قد تصبح الرحلات الجوية عبئا ثقيلا على المسافرين؛ فإلى جانب المقاعد الضيقة والمساحات المحدودة للحركة، فليس هناك أسوأ من وجبة صغيرة وغير شهية في رحلة طيران طويلة.
لكن لماذا لا يستمتع كثيرون بوجبات الطائرة؟
في هذا التقرير نسبر أغوار مجموعة من الأسرار حول ما نتناوله في رحلات الطيران:
1- تم طرح فكرة تقديم شركات الطيران وجبات خفيفة للمسافرين قبل 100 عام، وتحديدا في 1919، وكانت أول رحلة قُدمت على متنها شطيرة وبعض الفاكهة من لندن إلى باريس.
2- تحاول شركات الطيران وضع شروط صارمة على موردي الوجبات المقدمة جوا، لكن احتمالات حدوث تسمم غذائي جماعي على متن رحلة جوية أمر غير مستحيل.
3- حواس التذوق لديك تتغير في الارتفاعات الشاهقة، وتغليف الوجبات وحفظها لساعات قد يغير مذاقها، لكن المؤكد أيضا أن حاسة التذوق لديك تضطرب فتشعرك بأن مذاق الطعام مختلف.
4- ربما لن تتخيل أنك تتذوق بأذنيك، تشير بعض الدراسات أن تناول الطعام في أجواء مزعجة ومليئة بالضوضاء يجعله أقل حلاوة وأقل ملوحة أيضا.
5- تستعين شركات الطيران بخبرات وتقييمات مشاهير الطهاة حول العالم. فعلى سبيل المثال، تستعين الخطوط الجوية البريطانية بهيستون بلومنتال.
أما خطوط "توماس كوك" للطيران فتستشير جيمس مارتن، في حين اعتمدت الخطوط الجوية الفرنسية على طهاة حاصلين على نجمة ميشلان في تحسين قائمة درجة رجال الأعمال.
وجبات خفيفة للغاية
فإذا كان كل ما سبق يتعلق بمذاق الوجبات، فلماذا لا تقدم شركات الطيران وجبات مشبعة للمسافرين، لا سيما على الدرجة الاقتصادية؟
يبدو أن الأمر يتعلق بالرياضيات، فعلى متن الطائرة ما يقرب من 300 راكب، أي ستقدم وجبة أساسية على الأقل خلال الرحلة، إلى جانب وجبة مثل الإفطار والوجبات الفرعية، فضلا عن أواني التقديم وأدوات الطعام والمشروبات، وهو ما يقدر على الأقل بـ150 كيلوغراما في الرحلات الطويلة.
لكن هذا الوزن في المجمل ليس كبيرا من وجهة نظرنا كمسافرين، إلا أن شركات الطيران تبحث دائما عن توفير المساحات والأوزان في كل فرصة متاحة، وهذا ما نلاحظه مؤخرا في المقاعد الضيقة ومساحات الحركة الأقل، إذ إن كل "بوصة" يتم توفيرها يمكن أن توفر مقعدا جديدا يضيف إلى أرباح الشركة سنويا.
ومن الأمثلة الشهيرة على ذلك من شركة الخطوط الجوية الأميركية عام 1987، وقتها كان روبرت كراندال الرئيس التنفيذي الجديد مديرا مقتصدا للغاية؛ فالرجل نظر إلى مجموعة الخيارات التي تعرضها شركته، وقرر تقليص أي شيء يعد غير ضروري.
أحد أوجه التقشف الذي قام به كراندال طال حبة زيتون واحدة من كل طبق سلطة يقدم في الدرجة الأولى، حيث قرر تقديم زيتونتين بدلا من ثلاث حبات، ونجح في توفير 40 ألف دولار أميركي سنويا (ما يعادل 82 ألف دولار اليوم).
هذا التوفير في ميزانية الشركة دفعه إلى إزالة عصير "جريب فروت" من قائمة المشروبات، وكذلك المناشف الساخنة في الرحلات القصيرة.
