إن من أهم المراحل في عمر الإنسان هي مرحلة الطفولة المبكرة فهي المرحلة الرئيسية في بناء الشخصية، ففي هذه المرحلة يتم تشكيل شخصية الطفل سواء داخل الأسرة أم خارجها، ولا شك في أن تربية الأبناء من الأمور الأساسية وعلى رأس أولويات مسؤولية أي أم، لأن الطفل الصغير سريع التأثر بكل من حوله والمفترض أن تكون أمه أول من يتأثر به، وقد أصبحت ظاهرة الخادمات والمربيات الأجنبيات بانعكاساتها السلبية من أهم المشكلات التي تواجه مجتمعنا في العصر الحديث لما لها من آثار سيئة في تربية الأطفال.
وتأتي خطورة دور المربية الأجنبية على سلوك الأطفال من عجزها عن التعامل مع الطفل بلغة مفهومة صحيحة، إضافة إلى أن المربية لا تستطيع توفير الحنان والحب والدفء الوجداني للطفل، وعلينا أن نتعامل معها بأسلوب علمي وبتضامن اجتماعي وعقلي، ولا يغفل مصالح الأفراد لكن بتوخي مصلحة المجتمع بأسره. إننا ندق ناقوس الخطر لما تحمله هذه الظاهرة من مشكلات تنخر في كيان الأسرة والمجتمع.
ولا شك أن لهم آثارا اجتماعية خطيرة على الأسرة والمجتمع، لأنهم يؤثرون على الأسرة والأبناء بشكل مباشر. من خلال مخالطتهم والعيش معهم تحت سقف واحد، ولذا فقد ينشأ نوع من العلاقة والتفاعل الاجتماعيين بين أفراد الأسرة مع الخادمات والسائقين، فيحدث التأثير والتأثر.
تخلي المرأة العصرية عن دورها والاعتماد الكلي على الخادمات في تربية الأطفال ظاهرة من الظواهر التي باتت تؤثر سلبا على تنشئة الجيل المستقبلي في المجتمع عامة وذلك بسبب تطور وضع المرأة في المجتمع فهو لم يعد كما كان في السابق يقتصر فقط كونها زوجة وأماً بل أصبحت امرأة عاملة اضافة الى انها زوجة وام.
وجود المربية والخادمة يؤثر سلبياً على التكوين اللغوي للطفل حيث يكتسب من خلال المربيات مفردات ومصطلحات لغوية ركيكة غير متماسكة والتي تتضح في الكثير من المفردات الآسيوية، وأيضا هناك العديد من الأضرار الاجتماعية الناجمـة من تواجـــد الخـــدم والمربيات في الأسرة. تربية الأم لطفلها حق وليست مهمة، تقول الدكتورة أمينة الهاجري أستاذ مساعد في قسم علم النفس بجامعة البحرين: يوجد هناك فرق بين الخادمة والمربية.. ومن يتم استقدامهن للعمل في المنازل لسن كفؤا أو غير مؤهلات لتربية الأطفال نظرا لقدومهن من بيئات مختلفة حيث لا يكن لديهن الوعي الكافي بعاداتنا وتقاليدنا وتصرفاتنا واتجاهاتنا ولسن مختصات في تربية الأطفال فهن خدم ولسن مربيات.
وتواصل: تربية الأم للطفل ليست من المهمات بل من حق الطفل على الأم وإن بعض الأمهات لا يعين خطورة الوضع ويثقن بالخادمة التي جاءت من بيئات مختلفة. وقد تعامل بعض الأمهات الخادمة بطريقة مهينة ما يؤدي إلى تراكم ضغوط نفسية تنعكس عليهن وتولد لديهن الرغبة في الانتقام من الطفل من خلال الضرب او الحرق.
سلوكيات بذيئة
بينما يقول خالد يوسف/ أب لستة أبناء: أنه تزايد الطلب على الخادمات يوماً بعد يوم نظرا لانشغال الأمهات بمهام أخرى ولكنهن قد لا يعين مدى خطورة الاعتماد الكلي على الخادمة في تربيه الطفل.
وفي رأي الدكتور أسامة الشيخ/ قسم التربية الرياضية: ان الخدم لهن تأثير سلبي عندما يضع الوالدان كل الثقل عليهن ليتابعن الطفل، واغلب الخدم ياتين من بيئات فقيرة وسلوكياتهن تختلف عن سلوكيات المجتمع البحريني فتعكس الخادمة هذه السلوكيات على الطفل وتربيه على هذا الاساس وأيضا قد يتعلق الطفل بالخادمة الى حد انه يستطيع الاستغناء عن الام والأب». إن لم تكن الأم متفرغة لماذا تنجب؟ في حين تقول بدورعبدالله «ام لطفلين» الام عامل كبير في تربية الطفل وتهذيبه لذلك يجب عليها عدم تركه بين أيدي الخادمة حتى لا يكتسب عاداتها وتقاليدها وان ابتعاد الام عن الطفل وفقده لحنانها قد يؤثر على الطفل نفسيا.. وان لم تكن الام متفرغة لذلك فلماذا تنجب؟
إن مشكلة الفراغ العاطفي الذي تتركه بعض الأمهات اللاتي يلجأن إلى الاعتماد الكامل على الخادمة أو المربية، أكثر خطرًا من اللغة والثقافة وتحذر الدكتورة محاسن من أن بعض الخادمات يكرسن سلبيات خطرة ومدمرة تهدد الجانب الأخلاقي والتربوي في المجتمع، خاصة في صورة ترك الأطفال بين أيديهن، ليعبثن بهم تحت مسميات تربوية، ولكنها في الحقيقة ممارسات مقرونة بالجهل والإيذاء، والتلوث الفكري والاجتماعي والصحي. كما أن معظم المربيات الأجنبيات أو الخادمات المحليات، ينتمين إلى بيئات فقيرة ثقافيًا، ولا يملكن مقومات ثقافية، أو مفردات يقدّمنها للصغار.
