امامك يا ولدي تنزل الكلمات العذاب من اول يوم لك في بطني وانا اتلو عليك المبادىء والقيم لتكون فردا صالحا تزرع الخير وتحصد الخيرات في هذه الدنيا التي لم نخلق لها.
من اين اتيت! اتيت من مجاهل الغيب اتيت من الحب لتثبت وجودا في عالم يتصارع فيه الخير والشر وانت لك ان تختار، واعلم ياولدي ان عليك اختيار الخير لتحيا بالسعادة.
وانا التي منذ القدم قد كتبت اسمي في سجل الوجود منذ اكثر من ثلاثين عاما ولست ادري الى اين المصير وماذا قدمت لذلك العالم الذي ينتظرني وينتظرك وينتظر كل مخلوق.
تلك النملة يا ولدي كانت تتحدث مع الانبياء ولها حكمة فلا تكن اقل منها واسعى بوجودك الى ذلك الباب وتلك الشجرة تسجد لله فلا تبخل على نفسك من الخضوع لرب الارباب وهاهي تنمو ارتفاعا وتكحل بجمالها العين وتنعش بهواءها الفؤاد وتعطي الثمر الطيب والدفء من خشبها يكون يوم تهرم في الشتاء...
هذا الشتاء الذي تسمع فيه صوت الرعد يسبح لخالقه وانت عليك بالذكر والتسبيح فما اهيب واجمل ذكره يرجف القلب خشوعا ويزيد في النفس ايمانا ويبشر بقدوم الرحمة للارض.
يا ولدي تأمل الكون فكل ما في الكون يدل على وجود المحبة الالهية واللطف والرحمة الربانية.
في هذا العالم يا ولدي لا ينبغي ان تكون لينا فتعصر ولا قاسيا فتكسر، كيف لي ان اشرح لك هذا وانا الممتلئة بحبك واجد نفسي يعتصرني الحنان لمجرد تخيل بكاءك او دموعك.
في هذا العالم طريقان حق وباطل فكيف لك التمييز بينهما! عندما تقف الى جانب المظلوم ضد الظالم وعندما تقف الى جانب الضعيف ضد القوي فتأخذ الحق منه وان كان ذلك يتطلب منك التضحيات والتضحيات يا ولدي تكون بالمال والنفس والولد في سبيل الخير.
وعن التضحيات.. كان في الزمن الماضي نبيا من انبياء اولي العزم ابراهيم عليه السلام رأى في رؤية له ما عليه من ربه بأن يقدم ابنه قربانا لمرضاته هل تعلم يا ولدي كم من موقف صعب هو ذاك فاذا اراد ذبحه فداه الله بذبح عظيم.
ومن ذلك اليوم نقدم الهدي في الحج على خطاه فيتقبل الله منا حجنا والا ما قيمة الهدي الا امتثالا وطاعة لله.
وعلينا في ذلك ان نخطو على خطى الصالحين والمؤمنين والانبياء والمرسلين ففي ذلك نهج الاستقامة وكأنها سبل وطرق اسسها الله لنا يدلنا بها الى طريقه المستقيم حيث ننعم بالجنة جنة الدنيا وجنة الاخرة فليكن ذلك من عزم امورك.
هل تعلم يا ولدي ان الله سبحانه قد ختم الانبياء والمرسلين بنبيه وحبيبه محمد (ص) فلماذا سمي بحبيب الله وخاتم المصطفين ذلك مالم اتوصل اليه ولايمكن لا احد ان يجزم بالوصول الى جواب على هذا السؤال ولكن في سيرته ما استشف به اجوبة على مثل هذه الأسئلة فهو حبيبه ورحمة للعالمين ذلك بسبب عطفه ورحمته وحبه لعباد الله.
كم تحمل من الاذى ولكنه لم يدعو على قومه بل كان يدعو: اللهم اغفر لقومي فانهم لا يعلمون.
كان يعيش يتيما ولكنه اصبح عنوانا للأبوة برأفته ورقته وأُلفته فهو ابو الايتام والمساكين والارامل والثكالى رغم انه لم يحظَ بابناء فلقد توفي ابناه ابراهيم والقاسم في صغرهما.
لقد عاش نبينا حياةً قاسية لكن قسوتها طبعت على قلبه بطابع اللين فلا تجعل من احد ان يقول لك ان فاقد الشيء لا يعطيه فها هو ذا قد اعطى الوجود مالم يعطي انسانا وفضله علينا بالهداية اكبر من اي فضل ونأمل ان يكون شفيعا لنا يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم.
يا ولدي في هذه الارض قد ترى جماعات وفئات تتقاتل مع بعضها البعض وكل يرى الحق في جانبه فلتكن ذلك الحق الذي يتقاتلون من اجله.
فأنت والله كذلك حينما ترى الاشياء توافه والصراعات كذلك فأي شي يستحق ان يسفك به دم لانسان او تيتم طفل او تنزل لاجله دمعة.
كيف لي ان اشرح ما يستعصى علي فهمه فأنا منذ الطفولة في عالم متصارع مضطرب ثائر ورافض لكني لم اجد السلام الا في داخلي وداخلي هذا ينبض بحبك فهل يتقبل الله مني ذلك .
فحبك يا ولدي قد صنع معجزات في التفكير وحبا للحياة واقبالا عليها فأنت حياتي التي احياها والتي اريدها في طاعة الله فكن معينا لي في ذلك.
اضافةتعليق
التعليقات