يعتبر الإسترخاء من أسهل وسائل الترويح عن النفس، فهو بالإضافة إلى انه لا يكلف شيئاً فإنه متوفر للجميع، وفي كل وقت. غير إن الإسترخاء مهما كان بسيطاً فهو ليس أمراً سهلاً، خاصة عندما يكون المرء في حالة من الإثارة والإنفعال.
ولهذا فإن الإسترخاء لن يعطي ثماره إلاّ بشرطين:
الأول_ أن نقوم به، ليس من أجل رفع التوتر العصبي بعد حصوله فحسب، بل كأمر روتيني لمنع حصوله ايضاً.
الثاني_ أن نتدرب عليه.
ومن هنا فضروري أن نتعرف على بعض الأساليب المجربة في هذا المجال، نقوم بالتدرب عليه بين فترة وأخرى.
ان ضغوط الحياة اليومية تتطلب الاسترخاء بشكل منتظم للتخفيف من الشعور بالإنهماك قبل حصوله، كما تتطلب التمتع _بالإضافة إلى ذلك_ بالخدر المريح الناجم عن إراحة الفكر، والعضلات من التوتر، والضغط العصبي.
وهذه بعض التمارين التي ستساعدك على الإسترخاء:
استلقِ على ظهرك في غرفة مظلمة وإغمض عينيك طارحاً ذراعيك إلى جانبك ولتكن ساقاك في وضع مستقيم. ضع الوسائد تحت العنق والركبتين والقدمين اذا كان ذلك يبعث فيك الراحة، اخلع ملابسك المقيدة كالأحذية والأحزمة والياقات الضاغطة، ثم ابدأ بعملية متناوبة يتتابع عبرها تقلص أجزاء جسمك وارتخاؤها بحيث يتم التركيز على جزء معين كل مرة.
وخلال عملية تقلص العضلات، حاول أن تتركها مشدودة قدر الإمكان مبقياً على هذا الوضع لفترة تقارب نصف دقيقة. بعدئذٍ إبسط عضلاتك ببطء شديد، متحسساً الأرتخاء النامي.
وفي ما يأتي الشكل المقترح لحركات التقلص والإسترخاء:
1- أطبق قبضتي يديك بإحكام.
2- اثنِ الذراعين وكلا المرفقين، وشد قوياً العضلات ذات الرأسين في أعلى الذراع.
3- جعّد جبينك حتى تشعر بالتوتر تحت جلدة رأسك.
4- اعبس بشدة حتى تتقلص كل عضلة في وجهك.
5- اغلق جفنيك بإحكام.
6- صرّ على أسنانك وتحسس التوتر يدبّ في فكيك وخديك وعنقك.
7- اضغط لسانك على سقف فمك.
8- ادفع ذقنك نحو صدرك واحن رأسك الى الأمام.
9- ارفع كتفيك حتى تلامسا اذنيك.
توقف قليلاً عند هذا الحد، وتحسس دبيب الإسترخاء من أخمص قدميك حتى رأسك، إلى العنق والكتفين.
10- وجه اهتمامك الآن إلى الأجزاء الوسطى. خذ نفساً عميقاً، واحتفظ به قبل أن تزفره ببطء، كرر هذه العملية.
11- قلص عضلات بطنك قدر المستطاع، من دون ابتلاعها إلى الداخل.
12- اجذب معدتك إلى الداخل وابق عليها كذلك.
13- قلص ظهرك وابقه كذلك أطول مدة ممكنة.
توقف ثانية عند هذا الحدّ، وعاود التفكير في الاسترخاء الزاحف من رأسك، مروراً بكتفيك فالذراعين. تخيل مشاعر الاسترخاء هذه تتغلغل في الصدر والظهر والبطن.
14- ركّز ساقيك وقدميك وأصابعهما في اتجاه معاكس للرأس ما أمكنك ذلك.
توقف هنا وتأمل هذا الشعور بالاسترخاء المنطلق من اصابع قدميك ليتسلق جسدك. تخيّل التوتر الذي كنت تشعر به لو كانت ساقاك مرفوعتين بالعالي، ويمكنك الاسترسال في حالة الاسترخاء طوال الفترة التي ترغب. وإذا ما عاودك الإحساس بالتوتر ثانية، فحاول استعادة شعور، "الاسترخاء" الذي خبرت.
