بينت نتائج دراسة حديثة تأثير مقاطع الفيديو الرقمية عن الأكل الصحي، على الأطفال والمراهقين الذين يعانون البدانة. فالدراسة استنتجت أن كثرة تعرّض الطفل لهذا المضمون المتعلق بأطعمة صحية، يُسهم في إنقاص وزنه، وعَيش حياة أكثر صحة وسعادة.
وخلصت الدراسة إلى أن مشاهدة مقاطع فيديو عن الأكل الصحي، أو اختيار خطة نظام غذائي على الإنترنت، أمر يمكن أن يساعد الأطفال الذين يعانون السمنة المفرطة على إنقاص وزنهم وتقليل مخاطر الإصابة بمرض السكري، كما أن الرعاية الصحية عبر الإنترنت يمكن أن تكون فعالة مثل مقابلة الطبيب وجها لوجه.
كما توصلت تلك الدراسة إلى أن مشاهدة مقاطع فيديو بشأن كيفية الطهي الصحي، وتناول كميات أقل من الطعام واختيار الأطعمة الصحية، عوامل تجعل الأطفال الذين يعانون السمنة أكثر سعادة.
وأسفرت التجربة عن تناول العديد من المشاركين الكثير من الفاكهة والخضروات والعزوف عن الأطعمة السكرية مثل الحلويات والوجبات الخفيفة والمشروبات الغازية، بالإضافة إلى تقليل عدد الوجبات المتناولة يوميا، مما أثبتت نجاح هذه التجربة بالفعل عبر فقدان العديد منهم وزنًا، وتحسن صحتهم بشكل عام.
السلطة الرقمية
معطياتٌ تؤكد من جديد النفوذ الذي تتمتع به المنصات على الإنترنت على الأطفال تحديدا، لدرجة ترسم توجهاتهم وتفضيلاتهم.
وقالت الخبيرة النفسية والتربوية الدكتورة كارين إيليا إن "الأعمار بين 8 و17 المستهدفة بالدراسة، هي أعمار قابلة للإيحاء وهي سريعة التأثر، ونحن اليوم في عصر الإنترنت وقد أثبت العديد من الدراسات أن علاقة الطفل أو المراهق بالعالم الرقمي يمكن أن تساعده مثلما يمكن أن يسبب في إيذائه".
وقد فصّلت الدكتورة كارين "أن الشيء الإيجابي في المضمون الرقمي قد يفيد الأطفال عموما من خلال إكتساب بعض المهارات والمعلومات، لكن بالنسبة لهذه الدراسة لا يمكن القول أن تأثر فئة أطفال ما قبل البلوغ من جهة والمراهقين من جهة أخرى بهذا المضمون موحدة، فإختلاف المرحلة العمرية ينتج عنه اختلاف أيضا في الإستيعاب وطرق الإقتداء والتأثر".
وقالت الدكتورة كارين إيليا نحن نحتاج إلى المزيد من الدراسات المفصلة والمعمقة لتأكيد إيجابية المضمون الرقمي على صحة الأطفال، خصوصا وقد ظهرت عدة دراسات أخرى ربطت بين سمنة الأطفال ومشاكلهم الغذائية ومتاعبهم الصحية كأوجاع الظهر والرقبة وبين إدمان الإنترنت.
كما شددت إيليا على ضرورة فصل الفئات العمرية خاصة في الدراسات، لأن الأطفال في عمر 8 سنوات لا يتفاعلون مع آراء أهلهم بنفس الطريقة التى يتفاعل بها المراهق، وحتى مرحلة المراهقة فهي تحمل في إحدى فصولها مرحلة التمرد، فتعود الطفل في بيته ومع أسرته على نظام غذائي صحي يجعله أكثر قابلية للاستمرار على هذا النهج الغذائي مستقبلا، وقادر على التأثر سريعا ببرنامج عذائي صحي.
وقالت الدكتورة كارين إيليا أن كل شيء نمنحه باعتدال للطفل يكون صحيا، فإذا اعتمد الأهل هذه الفيديوهات ضمن خطة صحية وممنهجة مع اختيار المحتوى وشرحه ومراقبة ذوق أطفالهم وتلبية إهتماماتهم، تكون النتائج إيجابية و تخدم أسلوب حياة هادف وصحي. حسب سكاي نيوز
كيف يؤثر النظام الغذائي لطفلك على قدراته المعرفية؟
أتاحت لنا تقنيات التصوير الجديدة مثل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) معرفة كيفية عمل الدماغ اعتمادا على التغذية المبكرة، وتتزايد الاكتشافات الحديثة التي تربط بين غذاء الطفل وقدراته المعرفية ومشكلاته السلوكية في مرحلة الطفولة ولاحقا أيضا في سنوات المراهقة، وقد أشارت دراسة أوروبية أُجريت عام 2008 إلى أن تغذية الأم أثناء الحمل ونوع النظام الغذائي للطفل في سنوات حياته الأولى يمكن أن يُحدّد التطور المعرفي والسلوكي للطفل، وقد تتبّعت الدراسة تأثير تناول فيتامينات مثل حمض الفوليك والأحماض الدهنية (أوميجا 3) والبروتينات والمغذيات الدقيقة مثل الحديد واليود على النمو المعرفي والعاطفي والسلوكي للأطفال، المشروع الذي قادته كريستينا كامبوي، الباحثة في جامعة غرناطة، كان يهدف لتأسيس قاعدة علمية صلبة لوضع توصيات غذائية للحوامل والأمهات لتحسين التطور المعرفي للأطفال الصغار ومنع ظهور اضطرابات السلوك، وقد تتبّع أكثر من 17 ألف أم و18 ألف طفل من مناطق مختلفة في أوروبا.
