الأسرة لا ترمز لمعنى الأسر أي أن تكون هناك علاقات أنت مقيد بها، مضطر للتواجد معها وعدم الانفكاك عنها، بل ترمز للسور الذي تُسَور به وجودك فترى أنك لك من تنتمي إليه، تعود إليه، تعيش معه حياتك دون قيود أو شروط، تكتمل بها وتتكامل بها.
ولكن هذا لا يعني أن تكون العلاقة بين أفراد الأسرة علاقة عشوائية بلا ضوابط وحدود تحفظ جمالية هذه العلاقة، وترتقي بها إلى الغاية الأسمى التي من أجلها اوجدت، وهنا سنورد القوانين الخمسة الأخرى من قوانين الأسرة العشر*:
السادس: قانون الأسرة الوجداني [لا أحد فينا ينبغي أن يكون بعيدًا]*
عبرنا عن أفراد الأسرة بأنهم سور لبعضهم البعض، ومن مصاديق هذا السور هو التعاطف والتواد والمحبة الخالصة الصادقة تجاه بعض، أن يتشاركوا الهموم والأفراح والأحزان، أن يشجع ويدعم بعضهم البعض في طموحاتهم وأهدافهم حتى وإن كانت أهداف أحدهم ليست من اهتمامات الآخرين، فهذا ما يديم العلاقة، ويقوي العلائق، هو ما يحمي أفراد الأسرة من أن يكونوا متقاربين بالقالب متباعدين بالقلب.
السابع: قانون الأسرة الاجتماعي [لا أحد فينا ينبغي أن يكون ضعيفًا]*
الأسرة هي مجموعة أفراد، فإن كان فيهم ضعيفًا، فإن في جمعهم واجتماعهم خلل، إذ أن قيمة الجماعة الحقيقية وأثرها الواقعي بأنها تجمع شتات الأفراد المتفردين، تجعلهم حلقة متصلة ببعض، يتقوون ببعض وينهضون ببعض، ويعين بعضهم بعضا. وهذه ركيزة مهمة من الركائز التي لأجلها اهتم ديننا بالأسرة وحرص على أن يكون أفرادها متواصلين متصلين ببعض لا منعزلين متفرقين.
الثامن: قانون الأسرة التنموي [لا أحد فينا ينبغي أن يكون فارغًا]*
الفراغ يساوي اللامسؤولية التي يعيشها الفارغ تجاه نفسه وتكاليفه، لذا لا يوجد فرد ينتمي إلى أسرة يكون فارغًا! إلا إذا كان هناك فرد آخر يؤدي عنه ما عليه وعلى هذا الفرد، وهنا هذا الفراغ يصنع منه فردًا راكدًا لا نماء في حياته، ولا نضج في شخصيته، ولا تكامل في مسيرته، لذا من المهم أن تكون هناك رؤية واضحة عند كل فرد ما هي حقوقه وواجباته، ما هي مسؤولياته وتكاليفه تجاه نفسه وتجاه البيئة الأسرية التي يعيش بها، وتجاه أفراد أسرته نفسهم.
التاسع: قانون الأسرة التقويمي [لا أحد فينا ينبغي أن يكون أسيرًا]*
الأسر يعني أن يكون الفرد مقيدا ومكبلا ليس بمكان ما، بل قد يكون أسيرا لفكرة، أسير لشهوة، أسير للهو ولعب، أسير لتقاليد وأعراف لا أصل لها في ثقافتنا الدينية، وهذا الأسر أول من قد يعاني منه إن كان موجوداً في الأسرة هما الوالدان، فإن لم يتحرر منه بالإنفتاح وعدم التعصب لما هو موروث أو ما النفس به متعلقة، فسوف يورث للأبناء، فتصبح لدينا أسرة مأسورة، وعلاج ذلك أن يكون كل فرد لديه مستوى من المتابعة والتدقيق والتعلم لتقويم سلوكياته وأفكاره وما يتبناه ولا يكتفي بما يتلقاه ويتربى عليه، ولكي ينشئ جيل لا يقول هذا ما وجدنا عليه آبائنا، وفي ذات الوقت لا يكون تبع وأسير لكل جديد.
العاشر: قانون الأسرة الأخلاقي [لا أحد فينا ينبغي أن يكون وقحًا]*
الفاصل بين القوة في الشخصية والشخصية الوقحة هو الاتزان النفسي الذي يحمله الفرد، ففي الإضطهاد والظلم والشعور بالهوان وانعدام القيمة الذاتية كثيرا ما توصل إلى الوقاحة في التعامل، تصنع شخصية مندفعة هجومية لا تبالي مع من تتعامل، وكيف تتعامل، لذا كلما كان جو الاحترام والتقدير وعدم بخس الحقوق متحقق في الأسرة كلما كان أفرادها من ذوي الشخصية القوية التي تتعامل بهدوء ولطف واحترام مع الآخرين.
اضافةتعليق
التعليقات