أنا
من أنا؟ أين أنا؟
كيف أتكوّن داخل الحروف الثلاث لكلمةِ (أنا)!
أنني في نقطةٍ ما من العالم
لا أعلم ماهي
نقطةٌ سوداء بالغةِ الاتساع
لا بياض فيها ولا ضياء
أبحثُ عن مخرج
كأنني أغرقُ في العتمة
فضاءٌ لا حدود له
إن وجدتُ الحدود فقدتُ نفسي
وإن بقيتُ في مكاني
فلا أملٌ يلقي عليّ التحية
وأبقى ضريراً
لا أُبصرُ شيئاً سوى الظلام الدامس
وبعد ذلك كل شيء يبدأ بالتلاشي
لكنَّ روحي تتفتت
كأنها رماد
كأنها الرمل المتطاير
من أثرِ قنبلةٍ أطلقها العدو
على أمٍ هاربة تضمُ طفلها لصدرها بخوفٍ بالغ
لكنهم قبضوا عليها
قبل ان تلوذ بالفِرار!
في جوفي نيرانٌ لا تخمد أبداً
في جوفي عوالم لا حدود لها
لا بداية ولا نهاية
لا بداية لي
أنا قابِعٌ في منتصف الأشياء
لا أبدأ بشيء
مشاعري فجائية، آنية، مضطربة..
أنا لا أنتمي إلى الدنيا
لا إلى الأرض ولا لسكانِها
أنني أنظرُ لها من بعيد
كأنني على سطح كوكبٍ آخر
أراها من بُعدٍ ساحق
تدور وتدور
ولا أعلم إلى أين يؤدي دورانها ذاك
شروقٌ، فجرٌ، صباحٌ وغروب يتلوهُ ليل
لغاتٌ وأحاديث، قواعدٌ وقوانين
دواليب كثيرة تدور،
الأمر يشبه لو أنني
تمكنتُ من إنشاء ناطحة سحاب أو ما يشابهها
بالغة الجمال من الخارج
على آخر طراز
لكنني تُركت داخلها بأقبح ما يمكن
زجاجٌ متكسر
جدرانٌ مُتصدعة
دماءٌ تلوثُ كل الأنحاء
ترابٌ و روائح نتنة
تخالِطُها روائح زكية
كرائحة التراب والماء
سلالم مهشّمة،
والبعض منها قيد الإنشاء
أثاثٌ بالغ الأناقة
وآخر في غايةِ القُبح...
من صنع هذا الحُطام؟
ربما أنا من صنعته!
لأنني كما تمكنت من صنع واجهةً بهذا الجمال
أستطيعُ أن أُكملها من الداخل
ولكني هجرتها
وتركتُ للناس مساحة للتخريب في ذاتي
البعض منهم يحبون الدواخل المهشمة
ليهشموا أنفسهم إذاً!
لا أعلم
أو أنهم يظنون أنفسهم بأنهم الأعلى
ولكنهم لا يعلمون أنهم خاوين من الداخل!
أنا أعلم بكل ما ينتابني، لا أحد يشبه الآخر
كل شيء مختلف
أنا مريض بذات العظمة
وأنا أرى نفسي الأفضل بين الجميع
والأعلى بينهم
أياً كانت مصادر ما أكون عليه
لا يهمني..
إنه مرض، أنا مريضٌ بذاتي.
اضافةتعليق
التعليقات