الطريف أيضا أن بعض شركات الطيران زعمت أن سبب تقديم وجبة غير مشبعة للمسافرين وأقل من احتياجاتهم الغذائية اليومية، هي أن المسافر لا يتحرك كثيرا خلال الرحلة، ومن ثم لا يحتاج إلى سعرات حرارية كثيرة خلال ساعات الطيران، ومن ثم تقرر الخطوط الجوية تقديم وجبات تناسب نشاطه البدني.
في المرة القادمة التي ستسافر فيها، حاول أن تحتفظ ببعض الوجبات الخفيفة في حقيبة يدك، لأنك قد تحتاجها كبديل أو إضافة إلى الوجبات المقدمة على متن الرحلة الجوية، لكن احرص على أن تلتزم بالقواعد الأساسية لشركات الطيران في ما يتعلق بالوزن والسوائل التي تحملها معك على متن الطائرة. بحسب موقع الجزيرة
تخطي وجبات الطعام على متن الطائرات.. هل هو خيار يتقبله المسافرون في المستقبل؟
أثناء حجز صاحب مدونة "God Save the Points" عبر الإنترنت، جيلبرت أوت، رحلة جويّة من مدينة نيويورك الأمريكية إلى العاصمة البريطانية لندن، لاحظ شيئًا جديدًا ضمن قائمة تفضيلات وجبات الطعام. وإلى جانب توفّر وجبات الطعام النباتيّة، أو الخيارات المُستندة إلى تعاليم الـ"كوشير"، كان هناك خيار لتخطّي خدمة الطعام تمامًا.
وقرّر أوت تخطّي وجبة الطّعام، وهو أمر يجب على جميع ركاب الطائرات التفكير فيه، بحسب ما ذكره.
وأفاد أوت عبر مدونته أنّ "فكرة تناول الطعام في منتصف الليل يضر بيومك بالكامل، وأعتقد أن هناك أدلة علمية موثوقة تنص أنّه يضر بقدرتك على التعافي من اضطراب الرحلات الجوية الطويلة".
وقد لا يشعر الجميع بالسعادة تجاه فكرة الامتناع عن وجبات الطعام على متن الطائرة مثل أوت، ولكن أصبحت بعض شركات الطيران، بما في ذلك "دلتا" (التي كان أوت على متنها)، والخطوط الجوية اليابانية (JAL)، توفّر هذا الخيار.
ولم يصدر الحكم بعد بشأن مدى تقبّل المسافرين لذلك على المدى الطويل.
ما أهمية وجبات الطعام؟
وحاليًا، لا يتوفّر خيار "تخطّي وجبة الطعام" إلا لبعض الركاب الذين يسافرون في مقصورة "Delta One" ضمن درجة الأعمال على متن خطوط "دلتا" الجوية.
ومنذ بدء البرنامج العام الماضي، أخبر ممثّل من شركة الطيران CNN أنّه تم رفض نحو ألف إلى 1،500 وجبة طواعيةً شهريًا.
ويعني ذلك اختيار 3% فقط من الرّكاب المؤهلين تخطّي الوجبات، ولكن الأمر عبارة عن اختبار لما يمكن أن تفعله شركات الطيران لتوفير الوقود، والتقليل من التكاليف، والمخلفات على متن الطائرات.
هل يجسد هذا الخيار ظاهرة "الغسل الأخضر" فقط؟
وقال منتقدو برامج تخطّي الوجبات إنّ شركات الطيران قد تمارس ظاهرة "الغسل الأخضر" فقط عبر محاولة إخفاء إجراءات مخفّضة للتكلفة بذريعة الاستدامة.
وعندما أطلقت الخطوط الجوية اليابانية خيار تخطّي الوجبات في عام 2020، قدّمت شركة الطيران للمسافرين مجموعة مجانيّة من المستلزمات الشخصية في مقابل تخطّي وجبة طعام.
ووصف أحد النّقاد، وهو غاري ليف من مدونة "View from the Wing"، المجموعة المجانية من المستلزمات الشخصية بأنها عبارة عن "عربون"، وجادل بأن البرنامج وضع الكثير من العبء على الرّاكب لإجراء تغييرات بدلاً من شركة الطيران ذاتها.
