في أعماق العينين اللتين تعكسان حكايات العمر وكفاحه، بدأ يلوح بريق غريب يشبه ضوء شمعة تتلاشى تاركة وراءها ظلالاً من النسيان.
إنه ألزهايمر، ذلك اللص اللئيم، الذي يسرق خزائن الذكريات الثمينة، ويحولها إلى ما يشبه الخرائب المهجورة، فيصبح كل شيء غريباً ومربكاً. وجوه الأحباء تتحول إلى ألغاز، والأماكن تصبح متاهات مجهولة الدروب، حتى المريض لا يتعرف إلى انعكاسه في المرآة.
فيحاول الأبناء والأحفاد والأصدقاء جاهدين إعادة حياكة خيوط الذاكرة المفقودة في رحلة طويلة في أعماق النفس البشرية مليئة بالتحديات والألم والعاطفة والإنسانية والعطاء في آن.
ألزهايمر غزو صامت للدماغ
من أسهل ما يقال عندما ننسى أمراً إننا أصبنا بألزهايمر على سبيل التشبيه، ولكن الأمر ليس بهذه البساطة. فألزهايمر مرض عصبي يؤثر بصورة رئيسة على الذاكرة والتفكير والسلوك، ويعد السبب الأكثر شيوعاً للخرف المعروف بـ"الديمنشيا"، وهو تدهور عام في الوظائف العقلية يؤثر في القدرة على أداء المهام اليومية.
ولا يزال العلماء يدرسون الأسباب الدقيقة لمرض ألزهايمر، ومنها تشكل لويحات "الأميلويد" البروتينية في الدماغ، وتجمعها بين الخلايا العصبية، مما يؤدي إلى تعطيل التواصل بينها، كما أن تشابك الخيوط الليفية من بروتين معين داخل الخلايا العصبية يؤدي إلى موت هذه الخلايا، ويسهم التهاب الدماغ في تدمير الخلايا العصبية، كما يؤدي التقدم في العمر إلى تقلص حجم الدماغ بخاصة في المناطق المسؤولة عن الذاكرة والتفكير.
فالتغيرات البروتينية وتراكمها تؤثر في عمل الخلايا العصبية وتضعف الاتصال بينها، فتبدأ بالاحتضار تدريجاً، فتتدهور وظائف الدماغ، وتطفو عوارض ألزهايمر على حياة الإنسان من النسيان وفقدان الذاكرة وصعوبة التفكير وعدم ضبط السلوك.
نسيان واكتئاب وعدوانية
وتختلف أعراض ألزهايمر من شخص لآخر، وقد تتطور ببطء على مدى سنوات عديدة. وأكثرها شيوعاً فقدان الذاكرة وصعوبة تذكر الأحداث الحديثة، ونسيان الأسماء والأماكن، وتترافق مع صعوبة في التفكير وحل المشكلات واتخاذ القرارات وتنظيم الأفكار وصعوبة في العثور على الكلمات المناسبة وفهم اللغة المكتوبة والمنطوقة، وأيضاً صعوبة في أداء المهام اليومية العادية وتغيرات في المزاج والسلوك، وقد تظهر العصبية أو الاكتئاب أو الجمود وتصل إلى العدوانية.
خطر الإصابة بألزهايمر
سؤال يخطر ببال كل شخص إن كان مرشحاً لينال منه ألزهايمر. فما عوامل خطر الإصابة؟
يعد التقدم في السن العامل الأكثر خطورة، كما تلعب الوراثة دورها، فوجود تاريخ عائلي لمرض ألزهايمر يزيد من الخطر، وتزيد أمراض القلب والأوعية الدموية، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري، من خطر الإصابة، كما يسهم نمط الحياة الذي ينتهج العادات غير الصحية مثل التدخين والسمنة وقلة النشاط البدني في زيادة احتمال الإصابة بألزهايمر.
وفي تقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2023 يعاني أكثر من 55 مليون شخص من الخرف في جميع أنحاء العالم، ويعيش أكثر من 60 في المئة منهم في البلدان ذوات الدخلين المنخفض والمتوسط. وفي كل عام هناك نحو 10 ملايين حالة جديدة. ويعد الخرف سابع سبب رئيس للوفاة وأحد الأسباب الرئيسة للإعاقة والاعتماد بين كبار السن على مستوى العالم. حسب اندبندت عربية
اضافةتعليق
التعليقات