الى ان اتى ذلك اليوم الذي فتحت فيه عيناها على سراب ذكراه.. لم تجده في اي مكان لا في البيت ولا في مقر عمله انه في اجازه! ولكن لم يسبق ان اخذ اجازة دون علمها..
ترى اين ذهب لم تعِ مقدار صدمتها تلك الى ان وجدت وريقة صغيره بخط يده تقول:( عزيزتي الغالية وزوجتي الحبيبة لقد احببتك وانفقت عمري لأجل رسم الفرحة على وجهك، ولكن انت دائماً كنت تريدني نسخة من الاخرين وانا لست جاهزاً لأكون نسخة لاحدهم، ارجو ان تحبيني كما انا وتتقبلين خطوتي التي تحمل القسو نوعاً ما، خطوتها لكي اعطيك فرصة للتفكير وكما تعرفين قلبي الحنون عائد اليك ولكن بعد حين).
ورافقت رسالته هدية بسيطة، انها وردة بيضاء تعبر عن حبه الصادق لها،
كلمته التي جاءت في نهاية الرسالة وهي (بعد حين) كان وقعها على روحها كقنبلة موقوتة في الزمن، هاقد مر اسبوع من حين قراءتها لخطه ولم يأتِ بعد، وجاءت لكي تفرغ من عناء الانتظار للحبيب فبدا الانتظار محرقة..
جعلتني اقف متسائلة عن الوقت الذي قمنا فيه بمقارنة ازواجنا بالاخرين وكيف يكون شعورنا لو هم قارنوننا بغيرنا من النساء، فيا سيدتي زوجك هو حبيبك ورفيق عمرك وليس مستعداً على تقمص دور لا يجيد تمثيله في نهاية الأمر، فنجد اغلب العائلات تفككت نتيجة لمقارنتها بغيرها من العوائل او قد تنفر المرأة من زوجها لكثرة ملئ ذهنها باشخاص واقعيين او قد يكونوا خياليين من شاشات التلفاز او بطل لاحد الروايات وتطلب من زوجها ان يحذو حذو ذلك النموذج الخيالي.
ربما يكون اهتمام المرأة بالمظهر والماديات مبعث مقارنتها زوجها بغيره من الأزواج ويزداد الأمر مع أي مشكلة أو تقصير من الزوج فتأخذ الزوجة في سرد مزايا فلان من الأزواج ناسية أن ذلك يقودها إلى المشكلات إذ لا يمكن أن يعدّل الزوج من سلوكه لمجرد مقارنته بصديق أو أخ أو غيره، ومن هذا المنطلق استعرضنا اراء بعض النسوة من داخل الشبكة العنكبوتية ومن خارجها حول موضوع المقارنة وكانت هذه ارائهم..
أم أحمد، (أم لأربعة أولاد كبار) ورغم ذلك فهي غير راضية عن زوجها، تقول: كان زوجي في بداية حياتنا منظماً جداً لكنه بعد أن كبر في السن أصبح كسولاً جداً.. وعندما أقارنه بزوج جارتي أو زوج أختي أجد اختلافاً كبيراً فالأول هادئ ومنظم، والثاني حازم ويحب الهدوء في كل شيء.. أما زوجي فقد أصبح مشاكساً، وربما يعود ذلك إلى مرضه وزيادة المشاكل من حوله.
وتقول فاطمة محمد: في بداية حياتي الزوجية تعرضت لمشكلات كادت أن تنهي حياتي كزوجة فقد أقدمت على الزواج بآمال وطموح لا حدود لها. كنت مدللة في بيت أهلي، فظننت الزواج سيكون أكثر دلالاً، ولكن اتضح لي العكس.. فالزواج مسؤولية، بيت وزوج يأمر وينهى ويحاول أن يفرض شخصيته.
لم أتقبل الوضع الجديد، وأخذت أقارن بين حياة الدلال الآفل والجد القادم وبين الوالد وحنانه والزوج وأوامره لكني في النهاية اقتنعت بعدم جدوى هذه المقارنة وتكيفت مع حياتي الجديدة.. وتقبلت زوجي بعيوبه ومزاياه ثم اكتشفت أني كنت مخطئة عندما كنت أقارن بينه وبين غيره – حتى وإن كان والدي – لأن طبائع الناس لا يمكن أن تتفق..
المقارنة فطرة
وفاء.ع. (آنسة لم تجرب العيش في عالم الرجال) ولكنها ترى أن المقارنة فطريّةٌ في الإنسان وخاصة النساء.. وتقول: أنا من الآن أقارن بين من يتقدمون لخطبتي؛ لأتمكن من الاختيار المناسب.. ولا أعتقد أني سألجأ إن شاء الله للمقارنة بين زوجي وغيره من الرجال لأني سأختاره بقناعة وأتحمل مسؤولية اختياراتي مهما كانت النتائج.
وتذكر م.ع.ب تجربة وقعت لصديقتها كادت أن تؤدي إلى طلاقها فقد كان زوجها يكثر السهر خارج البيت ولم تجد محاولاتها في إثنائه عن عادته تلك فكانت تقارن بينه وبين زوج أختها الملتزم بالمواعيد والمحافظ على بيته وعائلته، فتأزمت المشكلات بسبب هذه المقارنات، ومنعها زوجها من زيارة أختها وساءت العلاقات بين الأسرتين.
وتدعو أم عبد العزيز، الزوجة العاقلة إلى الصبر والتحمل وعدم مقارنة زوجها بغيره من الرجال فلكل إنسان شخصيته المستقلة وتفكيره وطريقته في الحياة. فالمقارنة أحياناً تكون ظالمة، فكما أن المرأة تكره المقارنة بينها وبين غيرها حتى لو كانت أختها فكذلك الزوج لا يحب سماع تلك المقارنات.. فقد تكون باباً للخلاف واتساع الفجوة بين الزوجين بدلاً من تقريب وجهات النظر.
سامية النور، (مشرفة تربوية) تصف تلك المقارنة بأنها قنبلة مدمرة وسهم قاتل للأسرة، وتضيف بعدا سلبياً آخر للمقارنة يتمثل في انجراف البعض خلف المظاهر الخادعة والدخول في منافسات الماديات البراقة الأمر الذي قد يلقي بالزوج في هوة الخسائر المادية والديون الطائلة..
وتدعو سامية الزوجة إلى الركون إلى ميزان عادل منصف يقودها لتلمٌّس الجوانب الحسنة في شخصية زوجها وأسلوب تعامله بعيداً عن استخدام أساليب النقد واللوم والتذمر والتي عادة ما تترافق مع عملية المقارنة..
اضافةتعليق
التعليقات