بعد مرور سنتين أو ثلاث تقريباً من انتشار جائحة كورونا ومازال تحور هذا الفايروس مستمراً ابتداءً من كوفيد -19 حتى آخر متحوراته أميكرون.
في بداية انتشار الجائحة توقفت الحياة بشكل كلي عدا المؤسسات الصحية فكان توقف خطوط النقل الدولية والعالمية من شركات الطيران والقطارات وجميع ما يربط الدول والمحافظات والمناطق بين بعضها علاوةً على توقف التعليم انتظاراً لخمود هذا المرض ولكن استمرارهُ أدى إلى تحول التعليم إلى شكلهِ الالكتروني بتوظيف الحداثة والاستفادة من الشبكات العنكبوتية ووسائل التعليم المواكبة للتكنلوجيا الحديثة فأصبح كل طالب يمتلك جهازاً الكترونياً من اللابتوبات والأجهزة اللوحية والهواتف الحديثة وضرورة تواجد شبكات انترنت في كل بيت يعيش فيه طالب علم خاصةً طلبة الجامعات وبات الاعتماد الأول والأخير عليها في استمرار عملية التعليم.
إن الاختلاف بين التعليم الحضوري والالكتروني كان واضحاً جداً ومؤثراً على جودة التعليم وجودة وصول المعلومة إلى الطالب وهو جالس بين أربع جدارن فالحضور والتفاعل بين الطلبة في القاعة الدراسية هو أحد أسس استلام العقل للمعلومة وترسيخها وتثبيتها فالسؤال الذي يطرحهُ أحد الطلبة داخل القاعة الدراسية يجعل جميع الطلبة الحاضرين يستمعون للسؤال ويتفاعلون معهُ ولو جزئياً بينما لو هذه الحالة كانت الكترونية سيكون التفاعل لا يتجاوز أكثر من 10% وهذا الذي جعل الكثير من طلبة الجامعات يفقدون حلقة الوصل بين المحاضرات إضافة إلى ضعف التركيز وبطئ الاستيعاب وهذه الحالة مرَّ بها أكثر من ثلثي الطلبة وهذه نسبة كبيرة جداً، إضافةً إلى التأثيرات الطارئة على سيكولوجية الطالب عامةً فانتشر طابع الخمول والاتكالية والاعتماد على امتحانات الكتب المفتوحة open book بالتالي فإن الجهد المبذول سيقل بأضعاف مضاعفة والدراسة بشكل غير جاد وإنما الاطلاع واتخاذ أسلوب مرور الكرام على المادة.
وكان ل(بشرى حياة) استطلاع رأي بين تدريسي وطلبة كلية الهندسة قسم الطب الحياتي في جامعة وارث الأنبياء:
د. اسراء حبيب إبراهيم/ دكتوراه في فسلجة الغدد الصم والهرمونات:
من التغيرات التي طرأت على الطالب هو اعتماده على التعليم الالكتروني والبحث عن طرق سهلة للتعلم من خلال المطالبة بتبسيط وتسهيل المحاضرات، إن عودة الدوام حضوريا كان أفضل بكثير من التعليم الالكتروني بالتالي يمكننا القول تقريباً عاد استيعاب الطالب بنسبة ما من خلال تفاعله في القاعة الدراسية.
من أبرز المساوئ التي خلفها التعليم الالكتروني هي فقدان الطالب سلسلة المادة العلمية والتواصل بينها إضافةً إلى أن بعض المواد تعتمد على سابقتها بالتالي تراكم حلقات مفقودة على الطالب علاوةً على ضعف حفظهِ للمصطلحات الإنكليزية خاصةً في المراحل الأولية نتيجة لاعتماده على الامتحانات الالكترونية وأسلوب )open book (.
إن الطالب في المراحل المتقدمة ودرس مرحلتين معتمداً على التعليم الالكتروني قد واجه مشاكل كثيرة في استيعاب المواد المهمة وهذا جعل العبئ عليه أكثر والاعتماد على الدراسة الذاتية بنسبة لا تقل عن 90% وإن كفاءة الطلب أصبحت تعتمد عليه بشكل شبه كلي من خلال صرامتهِ مع نفسه من أجل السيطرة على المادة.
كما يمكن القول بأن الطالب في أولى مراحل تعلمهُ في الابتدائية يكون اعتماده على المعلم ولكن كلما تقدم في مرحلة الدراسة تنعكس المعادلة بزيادة مسؤولية الطالب وحين وصولهِ إلى الجامعة فإن النسبة تكون 70%.
