هناك حالة طبيعية توجهنا نحو تناول الطعام وهي شعورنا بالجوع نتيجة نقصان في تركيز سكر الكلوكوز الذي يزود الجسم بالطاقة الكافية للقيام بالوظائف المناطة بنا، ولكن هل نأكل كلما شعرنا بالجوع؟.
إذا كان الجواب نعم، فهذا غير صحيح، إذ لابد من وضع نظام خاص لغذائنا من حيث النوعية والكمية، وتحديد الأوقات المناسبة لتناوله، فهذا التحديد يساعدنا على المحافظة على صحة أفضل، وليس هذا فحسب بل لابد من تهذيب أنفسنا وعدم الإقبال على تناول الطعام متى شئنا، أو متى ما قدم إلينا.
إن هناك مجموعة من الأسباب التي تدفعنا لتناول الطعام على الرغم من عدم شعورنا بالجوع وهذه الأسباب هي بعض حالات الاكتئاب، والتوتر والقلق، والشعور بالوحدة والفراغ، يلجأ من يعاني من هذه العوارض إلى إشباع هذا الإحساس بتناول الطعام اعتقادا منه أن هذه الطريقة تساعد قليلا في التخفيف من هذه الحالة، وقتل الوقت الضائع بتناول الطعام، ولكن الأفضل محاولة إيجاد سبب الأزمة النفسية حتى لا تتكون أزمة أخرى وهي زيادة الأكل عن الحاجة وما تؤدي اليه من زيادة الوزن، وأمراض السمنة مثل السكري والضغط ويفضل أن تقضي أوقات الفراغ في أعمال مفيدة كالقراءة والتنزه ومزاولة حرفة أو هواية معينة، ليساعد ذلك في حل هذه المشكلة.
وهناك اسباب تدفع بالبعض لتناول الغذاء في غير وقته، وليس عند الجوع، هو كثرة الجلوس أمام شاشة التلفاز فيضع المشاهد أمامه طعاما او مكسرات او معجنات، ويبدأ بتناولها وهو غير جائع وهذا خطأ كبير ومما يؤسف له انه متفش.
والسبب الآخر لتناول الطعام غير الجوع هو اغراءات فتح الشهية للطعام اللذيذ، فأحيانا تكون الرغبة نحو الطعام لا لأن الشخص جائع بل لأن الطعام ممتع المنظر وشهي ولذيذ المذاق.
هنا يجب على الإنسان أن يتناول كمية قليلة حتى لو كان الطعام شهيا ولذيذا وهنا تكمن مجاهدة النفس، فالإنسان ينبغي ان لا يعطيها كل ما تريد وإلا فإنها ستغلبه وتؤدي به إلى الهاوية.
وفي توصية في عدم الأكل على الشبع يقول رسول الله (ص):
«مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ».
وعلى ذلك فإن الذي يأكل اكثر من حاجته لا لشيء سوى لأن الطعام موجود أمامه وبكمية كبيرة، وبأنواع وألوان ونكهات مختلفة ومتعددة، فهو شخص عنده خلل.
وليعلم كل شخص منا أن الطعام نعمة من الله تعالى وينبغي الحفاظ على هذه النعمة وتناولها باعتدال وتوازن وخير الأمور اوسطها حتى في تناول الغذاء قال تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾.
وقال رسول الله (ص): «نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع».
فالشبع من مفسدات القلب، فهو يثقل عن الطاعات، ويشغل الشخص عن العبادات والتفكر، وأن من أكل كثيرا شرب كثيرا وبالتالي نام كثيرا فخسر كثيرا من وقته.
وإن قلة الأكل له منافع بالنسبة إلى القلب وصلاحه، فقلته توجب رقة القلب وقوة الفهم، وانكسار النفس، وضعف الهوى واطفاء الغضب بينما كثرته توجب عكس ذلك تماما.
مما يلفت النظر انه في عهد الرسول (ص) لم تكن هناك أجهزة يكشف بها عن الداء، ويوضع له الدواء ومع ذلك نجده (ص) يصف لنا الداء والدواء ويوجز لنا الدواء بقاعدة مضمونها:
«إن صحة الجسد تكمن في التقليل من الأكل وعدم الأكل على الشبع».
اضافةتعليق
التعليقات