وحدي أضيء ووحدي من ينطفئ لا أحد مصدر نوري فأنا حتما قمري وكل نجومي، فلا تدعي أنك آخر جرعة أوكسجين أو أنك من ينقذ مرضى الربو من ضيق أنفاسهم أنت حتما لاشيء فأنا التي صنعت مكانتك ولما علمت بها زاد الغرور وأصبحت العالم وأنا الخطأ بعينه لكنني حتما مدينة بالاعتذار لواحد فقط (أنا آسفة ياالله عن كل مرة ظننت فيها أنك ابتليتني وكنت تنقذني من البلاء).
ضوضاء صاخبة حتى في ألوانها وأفكاري مشوشة حد التلوث وكأنني تائهة في حديقة سرية مملوءة بالشوك وكل شوكة تصرخ: هي من حصتي اتركوها لي، فأهرول مسرعة والصرخات تمزق طبلة اذني، عجيب كيف لي أن أرى النباتات تتكلم وأرى فيها حتى عيون تود أن تأكلني ثم بعد رعب طال عام في حلمي ودقائق معدودة في الحقيقة أشعر بتصلب الأرض تحتي والسرير كأنه يبتسم لا أعلم حقيقة أم انني مازلت معلقة بذاك الحلم..
أشعر وكأنني أقف على ناصية وبالجهة الأخرى يقف العالم وكأنما العالم اجتمع ليقف ضدي، حتى أصوات المركبات أشعر أنها تلاحقني وكل كلمة أسمعها وكأنني المقصودة، فتتجمع الدموع بباب عيني بصمت ثم أعود لمواجهة الزحام الخارجي وكأنني حقا مظلومة أو ربما أنا مظلومة لكن ذاك الضعف داخلي هو من يدفعني للوقوف متأخرة وبحجة أنني لا أعرف الاساءة أو بالفعل أنا هكذا، لكن الحياة مختلفة تماما إن لم تكن فيها ذئبا فحتما ستأكلك الذئاب.
لكن يمكننا أن نُظهر بذرة الخير فينا وبشكل محدود فليس الجميع كما نظن، فمؤخرا رأيت فرو الذئاب يظهر من يدي الكثير من حولي وأنيابهم باتت واضحة، ربما ليس من الجيد أن أميل كل الميل فأظن انه اعتدال والحقيقة مختلفة تماما هي أنه ليس من الضروري أن كل من يبتعد عني هو من يخسر ربما الابتعاد ربح من نوع آخر، وربما أنا ذاك الشخص المؤذي فليس من الضروري أن أكون دوما أنا الملاك المظلوم ومن حولي هم الأشرار وربما ليس هناك ظلام من الأساس.
استوقفتني كلمات ذكرت في كتاب (نبأ يقين) للكاتب ادهم شرقاوي ذكر فيها: منذ سنوات كنت أكتب بصخب!. فقال لي شيخي الذي يعلمني أحكام التجويد:
هل فكرت أن توقد شمعة بدل أن تلعن الظلام؟!
قلت له: والظلام؟
قال: لايوجد شيء اسمه الظلام فالظلام هو غياب النور، أوقد شمعتك يندثر الظلام، أو امض حياتك في العتمة!.
هي الحقيقة بعينها نحن من نلجأ للعتمة بينما النور في كل مكان، نبحث عن الزوايا نهرول وراء دموع الحزن ندعي البراءة بكل شيء حتى نسقط بالهاوية، ثم نقول: وما أدرانا قد استغلت طيبتنا، بينما الحقيقة خلاف ذلك.
ربما لا أدعو أن نكون أشرار لكن على الأقل أن لانكون صلبين كل الصلابة فنكسر ولا فينا من اللين ما يجعلنا بسهولة نعصر، فكلنا يعتقد أنه على صواب وفي الحقيقة كل منا يخبئ شيء في حياته هو قمة الخطأ لكننا نرفض الاعتراف بالحقيقة، والأجدر بنا ان نبدأ بأنفسنا ونغير أخطاءها قبل أن نلتفت لأخطاء العالم الخارج عن ارادتنا ولانملك سلطة عليه سوى اللسان الذي لن يقدم شيء ولن يؤخر..
تقول الأسطورة: يُحكى أن ملكًا كان يحكم دولة واسعة جدًا، وأنه أراد ذات يوم أن يقوم برحلة طويلة يجوب فيها أرجاء المملكة، فتورمتْ قدماه من وعورة الطرقات وأشواكها، فأصدر مرسومًا ملكيًا يقضي بتغطية كل شوارع المملكة بالجلد، ولكن أحد مستشاريه قال له: هذا مستحيل أيها الملك، ولكن ما رأيك أن نجعل لك قطعة جلد أسفل قدمك وهكذا تصبح كل الطرق كما تريد! فأُعجب الملك بالفكرة، وهكذا وُلدت الأحذية!.
الجميع يريدون تغيير العالم، ولكن لا أحد يريد تغيير نفسه، مع أنه متى غيّر الإنسان نفسه فإن العالم سيتغير تلقائيًا. إن هذا العالم حقيقته من العين التي يُنظر بها إليه، وكلنا نملك نفس العين ولا نملك نفس النظرة.
ولو أبصر المرء عيوب نفسه لانشغل بها عن عيوب الناس؛ لأن المرء مطالب بإصلاح نفسه أولا وسيسأل عنها قبل غيرها، وقد قال الله تعالى: "كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ".
اضافةتعليق
التعليقات