وكتب ليف: "أفترض أنّه من الأخلاقي لشركة الخطوط الجوية اليابانية توفير المال عبر الحد من هدر الطعام، ولكن هل يُعد اتّخاذ الراكب القرارات بشأن وجبات طعامه قبل 25 ساعة على الأقل من المغادرة، أي معرفة ما إذا كان سيشعر بالجوع في المستقبل، واجبًا أخلاقيًا"؟
وبدأ برنامج الخطوط الجوية اليابانية كاختبار تم تطبيقه على عدد محدود من المسارات، وهو متاح الآن للركاب في أي درجة وعلى متن أي رحلة دولية.
وفي الأصل، أُطلق على البرنامج اسم "الخيار الأخلاقي لتخطّي وجبة طعام"، ولكنه ليس مُستخدمًا بعد الآن.
كما استُبدلت المجموعة المجانية من المستلزمات الشخصية بشراكةٍ مع مؤسسة خيريّة تُدعى "Table for Two".
وأشارت شركة الطيران إلى أنّها ستتبرع بمبلغٍ صغير لهذه المؤسسة الخيرية في مقابل كل وجبة طعام يتم تخطّيها.
وتُقدّم المؤسسة وجبات غداء مدرسية للأطفال الذين يعيشون في ظل حالة من الفقر.
ومع ذلك، لم تحدد شركة الطيران مقدار الأموال التي ستتبرع بها، أو المدارس أو المناطق المستقبلة للتبرعات.
وهل سيشعر المسافرون بالرضا عن أنفسهم عند اتخاذ خيار "صديق للبيئة"؟ أم هل سيشعرون بالجوع فحسب؟
ومن وجهة نظر المسافر، قد تشعر وكأنك تتعرّض للغش، بحسب ما ذكره خواكين هيدالغو، والذي تعمّق مع ميلينغ تشين في عالم نفايات صناعة الطائرات لأطروحة تخرجهما في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) بعام 2022.
ورأى هيدالغو أنّه يجب على المسافرين إدراك "مدى تعقيد الأمر بأكمله، وما تنطوي عليه حقًا سلسلة التوريد بأكملها عندما يأتي الأمر لتقديم الطعام على متن الطائرات".
ولكن ما الذي يحدث للطعام الذي لم يتم تناوله لدى شركات الطيران؟
وتسمح بعض شركات الطيران للمضيفين بتناول وجبات الطعام التي لم يتناولها أحد من درجة الأعمال أو الدرجة الأولى.
ولكن في غالبية الأحيان، يتم حرقها أو رميها في مكب النفايات.
ويعتقد هيدالغو أنّه يمكن لصناعة الطيران السير في الاتجاه ذاته للفنادق التي تقدم حوافز للضيوف الذين يتخلون عن خدمات مثل تغيير ملاءات الأسرة بشكلٍ يومي.
وعند التحلّي بالشفافية بشأن الطعام المهدور، وتثقيف المسافرين، يمكن أن يصبح تخطي وجبات الطعام على متن الطائرات بيانًا بيئيًا بدلاً من كونه تفضيلًا شخصيًا فحسب.
ماذا لو غيّرت رأيي؟
وأشار أوت إلى أنّ السؤال الأكثر شيوعًا بشأن خيار تخطي وجبات الطعام يتمثل بسؤال: "ماذا لو غيّرت رأيي"؟
وفي النهاية، لن يستطيع المسافر التوقّف وتناول وجبة طعام خفيفة، إذ سيكون داخل أنبوب معدني في السماء.
ولكن تقوم العديد من شركات الطيران بتخزين وجبات الطعام الخفيفة على متن الطائرة، وخاصةً أثناء الرّحلات الطّويلة.
وهي ليست مجانية دائمًا، ولكن من المفيد معرفة أنّ الراكب لن يشعر بالجوع على متن الرحلة الجوية.
بحسب موقع CNN
اضافةتعليق
التعليقات