• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

دور القنوات الفضائية في تخدير الحواس وإلغاء الواقع

ليلى قيس / الأحد 08 كانون الثاني 2023 / تربية / 1280
شارك الموضوع :

يقود إلى السلوك العنيف ويمكن أن يحدث ذلك في حالة من وهن الفواصل ما بين الصورة المرئية والواقع

يأخذ بعض المفكرين على القنوات التجارية تحولها إلى قنوات للتسلية والترفيه. وهو ما يبقيها على سطح الأحداث. ويجعل منها أدوات للتمويه وتغيير صورة الواقع. المرح والتسلية تعليق للفكر واستسلام واستئناس بالأحاسيس السارة، ومتع اللحظة الراهنة، أساس البرامج ومادتها الرئيسية.

كبريات الشركات التلفزيونية تتسابق في صناعة المتعة والتسلية. تحالفت شركتا CNN وWARNER  لتأسيس أكبر شركة تلفزيونية عالمية للتسلية برأسمال قدره سبعة مليارات ونصف المليار دولار قيمة هذا التحالف هو في كونه يرسي نموذجاً له قوة جذب كبيرة، وبالتالي قدرة تنافسية عالية. وهو ما يدفع الآخرين إلى مجاراته بمقادير متفاوتة وحسب المستطاع. وتتحول التسلية إلى بناء عالم من المتعة والانشراح والحيوية اللذوية - الحسية، في حالة حلم برغد العيش وطيبه ليس المقصود هنا منع المتعة أو إلغاءها؛ فهي حاجة إنسانية لا شك فيها كي يجد المرء، توازنه ويستعيد حيويته بعد العناء والكد.

إنما النقد ينصب على تكريس المرح والتسلية كثقافة قائمة بذاتها، وكنمط من الوجود يقوم على مجرد الاستهلاك، واقتناص متع اللحظة الراهنة. المشكلة تبرز حين تقدم هذه الثقافة للشباب على أنها نمط الوجود المفضل، مما يقولب القيم والسلوكيات على حساب البناء والإعداد والإنجاز.

وتبرز المشكلة حين يتم الربط الشرطي ما بين ثقافة المتعة وصورة الشباب المتمتع بالحيوية والفرح والانطلاق والتحلل من الأعباء والعناء في حالة من اللهو وخفة الظل حتى العبثية. ذلك أن هذا الربط يدفع إلى الغرق في الراهنية دون ما عداها. ويرسخ صورة دنيا الحظوظ التي يجب الاستمتاع بها. متعة التسلية والمرح والراهنية يواكبها متعة الإثارة الحسية من خلال قنوات الموسيقى الراقصة ذات التوسع المستمر والتي تتوالد كالفطر.

مادونا ومايكل جاكسون هما النجمان الأبرز وواضعا نمط الموضة لعشرات الملايين من الشباب الباحث عن تخدير الحواس الذي يلغي الواقع. والمتطلعون لمجاراتهما يتكاثرون في مختلف الأصقاع لتقديم مشهد الشباب المأخوذ في الإثارة. الصورة بدون كلام، ونشاط لغة الجسد والإيقاع يعطلان عمل العمليات العقلية على الرائدة عالمياً هي المثيرات الواردة. الإثارة هنا تنفذ مباشرة إلى الدماغ مطلقة مثيرات النشوة العصبية في عالم لذوي متعي.

هذا الكلام ليس ضد حيوية وفرحة وانطلاقة الشباب، طالما وازنتها ثقافة الجهد والبناء والإنجاز. أما صدارة ثقافة المتعة كنمط أساسي من الوجود فهو المشكلة. وهو يتلاقى مع بقية مكونات ثقافة اقتصاد السوق، التي أصبحت تشكل كلا متكاملاً يعزز بعضه بعضاً. ويحل الحظوة والمتعة والعيش في الحلم محل الالتزام. على أن الإثارة لا تقتصر على فرحة الشباب وانطلاقته. فهذه لها إيجابيتها على كل حال.

قد يكون الأخطر منها الإثارة من خلال العنف، لقد أمست الصورة المرئية، خصوصاً تلك التي تبثها المحطات الفضائية للأخبار مشحونة أساساً بمحتوى عنفي حقيقي. نشرات الأخبار تكرّس لأحداث القتل والانفجارات والدمار والصراعات وطوفان المآسي البشرية الذي يصاحبها. ويتفنن المراسلون والمخرجون والمذيعون من أجل إحراز السبق في الإثارة، في التركيز على المشاهد الأكثر هولاً وقدرة على إحداث الصدمة الإدراكية كما تتسابق الوكالات على التقاط أشد المشاهد فظاعة لأن لها أكبر سوق من حيث الإقبال على بثها. طبعاً نحن هنا أمام موقع إنساني حقيقي لا مراء في ذلك.

إنما تكمن المشكلة في أن هذه المشاهد تعرض مسلوخة عن سياقها التاريخي السياسي. وتقدم مكثفة وكأنها حقيقة قائمة بذاتها. ندر أن اهتمت وكالات الأخبار الدولية وشركات البث بالوقوف عند تاريخ هذه الأحداث، ومسبباتها وأبعادها السياسية والإنسانية. كما يندر وبنفس الدرجة الوقوف عند نتائج بث هذا الفيض من العنف الحي على نفسية المشاهد، وخصوصاً الأطفال والناشئة.