إن ما يفقده الطالب من حلقات الوصل ليست مسؤولية التدريسي والتقدم بالمراحل الدراسية دون البحث وامتلاك الفائدة العلمية وهذا يعود على الطالب فالتدريسي يكون لديه تقويم دراسي جامعي لابد من السير عليه.
وأضافت م.م مينا يحيى عبد علي/ ماجستير كيمياء حياتية سريرية:
إن كورونا ليس لها علاقة في استيعاب الطالب فمَن يريد أن يركز ويندمج مع المحاضرة هي باختيار الطالب لذا يمكن القول بأن كورونا هي حجة وشماعة للكسل والخمول فلو تمت المقارنة بين أزمات هذه الأجيال وأزمات أجيالنا فالمقارنة شبه مرفوضة.
ممكن القول على أن الطالب ضعف استيعابه نتيجة لوجود فجوة وفقدان حلقة الوصل بين مواد السنوات السابقة الالكترونية إضافةً لاعتماد الطالب على التدريسي دون بذل أي مجهود للتعلم.
كما أيّدت الرأي د. اسراء في مسألة أن النسبة الأكبر من ثمرة النجاح تعتمد على الطالب بنسبة 70% لأن التدريسي مُحدد لإعطاء منهج يمكن الخروج عنه بشكل يحافظ على وقت المادة ويساعد على توضيحها وتفصيلها لأن المنهج وحدهُ لا يكفي ولكن الطالب حتى الآن غير متقبل لهذه الفكرة وغير مستوعب لهذه النسبة لذلك يتم الطلب بتقديم ملخصات عن المحاضرة وكتابة بحوث إضافية للحصول على أكبر
معلومة ممكنة وهنا نركز على قضيه هي أن التعلم والتعليم هي عملية تبادلية فالطالب يستفاد من الأستاذ والعكس صحيح كما أن الغرض هو ليس النجاح أو الشهادة وإنما فهم واستيعاب الطالب لأن الذي يحث على النجاح الآن دون استيعاب فإنه في السوق الوظيفية قد يكون شبه ضائع لأن العمل يتطلب تفكير واجتهاد لا ورقة تأييد تخرج.
ويمكن القول بأن الطلبة أنفسهم بإمكانهم تشجيع التدريسي بإعطاء معلومات إضافية أو لا وأكدت د. مينا على أنه لو توفر طالب واحد يشجع على إضافة معلومات سأقدمها حتى لو تواجد شخص متذمر آخر.
كما ركزت على قضية أن العمل والخبرة المكتسبة منه لا تغني عن المادة النظرية والجانب النظري مرتبط جوهرياً بالجانب العملي بالتالي فإن السوق الوظيفية لا تُغني عن المعلومات النظرية وإن السوق الوظيفية في قسم هندسة الطب الحياتي خاصةً تعتمد على تفصيليات، أسس وقواعد تم طرحها في مواد النظري حتى تطوير أي جهاز طبي يعتمد على آلية عملية وجزيئاتهِ التفصيلية بالتالي نحتاج إلى أسس سليمة وقوية لتكون نقطة انطلاق واضحة.
واشتركت آراء التدريسيتين في مسألة التركيز على قضية الدراسة اليومية والمتابعة مع الأستاذ للنجاح لأنها الوسيلة الأصح لتثبيت المعلومة
كما وأن نصيحتيهما للشباب هي أن العالم مفتوح أمام الكل من شتى وسائل التعلم والتطور متاحة للجميع وبأسهل الطرق وأقلها تكلفة إضافة إلى أن الشاب والطالب يجب أن يكون همهُ الأول هو التعلم وليس التعين.
وأفاد م.م حارث نوفل/ ماجستير هندسة كهرباء تخصص الكترونيك..
بالنسبة لتقبل الطلبة لعودة الامتحانات الحضورية لم يكن مباشرا وتطلب ذلك وقتاً بدليل أن كل الطلبة في مادة الرياضيات رسبوا في امتحان الشهر الأول لأنهم لم يكونوا متهيئين نفسياً للحضوري ولكن عند إعادة الامتحان نسبة كبيرة منهم قد اجتازوه بدرجات جيدة.
