أعظم الله أجورنا بالحسين، حديث ساعة الوجع والمأساة ودمعة الرحيل.. لدينا رهائن، تزحف للقيا المخدع واحتضان الوتر في الخالدين، تجديد عهد ومثول لبيت الطاعة، زحف اختص ليوم أربعين المولى أبا عبد الله الحسين (عليه السلام) .
في يومنا هذا، دموعنا ذنوب تسترضي ساحة القداسة تلبية لأم الشعائر، وإحياء لمبدأ ..يلتمس الوجدان من ربيع التضحية دعاء لولوج قارعة التلبية.. وإن قول، لبيك ياحسين، دعوة أزلية بدأت يوم سجود أبينا آدم وعنق العرش قد توج بالحسين، كيف لا وهو سفينة النجاة، ولن ينتهي حتى ظهور المولى المنتظر (عجل الله تعالى فرجه).
اقترب الوعد الحق، وملحمة الأربعين شاخصة أبصار الذين آمنوا نحو اعتدال راية النصر، وصدور حرى تنطق بشهادة تصدير الثورة إلى جيل الغدير، والفكرة الحرة تمتد بسخاوة وبفخر لتفجر انقياد النبض لحب المولى وطاعته المطلقة .
وتلك الأيام نداولها بين الناس، لضمان الغد بجدية المد الشيعي وضرورة الفكر والعقيدة .نور ومنارة الجسد المسجى، توارت برؤاها لتروي لنا قصة النهضة ، وخاتم سليمان قد وهب له ملك لا ينبغي لأحد من العالمين .المسير يهرول، والدمع سكيب، واللسان يطبطب على مشاعر الاشتياق ليثبت قرابته وقربه من نقطة المشهد.
ليسجل الزائر خطواته بعزم وإرادة وتحدي، وعبوة صمته يزهر وذخيرة فكره يكبر، وتلبيته راية عصماء تهز مضاجع الظلمة، وتهدم قببهم، وتكسر عوائهم .في زيارة الأربعين، أعمدة أفكار تتجدد كل سنة وتداعيات كل كتاب ممهورة بالثبات، وأصوات الداعين إلى جهاد الكلمة لهم دوي الثائر المرابط لخدمة التلبية وحج البيت من استطاع إليه سبيلا .. فتتجرد السيوف من سطوة الغدر إلى حيث المعنى وصهوة الخلد .. وتثبت الأقلام قدرتها وتبدع في زج مفردات ولائها بصيغة أن لا طاعة لمخلوق بمعصية الخالق، وصبغة الخضوع المطلق وغاية التضحية للمولى الحسين عليه صلوات الله.
اليوم ، عتبة الفيض قد غضت بالحضور وعموم سجود الزائرين إطلالة تباهي كل الموافد ، ولسان حال العقيدة مزدحمة بالنصوص لمن أينعت ثمار أفكاره صوابا ومرادا .. وقد عدت ماكينة الإعلام ليوم الأربعين اندهاشا شق كل الموسوعات احصاءا وحصادا، بيد أن يد الغيب قد باركت وشاركت الطواف بكيفية وكمية تخطت حدود المدى، فنرى التجلي الحسيني نافذ أنفاس من بذل كل ما لديه ليكتب لأجله عمرا آخرا .. ولسعيه زمنا يطول.
تسعد الموارد لفرض انعمها على موائد التسليم .. ولقيمات الفكر البلوري السليم ضياء لجوف العاشق المستميت .
في يوم أربعين المولى الحسين ، أزقة اعتمرت وكان لباسها الحزن عليك يا أبا عبدالله ، اكتوت بلهيب الظرف أقدامها حبا بك ياحسين، سيدي أنت الامتياز ، حتى تداوت عند أعتاب جرحك كل الأنبياء، فكنت المنهاج والبرهان، وقد أعطيت للاستثناء معنى ، وللاستشفاء غردقا، وقطبا جاذبا لأنوار السماوات والأرض.
زيارة الأربعين، ركيزة الدين، وابتلاء الموالي، وكمال النعمة، واجتماع الكساء عند ترديد التلبية حتى عدت الزيارة من موجبات الولاية ، بل من فرائضها المختومة بالتمام شرعا ومنهاجا، انطلاقا من تلبية البيت الحرام وانتهاءا بلبيك ياحسين عند طواف رزقك وشم أنفاس تضحياتك، وسجادة رضاك ياحسين ..
وقول أكملت لكم دينكم، رسالة تزاهت حتى اكتملت بطواف الحسين وإتمان التلبية عند مرقدك المبارك المقدس .. وضمان لمن رضي بالحسين إماما وعقيدة فلا نجاة إلا بالخلد الذي فرض على العباد .. ولا شفاء إلا من رحيقه المختوم ..
نحن على أبواب التلاقي ، ومرحلة التمحيص لما نعتقد ، فلندع الخنصر يعترف، ويسهب القلم ومايجود من سيل أفكاره على ومضات وإشارات ، وكتب ومعاقل، وعلم وعلماء، وكل الطرق والوسائل لتذب عن ساعديها وتكن عرابة لهذا المحفل المقدس .
وتثبت جدارتها لخدمة المولى ، فكل ما لدينا فهو من تلك البقعة المباركة وماحولها ، وثواب الترقيم عافية للحاضر والماضي ، هو درة الشفاء ورحمة التبجيل المولى الحسين (سلام الله عليه).
فلا خاتمة لوداعك ، ولا سفر دون استشفاءك، ولا رحلة تنطوي على عدد ، فالقدر يرحب بالأثير وإن طال الأمد .
اضافةتعليق
التعليقات