لقد قام جدل كبير حول تأثير العنف في أفلام الصور المتحركة، والتي تبدو أقرب إلى اللعب والهزل على الأطفال. وأُجريت العديد من الدراسات التي أثبتت تأثر الطفل بهذا النوع من العنف، وميله إلى محاكاته في سلوكه اللاحق. بينما شككت بعض الآراء بخطورة هذه المادة على أساس أنها قد تعمل على تفريج الاحتقانات النفسية العنيفة عند الطفل إلا أن ما لا يمكن الخلاف بشأنه هو تأثير هذا الفيض من الإثارة من خلال العنف الحي والفعلي في بث أخبار القتل والتفجير، والمذابح الحقيقية. فهذه ولا شك لها آثار نفسية صدمية. إنها تثير مشاعر القلق وانعدام الأمن والإحساس بالعيش في عالم مليء بالأخطار والتهديدات. وإزاء هذه المشاعر يميل الناس العاديون إلى توسل الدفاع النفسي من خلال آلية التبلد وتجميد المشاعر. وهذه لها خطورتها بالطبع على المشاركة الإنسانية والاهتمام بالقضايا العامة. وتكمن خطورة التبلد الإنفعالي في إمكانية تعميمه من خلال الإنكفاء إلى الذاتي.

وإذا أضفنا إلى الأخبار مقدار نسبة أفلام العنف المتعاظمة التي تعرض على الشاشة، يتضح مقدار جرعة العنف التي تتراكم دماغياً عند الناشئة، حتى ليبدو معها حالة عادية مبتذلة. تذهب رابطة علم النفس الأمريكي APA، المعروفة برصانتها العلمية، إلى أن الطفل الأمريكي حين يصل إلى نهاية المرحلة الابتدائية يكون قد رأى 8000 ثمانية آلاف حالة اغتيال و100000 (مائة ألف) اعتداء عنيف على شاشة التلفزيون، بمعدل 3 ساعات مشاهدة يومياً. وإذا كان العنف يفرج حتى عتبة معينة، إلا أنه يؤدي بعدها إلى تراكم الإثارة غير القابلة للاستيعاب.

مما قد يقود إلى السلوك العنيف ويمكن أن يحدث ذلك في حالة من وهن الفواصل ما بين الصورة المرئية والواقع واختلاط الخيال بالحقيقة، مما يجعل سلوك العنف يتم في حالة شبة حلمية، لا تتخذ طابع الفعل الخطير، بل طابع الفعل المبتذل على أساس أن هذا هو حال واقع الأشياء.

في كلتا الحالتين: إثارة التسلية وإثارة العنف، تفرض الصورة منطقها على النشاط العصبي للدماغ ويكون ذلك بالطبع على حساب النشاط العقلاني، الذي يحتاجه الشباب أكثر من أي وقت مضى لمجابهة تحديات ومتطلبات عالمهم والقدرة على التعامل معها: إنه عالم المغامرة والمخاطرة والإثارة، بدلاً من عالم التفكر والتدبر والتهيؤ لمقتضيات الاقتدار المعرفي الطلوب.

المصدر: مقتبس بتصرف من كتاب "حصار الثقافة بين القنوات الفضائية والدعوة الأصولية" للمؤلف "مصطفى حجازي"
الشباب
السلوك
العنف
التفكير
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    أبا الفضل.. بقية الدمع في مآقينا

    القيم والمآثر الأخلاقية في حياة الإمام الحسين

    أنصار الحسين يوم عاشوراء: قصة التضحية والوفاء الأبدي

    ارتفاع هائل في استهلاك الطاقة بسبب الذكاء الاصطناعي

    بناء التنوع.. شعار اليوم العالمي لهندسة العمارة

    جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية تنظم فعاليات نادي ريحانة الصيفي للفتيات

    آخر القراءات

    لماذا يضطرب هاتفك في الطقس الحار وكيف تتجنب ذلك؟

    النشر : الأحد 18 حزيران 2023
    اخر قراءة : منذ ثانية

    كيف يتعامل الصائم مع "الحموضة" خلال شهر رمضان؟

    النشر : الثلاثاء 28 آذار 2023
    اخر قراءة : منذ 4 ثواني

    ماهو سبب ظهور الشيب؟

    النشر : الثلاثاء 13 ايلول 2022
    اخر قراءة : منذ 5 ثواني

    ماهي حاجة الطفل إلى الإشباع العاطفي؟

    النشر : السبت 08 شباط 2025
    اخر قراءة : منذ 6 ثواني

    غوغل تطرح منصة "بارد" للمحادثة في 180 دولة

    النشر : السبت 09 كانون الأول 2023
    اخر قراءة : منذ 7 ثواني

    الناس أعداء ما جهلوا!

    النشر : الخميس 10 تشرين الثاني 2022
    اخر قراءة : منذ 9 ثواني

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1235 مشاهدات

    بعد تراجع وفيات النوبات القلبية.. ما الذي يُهدد حياتنا الآن؟

    • 445 مشاهدات

    ابتسم… أنت تمضي بلا هوية

    • 433 مشاهدات

    تحدّي عاشوراء: أربعون يوماً لتكون حسينيّاً في زمن الضياع

    • 418 مشاهدات

    محرّم في زمن التحول

    • 418 مشاهدات

    أنصار الحسين يوم عاشوراء: قصة التضحية والوفاء الأبدي

    • 412 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1331 مشاهدات

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1235 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1179 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1113 مشاهدات

    قراءة في كتاب: إدارة الموارد البشرية

    • 775 مشاهدات

    لمن تشتكي حبة القمح إذا كان القاضي دجاجة؟

    • 650 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    أبا الفضل.. بقية الدمع في مآقينا
    • الخميس 03 تموز 2025
    القيم والمآثر الأخلاقية في حياة الإمام الحسين
    • الخميس 03 تموز 2025
    أنصار الحسين يوم عاشوراء: قصة التضحية والوفاء الأبدي
    • الخميس 03 تموز 2025
    ارتفاع هائل في استهلاك الطاقة بسبب الذكاء الاصطناعي
    • الخميس 03 تموز 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة