يخضع الجهاز الهضمي لدينا لنمو وتمايز سريعين خلال أول 1000 يوم من ولادتنا، ويعد ضمان النمو الصحي للأمعاء أمراً بالغ الأهمية.
تُعرف الأمعاء بأنها الدماغ الثاني في جسم الإنسان، إذ تنتج عدداً من النواقل العصبية، وهي المواد الكيماوية التي تفرزها الأعصاب اللازمة للتواصل مع الأنسجة الأخرى، فترتبط الأمعاء مع الدماغ من خلال شراكة تسمى محور الأمعاء والدماغ الذي بدوره يربط الإشارات الكيماوية الحيوية من وإلى الجهاز الهضمي والجهاز العصبي المركزي.
وفي دراسة أخرى، تشير الأبحاث إلى أنه قد يكون هناك أيضاً رابط يسير في اتجاه واحد من الأمعاء إلى القلب، لذلك فإن الحفاظ على صحة الأمعاء يمكن أن يكون وسيلة أخرى للحماية من أمراض القلب.
لذلك ثق بحدسك واتبع قلبك، فقد اتضح أنه يمكنك القيام بالأمرين في الوقت نفسه، فصحة الجهازين القلبي الوعائي والهضمي مترابطة.
موطن 100 تريليون كائن حي
يخضع الجهاز الهضمي لدينا لنمو وتمايز سريعين خلال أول 1000 يوم من ولادتنا، ويُعدّ ضمان النمو الصحي للأمعاء أمراً بالغ الأهمية، إذ ترتبط وظيفة الأمعاء ارتباطاً وثيقاً بالصحة والرفاهية بصورة عامة، وتُعدّ الأمعاء موطناً لـ 100 تريليون كائن حي دقيق، تُعرف مجتمعة باسم "ميكروبيوتا"، وعلى رغم أن الوظيفة الأساسية للأمعاء هي الهضم وامتصاص العناصر الغذائية وإخراج الفضلات، إلا إن لها تأثيراً كبيراً في كل من نمو ووظيفة الجهاز المناعي، وكذلك في الاتصالات بين الأمعاء والدماغ.
ولكن لا يتأثر جسم الإنسان فقط بما يتناوله، بل يتأثر بما تستوعبه الكائنات الحية الدقيقة الطبيعية في أمعائه بعد تناول الطعام، لذلك يواصل الباحثون زيادة فهمهم لكيفية تأثير بكتيريا الأمعاء في الصحة العامة، إذ يرون أن هذه البكتيريا لا تؤثر في عملية التمثيل الغذائي والاستجابات المناعية وحتى الحال المزاجية فحسب، بل يعتقد العلماء والباحثون الآن بأنها قد تؤثر كذلك في صحة القلب.
كيف تؤثر الأمعاء في القلب؟
تعرف الطبيبة ميريتكسيل نوس الباحثة في مؤسسة القلب البريطانية في جامعة كامبريدج، بأنها خبيرة في كيفية تأثير النظام الغذائي في خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، خصوصاً كيف يمكن لنظام غذائي عالي الكوليسترول أن يسبب تغييرات في طريقة تصرف بعض الخلايا في جهاز المناعة.
ويتم تمويل فريقها لاستكشاف ما إذا كانت بعض أنواع البكتيريا المعوية يمكن أن تحمي الإنسان من الإصابة بتصلب الشرايين الذي يمكن أن يؤدي إلى النوبات القلبية وأعراض مرض القلب التاجي.
وعن هذا تقول، "تحتاج الخلايا المناعية، مثلنا تماماً إلى العناصر الغذائية، وتعتمد خلايانا المناعية على الطعام الذي نتناوله، لذلك كنت أدرس كيف يمكن أن يؤثر اتباع نظام غذائي فقير بالدهون في الخلايا المناعية وتطور تصلب الشرايين".
وأظهرت الدراسات وجود صلة بين ميكروبات الأمعاء وتصلب الشرايين والنوبات القلبية وارتفاع ضغط الدم والسكري، ووجدت أبحاث عدة كذلك أن ميكروبات الأمعاء تتأثر بالنظام الغذائي وأن تنوع ميكروبات الأمعاء قد يكون مرتبطاً بصحة أفضل، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لإثبات السبب والنتيجة.
علاقة الميكروبات بتصلب الشرايين
ويمكن أن تكون للبكتيريا الموجودة في الجهاز الهضمي تأثيرات بعيدة المدى في الجسم وصحة القلب والأوعية الدموية، فتريليونات الكائنات الحية الدقيقة الموجودة في الأمعاء، أو الـ"ميكروبيوم" ضرورية للصحة الجيدة.
فعلى رغم أن الأبحاث المتعلقة بالـ"ميكروبيوم" ما زالت في بدايتها، حدد العلماء روابط متعددة بين مجتمع مزدهر من "البكتيريا الجيدة" والنتائج الصحية الإيجابية، وبما أنه يوجد بين القلب والأمعاء رابط، فقد وجدت دراسات عدة روابط بين الميكروبات المقيمة فيها وأمراض القلب، ووثقت الأبحاث المبكرة بعض التلميحات المثيرة للاهتمام التي تشير إلى أن بكتيريا الأمعاء وأمراض القلب والأوعية الدموية قد تكون لها علاقة.
وعلى سبيل المثال، رصدت دراسة أجريت منذ أعوام فروقاً بين ميكروبات الأمعاء لدى الأشخاص المصابين بتصلب الشرايين وأولئك الذين لا يعانون هذه الحالة، فكان الأفراد الذين يعانون تصلب الشرايين الشديد أكثر عرضة لوجود مزيد من البكتيريا من جنس Collinsella.، ولم تقف الأبحاث هنا، بل أظهرت أن أعضاء هذا الجنس أكثر انتشاراً لدى الأفراد الذين يتناولون كثيراً من الأطعمة المصنعة.
وعلى النقيض من ذلك، كان المشاركون في البحث الذين لا يعانون تصلب الشرايين أكثر عرضة لوجود مستويات أعلى من البكتيريا الجيدة من جنسي Roseburia و Eubacterium.
من الفم إلى القلب
يقول الطبيب ستانلي شو، وهو اختصاصي أمراض القلب في مستشفى بريغهام، "هناك تفاعل معقد بين الميكروبات الموجودة في أمعائنا ومعظم أنظمة أجسامنا، بما في ذلك الجهاز الوعائي والجهاز العصبي والغدد الصماء والجهاز المناعي التي ترتبط جميعها بصحة القلب والأوعية الدموية".
وبما أن النظام الغذائي يقوم بدور مهم في تكوين ميكروبات الأمعاء، فإن ما تطعم أمعاءك يمكن أن يؤثر في صحة القلب للأفضل أو الأسوأ.
ويتابع "لذلك أفضل نصيحة لمساعدة أمعائك في مساعدة قلبك هي اتباع نظام غذائي قائم على النباتات مثل النظام الغذائي المتوسطي أو أنماط الأكل المماثلة، فيتضمن ذلك الحد من تناول اللحوم الحمراء وتناول كثير من الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة الغنية بالألياف، وكلها يمكن أن تكون لها تأثيرات إيجابية في الأمعاء"، ويقول الطبيب شو "إذا كانت أمعاؤك صحية، فهناك فرصة أكبر لأن يكون قلبك صحياً أيضاً".
مكملات غذائية
أما خبراء التغذية، فيروجون في كثير من الأحيان لنوعين من المكملات الغذائية لدعم صحة ميكروبيوم الأمعاء، البروبيوتيك والبريبايوتيك، وتحوي البروبيوتيك بكتيريا مفيدة، بينما البريبايوتيك هي غذاء لهذه البكتيريا.
في حين أن هناك أدلة على أن بعض أنواع هذه المكملات الغذائية قد تكون مفيدة لصحة الأمعاء، إلا أنه لا يوجد دليل مثبت على أن البروبيوتيك والبريبايوتيك تقللان من الالتهابات وأمراض القلب والأوعية الدموية على المدى الطويل.
وتشير دراسات سابقة إلى وجود علاقة بين تناول الأطعمة التي تحوي البروبيوتيك وارتفاع ضغط الدم، فيعتبر الزبادي مثالاً على البروبيوتيك، ومثله الكراث والهليون والثوم والبصل الأخضر والهندباء وبذور الكتان والموز والكاكاو والتفاح...
لذلك يمكن للأنظمة الغذائية الغنية بالألياف أن تخفض خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية بنسبة تصل إلى 30 في المئة، إذ تعمل الألياف الموجودة في الأمعاء الدقيقة على ربط الدهون والكوليسترول، مما يقلل من الامتصاص ويخفض مستويات الكوليسترول في الدم.
وتساعد ميكروبات الأمعاء على تحلل الألياف بواسطة البكتيريا الموجودة في القولون لتكوين أحماض دهنية قصيرة السلسلة، فتتفاعل هذه المركبات مع مستقبلات محددة على الخلايا التي تنظم ضغط الدم، وتتحكم بصورة أفضل في نسبة السكر في الدم ووزن الجسم لدى الأشخاص المصابين بمرض السكري وتخفف الالتهاب، وكل هذا يمكن أن يحسن صحة القلب. حسب اندبندت عربية
اضافةتعليق
التعليقات