ركّزت الدراسة على تغذية الأم خلال الحمل وتغذية الطفل حتى سن التاسعة، وأفادت أن تناول الأم لحمض الفوليك خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل يمكن أن يُقلِّل احتمالات حدوث مشكلات سلوكية أثناء الطفولة المبكرة، وأن تناول الأسماك الدهنية الغنية بأوميجا 3 تُفيد في بناء خلايا الدماغ، كما أن احتواءها على اليود الذي يُعتبر من المغذيات الدقيقة له تأثير إيجابي في قدرة الأطفال على القراءة ببلوغهم سن التاسعة، بينما أكّدت الدراسة أن نقص بعض العناصر الغذائية في مرحلة مبكرة من عمر الطفل له عواقب بعيدة المدى في عمر متقدم.
النظام الغذائي والطفل
تُخبرنا أخصائية التغذية الدكتورة رند الديسي، مُتفقة مع رأي برتولد كوليتزكو، أن أهم المراحل في تغذية الطفل هي الألف يوم الأولى التي تتشكّل فيها البنية الأساسية لجسم الطفل، وفيها يمكننا -نوعا ما- التحكم في غذاء الطفل والتركيز على العناصر الغذائية المتكاملة والمتنوعة، أما بعدها فغالبا ما يكون الطفل انتقائيا في غذائه، فيركز في فترة ما على أغذية معينة ثم ينتقل لغيرها، وهي تؤكد إمكانية تعويض قصور التغذية في المرحلة اللاحقة بعكس الألف يوم الأولى في حياة الطفل التي لا يمكننا تعويض قصور التغذية فيها.
وتنصح الديسي بالتركيز على تغذية الأم خلال فترة ما قبل الحمل، إذ تُثبت دراسات حديثة متعددة تأثيرها بشكل رئيسي على جينات الأطفال الخاصة بالأمراض غير المنتقلة أو الأمراض المزمنة التي تحدث في عمر متقدم، وترتبط أيضا بتغذية الأم خلال فترة الحمل، وتُشير إلى ضرورة أن تكون الزيادة في وزن الأم طبيعية، إذ ترفع الزيادة المفرطة في الوزن من أخطار إصابة الأم بالسكري أثناء الحمل وارتفاع ضغط الدم الذي قد يُنذر بولادة مبكرة، كما يزيد من احتمالات ارتفاع ضغط الدم لدى الطفل في عمر متقدم، وتوضح أن الزيادة الأقل من الطبيعية في وزن الأم تعني أيضا زيادة خطر تعرُّض الطفل للإصابة بالسكري من النوع الثاني والسمنة في عمر متقدم، لذلك تنصح الأم بالوصول إلى الوزن الطبيعي إذا كان الحمل مُخططا له.
وتوضّح أن أبرز العناصر التي يجب الحصول عليها خلال فترة الحمل هي البروتين، الذي يؤمّن الأحماض الأمينية الضرورية للنمو والفيتامينات والمعادن، وتختلف الحصص المطلوبة وفقا للوزن والطول والعمر للمرأة الحامل، لكنها تبلغ تقريبا أربعة أضعاف ما كان جسم الأم يحتاج إليه قبل الحمل وخاصة في الأشهر الثلاثة الأخيرة للحمل من ناحية البروتين، إذ يلعب البروتين دورا رئيسيا في بناء أنسجة وعضلات الجنين والإنزيمات والهرمونات.
وتُشير في النهاية إلى أهمية الحصول على النشويات من مصادر ذات نسب سكريات قليلة وتسمى أغذية ذات مؤشر غلايسيمي منخفض، مثل الشوفان والحبوب الكاملة، لترتفع نسبة السكر تدريجيا، وتؤكد أن الحصول على حمض الفوليك خاصة في أول ثلاثة أشهر من الحمل وما قبل الحمل بثلاثة أشهر بنسبة 400 إلى 600 ميكروجرام يوميا يحمي الجنين من أمراض متعددة تسمى عيوب الأنبوب العصبي، التي يمكن أن تحدث لدى بعض الأجنة والأطفال، وتُسبِّب مشكلات في النخاع الشوكي قد تؤدي إلى الشلل. حسب الجزيرة
اضافةتعليق
التعليقات