المرحلة الثانية:
استلقِ بوضع مريح في غرفة مظلمة وتنفس بعمق مرّات عدّة، خلال عملية الزفير البطيئة تأمل الإحساس الدافىء والعميق والمهدّئ الذي ينتشر عبر جسدك. فكر في تلك الموجة من الدفء تغمرك في تعاقب بطيء منتظم.
ومع كل عملية زفير، اقضِ بعض الوقت متأملاً في كلمة "إسترخاء"، ولتكن هذه منطلقاً لكلمات أخرى مثل: هادئ، ساكن، صاف، دافئ، مستريح، مستكين. توقف بعد كل عملية محاولاً ربطها بالشعور بالإسترخاء. اختر كلمتين يبدو مفعولهما أكثر تأثيراً عليك ورددهما ببطء قرابة عشرين مرّة حتى تعمّق استرخاءك.
ان مجرد التلفظ بتلك الكلمات مع نفسك يوقظ فيك مشاعر الاسترخاء، وان كنت في موضع التوتر. ولكن لا بّد لك من الممارسة لكي تصل الى ذلك.
انصرف، بضع دقائق، إلى تخيّل هذا الاسترخاء منتشراً ببطء عبر جسدك، حيث يبدأ عند الجبهة وينتهي بإصابع القدمين. وفكّر في ما ينطوي عليه أحاسيس إذ يتسلسل من عضلة إلى أخرى او من منطقة إلى اخرى.
تخيل لوحة كتابة فارغة، ثم إبدأ بوضع أرقام متسلسلة، من واحد الى عشرة، ومع ظهور كل رقم عمّق إسترخاءك عبر استرجاع الأحاسيس التي أوحت لك بها كل كلمة حافزة (دافئ، هادئ، ساكن)، فما إن تصل إلى العدد عشرة حتى تكون غمرتك حالة استرخاء تام.
المرحلة الثالثة:
ابدأ جلستك اليومية بالإستلقاء في وضع مريح على الظهر. تنفس بعمق مرات عدّة، متأملاً دبيب الإسترخاء في أنحاء جسدك. وعندئذ يمكنك الإنتقال الى الخطوات الآتية:
1- تخيل منظراً مريحاً لأعصابك، كأن يكون ساحلاً مشمساً، او كوخاً وسط غابة، او بحيرة على سفح الثلج، او جنب موقد، واصرف بضع دقائق متأملاً المنظر، فسترى أنه تكونت لديك صورة شخصية للاسترخاء، يمكنك اللجوء اليها الى جانب الكلمات الحافزة، للتخلص من التوتر والقلق.
2- اجلس على كرسي في وضع مريح، وأغمض عينيك ملقياً ذراعيك إلى الجانبين. ارفع كل ذراع على حدة ثم ارفع الإثنين معاً. إستشعر التوتر الناجم عن رفعهما عالياً، ثم دعهما يسقطان جانباً. عليك بتكرار العملية، على أن يصاحب رفع الذراعين تنفس عميق، في مقابل زفير يصاحب سقوطهما وانتبه إلى ضرورة بقاء جسدك مسترخياً في أثناء رفع الذراعين.
3- انتصب وحاول استعادة الشعور بالإٍرتخاء وبخاصة عند الكتفين والبطن والذراعين، سِرْ مسافة قصيرة جيئة وذهاباً مع ابقاء عينيك مغلقتين، مؤرجحاً ذراعيك بلطف، وهنا حاول اخماد اي توتر يدبُّ بالتصاعد.
تنفس ببطء وانتظام في اثناء وقوفك ساكناً، ولاحظ انتشار الإسترخاء بطيئاً عبر جسدك، استعن بالكلمات المحفزة لتعميق هذا الشعور.
4- استلق واختبر كم يلزمك من الوقت كي تستعيد الشعور بالهدوء، استحضر في ذهنك "صورة الإسترخاء الشخصية" صارفاً قرابة دقيقة في تأملها.
لعلك ستكتشف أن هذه المرحلة تتفاوت في مدى فائدتها لك، ولن تتعرف على مدى فائدتها ومزاياها في تحسين اوضاعك او يجعلك تستجيب للضغوط بهدوء اكبر، إلاّ بالممارسة اليومية، ولابد من مضي فترة قبل أن ينبئك إيقاع جسمك نفسه بحاجته إلى هذه الأساليب.
اضافةتعليق
التعليقات