أكثر الأحزان وقعاً هي تلك التي لا تُفسر، تخيل، حتى الدمع الذي يريقه الإنسان بتلك الحالة له ماهية الإغتراب التام، فأنت لم تذرف كل فصول الدمع إلا لتروي حقل التأويل الكبير الذي يشدُ انتباه قلبك.
علم النفس دائماً يُبهرنا بتحليلاته السيكولوجية التي تُشبع النفس اعتقاداً بملائمة التفسير للتحليل، فيقول إن الحزن لغير سبب هو علامة على أنك تفتقدُ شخصاً تحبه، وحين نُجابهه بأن أرواحنا الباكية لشخصٍ يحتوينا بذراعين تحتضنان كوكب الأرض بأثره، هو ميتٌ بالجسد فقط، لكنه يُبكينا دماً..
إنه حقاً لم يرحل لكنه يكسونا أحزاناً ملونة بشتى الظروف، إننا نطالبك بتفسير دمعنا ووصفهِ بما يليق والحب الفائض معه، لا أن توصلنا إلى متاهة الفقد، نحن لم نفقده يوماً، بل نرثيه حاضراً، وننصبُ المأتم لاسمه العجيب.
نُسكتُ كل نداءات الحياة الأخرى، حين يُؤذن الشجن، وتعزفُ الذكرى لحن الرجوع، وما يُبهرك أكثر أن كل القلوب تتوحد في عشقهِ، حتى الأديان جميعها ترفض أن تكون بمعزلٍ عن ذكراه، فالمسيحي يتحول دمعه إلى أجراس تدق على قارعة الدرب، والصابئي يحولُ رثاءه الى شِعرٍ يحتفلُ بانتصار الدم على السيف دون تذويق يُذكر، فهل حزنه يوماً يمرُ في مساحات الدُنى، ليعقد مواكب الحب على شرف الخلود، أم هو حزنٌ مثل القدر مخطوط على جيد العاشقين قلائداً من معرفة.
ليس ابتكاراً منا لنمجد الحزن على حب الحسين، لكننا وُلدنا من طينة حمراء تتوق للوطن الآمر بالحنين، تتملكنا رائحة الشوق لتجعلنا نقتفي أثر يُوسفنا، فالعين ما بكت لولا عاشوراء.
اضافةتعليق
التعليقات