هناك ارتباط وثيق بين قيام طرفي العلاقة بأداء ما عليهما من طرق لبعضهما البعض، وبين ما يمكن وصفه بالطلاق الناجح حتى تتلاشى فيه المشكلات البينية بين الطرفين، وينعكس ذلك إيجابياً على المناخ الأسري، وما يتصل بالأبناء.
وتعتبر مرحلة الحضانة من أهم المحطات الحساسة التي يحتاج فيها الطرفان إلى الالتزام باالاستحقاقات الناتجة عن الطلاق، مما يساعد على تخطي الكثير من المشكلات.
وهنا بعض الأفكار الضرورية لتعزيز فكرة الطلاق الناجح وبالتالي توفير المناخ الأسري المناسب للأبناء، ومحاصرة النتائج السلبية للطلاق... ومنها:
التواصل والتعاون:
بالرغم من مرارة الطلاق وما قد يخلفه من أحقاد وضغائن نفسية عند طرفي العلاقة الزوجية في فترة الحضانة خاصة، يجب يتجاوز مشكلاتهم وأن يتواصلا ويتعاونا في إدارة شؤون الأطفال في بذل كل الجهد والطاقة في تذليل المصاعب وحل المشكلات التي تعترض رعايتهما لأطفالهم سوية.
وإذا كانت الرابطة الزوجية قد انفصمت فعلاً، إلا أن ما يجمعهما الآن من هدف نبيل يتمثل في رعاية أطفالهم - وهو قاسم مشترك - يستحق التضحية وتجاوز الخصومات والإحسان على أطفالهما.
عزل المشكلات:
إن من المهم جداً للوصول إلى تلك الغاية والهدف رعاية الأطفال أن يتفق الأبوان على عزل المشكلات البينية التي عصفت بعلاقتهما الزوجية عن أمر رعاية الأطفال والاهتمام بهم، وأن لا تنعكس تلك الخصومات بمرارة على تلك الرعاية والاهتمام.. أوليس من العقل والحكمة أن يتواصل الأبوان ويتعاونا في سبيل إسعاد أطفالهم مع ما بهما من جفاء وتباعد، فما ذنب الأطفال حتى يعاقبوا بخصومات آبائهم وأمهاتهم ويكونوا موضعاً للشد والجذب والضغط، وربما الحرمان!!
إن تحييد الأطفال عن المشكلات والاختلافات البينية في غاية الأهمية لتوفير بيئة صحية، وأجواء إيجابية وهادفة تساعد على تخفيف المعاناة الواقعة على الأطفال بعد انفصال الوالدين.
نحو حضانة ناجحة
الحضانة خاصة، وليس بعيد أن يتحول ذلك التواصل والتعاون بين الأبوين لصالح الأطفال إلى بداية عهد جديد بينهما يتوج التفاهم من أجل حياة زوجية جديدة أخرى بعد استيعاب الدروس من مرحلة ثقيلة ومرهقة نفسياً سببت تشتت العائلة واضطراب حياة الأطفال، وتشير التجارب الواقعية إلى نماذج والدية إيجابية في التواصل والتفاهم بعد الطلاق، وتجاوز حالات التشنج لدى الأطفال ..
تقول السيدة (م) انفصلت عن زوجي قبل خمس سنوات وقد رزقنا الله عز وجل بفضله (بنتين)، (ل) و (ن) الأولى عمرها خمس سنوات، والثانية عمرها سبع سنوات، وقد اتفقنا على كل شيء (تقريباً) فيما يتعلق ببناتنا مثل إجراءات الطلاق والحضانة والنفقة، ورؤية البنات والدراسة. وقد تمت كل الأمور بخير ولله الحمد وأنا سعيدة جداً بسعادة أبنائنا برغم مرارة الانفصال، إلا إنه وللحق لم تصادفي أي من المشاكل المعقدة التي أسمعها عن معاناة الأطفال بعد الطلاق، إني سعيدة بتفهم والد أطفالي لي، وأنا متعاونة معه إلى اقصى حد ولم تشعر بناتنا بأي من المشكلات والمنغصات، بدون منافسات أو مشکلات.
لا تتحمل الطلاق
حقا إن تواصل وتفاهم الأبوين يخفف من وطأة الأطفال، ويدلل الصعاب والمشكلات العالقة. والحياة مستقرة للأبناء الطرفين، وبيد أن تعطل لغة الحوار وانقطاع التواصل يوصل الأمور إلى طريق مسدود، وستكون النتائج وخيمة على الأطفال..
تمكين الطفل من التواصل مع والديه: يعد تواصل الأطفال مع آبائهم وأمهاتهم على السواء ضرورياً وخصوصاً في فترات الحضانة وذلك لحاجتهم لتعويض النقص العاطفي والشعور بالدفء الوالدي، والتزود بالخيرات الحياتية اللازمة، والبحث عن أجوبة لكثير من المشكلات التي تواجههم في حياتهم.
ولأن طبيعة مشكلات الجنسين مختلفة فهما بحاجة للتواصل والانفتاح على الوالدين طبقاً لطبيعة المشكلات، فلا تستطيع (الأم) أن تجيب على كل أسئلة الإبن، ولا يتمكن (الأب) أن يقدم إجابات على جميع أسئلة البنت، بل لا تستطيع البنت أن تنفتح على الأب في أمورها الأنثوية الخاصة. فعندما تكون الفتاة تعيش مع أبيها في فترة الحضانة قد تلاقي صعوبات كبيرة جداً في الانفتاح عليه.
والعكس صحيح بالنسبة للولد عندما يبلغ فإنه بحاجة إلى الانفتاح على الأب، وسيكون الأب أكثر وعياً في إدراك حاجاته وهمومه، والإجابة على أسئلته الحائرة.
ومما يؤسف له فإن بعض الآباء من حيث لا يدركون يقذفون ببناتهم إلى فم التنين عندما يحرمون ويمنعون من التواصل مع أمهاتهم ينتقدون الناصح المخلص، يلجأون إلى كل من هب ودب - كما يقال - يتسولن النصيحة من هنا وهناك، وربما تقذف الأمور بعيداً عن شاطئ الأم الدافئ بأمنه وحنانه ..
ثم كيف تتدرب البنت على حياة المستقبل.. ومهماتها.. كزوجة.. وأم.. وهي بعيدة عن والدتها.. معلمتها الأولى... ترنيمتها.. حبها ... مثالها .. من يأخذ بيديها إلى طريق المستقبل برفق وحنان وإخلاص لا يعرف حدوداً للتعب!!
وكما تتدرب البنت في مدرسة الأم وتحت رعاية الأب الابن هو الآخر يتدرب في مدرسة الأب، وينشأ في كنف الأم وتحت رعايتها.
اضافةتعليق
التعليقات