وما يقدمنه، هي بعض المفاهيم التي لا ترقى إلى مستوى الثقافة. كما أن للخادمات تأثيرًا سلبيًا في ثقافة الطفل، سواء أكان ذلك من حيث اللغة أو القيم الدينية أو السلوكيات.
وبمرور الوقت لا يشعر الطفل بالانتماء للغة وثقافة المجتمع، بقدر ما يشعر بانتمائه إلى هذه المربية، التي تصبح هي أمه الحقيقية. مما يحدث حالة من التصدع داخل الأسرة. وتُعزز ذلك، الأرقام الموجودة في مراكز الأحداث، التي تشير إلى ارتفاع نسبة الجريمة التي يرتكبها هؤلاء الشباب عندما يكبرون.
وتضيف: “إن مشكلة الفراغ العاطفي الذي تتركه بعض الأمهات، اللاتي يلجأن إلى الاعتماد الكامل على الخادمة أو المربية، أكثر خطرًا من اللغة والثقافة. إن الطفل الذي تربيه الخادمة، يخرج إلى الدنيا إنسانًا غير سوي عاطفيًا، ويكون عرضة لانحرافات كثيرة في المجتمع، لأنه فقد حنان ورعاية الأم.
ثم تأتي أمور أخرى، يعتبرها البعض ثانوية، فإذا كانت الخادمة تدين بدين غير الإسلام، فإن الطفل يكتسب بعض الأمور التي تتعلق بعقائدها، فيحدث لديه انفصام في “اللاّشعور”، قد لا يظهر سريعا، لكن يترسب عنده بمرور الوقت”.
السلبيات
وتشير الدراسات إلى أن أساليب التربية المختلفة تؤثر في سلوك الأطفال، لا سيما أسلوب النمذجة أو المحاكاة (التقليد)، بحسب أخصائية الإرشاد التربوي والنفسي نوال أبو سكر.
وتابعت في حديث إذاعي: " بالتالي، فإن وجود نموذج عملي أمام الطفل قد يؤثر لدرجة أنه سيقوم بتقليد السلوك، حتى يصبح عادة يمارسها، وتصاحبه في مراحل حياته التالية".
وأضافت: تعدّ مرحلة الطفولة من أهم المراحل في تعلم السلوك واكتسابه؛ وذلك لأن قدرته على التقليد في هذه المرحلة تفوق أي مرحلة عمرية أخرى".
وأشارت إلى أن سلوك العاملات في المنازل يؤثر تأثيرا مباشرا في سلوك الطفل، لا سيما اكتساب عادات وثقافات قد لا تناسب بيئتنا وقيمنا ومبادئنا، ما يؤثر في شخصية الطفل الاجتماعية والمهنية والانفعالية والثقافية، وبالتالي على صحته النفسية عموما.
من جهتها، قالت الأخصائية الاجتماعية تسنيم كايد، في حديث اعلامي: "يتأثر الطفل بشكل كبير بالبيئة المحيطة به، مثل المدرسة والبيت والشارع، والمربية هي جزء أساسي من بيئته المنزلية".
وتابعت: " نتيجة لاحتكاك الطفل بالخادمة، التي تكون ثقافتها مختلفة بشكل كلي عن ثقافة أسرته، ينعكس الأمر عليه، وقد يتعامل ويتصرف مثلها تماما، وفي الوقت ذاته، يقع بحيرة حين يحاول أهله فرض عاداتهم وتقاليدهم عليه".
وأكملت: "أيضا يصبح الطفل متعلقا بالمربية في حال غياب الأهل، والتي تقوم بواجبات ومسؤوليات الأم، فيصبح أمام نموذجين مختلفين للتربية، الأول مستمد من ثقافة المربية، والثاني من ثقافة الأهل، ما يسبب زعزعة داخلية له".
وأشارت إلى أن التأثير السلبي لوجود مربية أجنبية على الطفل يكون على الشخصية أكثر من التحصيل العلمي.
وأكدت على أن لغته العربية وقاموسه اللغوي سيتأثران سلبا أيضا؛ لاختلاف لغة المربية.
الإيجابي
وقد يساهم وجود مربية أجنبية للطفل بتعلمه بعض الأمور الجيدة له، مثل مهارات التواصل مع الآخرين كاحترام الآخر، والتعبير عن المشاعر، والاستماع والإنصات، بالإضافة لاستخدام كلمات مناسبة في موقف طلب الأشياء من الآخر، وكلمات الشكر، بحسب نوال أبو سكر.
وختمت أخصائية الإرشاد التربوي نوال أبو سكر حديثها قائلة: " ننصح كتربويين الأهل بأن يحددوا مهام الخادمة، بحيث تقتصر على تنظيف المنزل وترتيبه، دون التعرض لتربية الأطفال أو القيام بمهمات الوالدين.
ويجب استثمار الوقت الذي يقضونه مع أطفالهم من خلال التحدث إليهم ومناقشتهم، مع مراعاة التواصل البصري، بالإضافة إلى متابعة اهتماماتهم.
يُذكر أن بعض الخادمات قمن بقتل أطفال الأسر التي تعمل في بيوتها، إما انتقاما من الوالدين؛ ردّا على إساءتهما لها، وإما نتيجة لمعتقدات دينية خاطئة، أو لمشاكل نفسية تعاني منها الخادمة.
اضافةتعليق
التعليقات