نصيحتي للطلبة بشكل عام هو الاهتمام بالمواد الأساسية لمرحلتهم الدراسية بأبسط الطرق وهو مراجعة ما قدمهُ الأستاذ بنفس يوم المحاضرة لمدة لا تزيد عن ربع أو نصف ساعة.
وشاركت رقية علي/ طالبة في المرحلة الثانية/ كلية الهندسة/ قسم طب الحياة رأيها قائلةً:
من أبرز الصعوبات التي واجهتها في التعليم عن بعد انقطاع النت المستمر، فقدان التفاعل المباشر مع المادة أو الأستاذ ومن أكثر مساوئه هي أنه يقلل الالتزام والشعور بالمسؤولية تجاه المادة والمحاضرة، كما الظلم الحاصل لمستويات الطلبة العلمية فكانت الامتحانات الحضورية أنسب شيء على الرغم من صعوبات كون الدراسة الكترونية.
ويمكن القول أن الحصول على امتياز وتفوق دراسي في التعلم عن بعد يحتاج لجهد مبذول عالي جداً أما إذا كان المطلوب فقط نجاح أو مستوى متوسط يمكن ذلك بسهولة جداً.
ولكن للتعليم الالكتروني فائدة، يعطي امكانية البحث عن المادة أو معلومة معينة خلال المحاضرة او بعدها مباشرة نظراً لتوفر الوقت فكان الاستثمار بالحصول على معلومات أكثر حول المواد.
وقال محمد الباقر حسن/ طالب في المرحلة الثانية/ كلية الهندسة/ قسم طب الحياة:
من أكثر المشاكل ازعاجاً هو الانترنت المتردي في العراق ونمط الدراسة عن بعد والذي هو جديد في العراق بسبب ضعف منظومة التعليم عن بعد وعدم الاهتمام بهذا الجانب من قبل الجهات المختصة.
كما أن عدم تجهيز الطلاب بأجهزة الكمبيوتر أو ما هو شابه لها ليساعد الطلاب على التواصل والدراسة بأفضل صيغة لكونها مقومات لنجاح التعليم عن بعد وأيضًا ضعف خدمات الانترنت بالعراق وعدم نشر ثقافة لدى الطلاب أن الدراسة هي وسيلة للتعلم ثم النجاح وليست فقط للنجاح لذا كان التعليم عن بعد هو ثغرة لخلق أجواء الغش الذي كان يعكس سلبًا للطلاب بتعلمهم بالصيغة الصحيحة وأيضاً عدم نشر أو توعية الطلاب على ثقافة الدراسة الالكترونية بالشكل الصحيح كما هو متوفر في الدول المتقدمة.
عن نفسي: بصعوبة جعلتني أعاني بشكل جداً كبير بسبب أن التعليم الالكتروني جعلني أعتمد على نظام عدم فهم المواد بالصيغة الصحيحة فكان اعتمادي على المحاضرات التي أمامي أكثر من اعتمادي على الذاكرة بكثير فكانت الأجوبة أمامي لذا لم يكن لي دافع بفهم المواد لكون أجوبتها كانت أمامي.
لم تكن هناك ثقافة التعليم عن بعد بزرع شغف التعلم بسبب اهمال هذا الجانب من الجهات المختصة أو المخولة لهذا بعودة الامتحانات والدوام بمجمله حضورياً كانت نقله نوعية جعلتني أواجه مشاكل بطريقة الفهم والحفظ والتعلم بشكل عام.
أحسست كأني انتقلت مباشرةً من السادس الاعدادي إلى المرحلة الثانية في الكلية دون أن أشعر أني مررت بالمرحلة الأولى (الالكترونية) كأني فقدت الكثير في المرحلة الأولى والذي به أتهيأ للمرحلة الثانية لذا بسبب النظام الإلكتروني فقط تراجع المستوى في الدراسة والتعلم وفقدت جزءا من شغفي في التعلم والتقدم بالصيغة الصحيحة وإلى هذه اللحظة أنا أعاني بالامتحانات الحضورية.
كما أرى أن جلّ الجهد يقع على الطالب ومن جهة أخرى فهي تعتمد بشكل كبير على الطالب لذا بدأت بتطوير نفسي باختصاصي وهو هندسة الطب الحياتي وبدأت اتعرف أكثر على هذا الاختصاص بالإضافة لهذا زادت معرفتي بالمهندسين الطبيين وبما كانوا يقولوه لي عن تجاربهم بهذا الاختصاص لأحب هذا الإختصاص أكثر فأكثر كمحاولة لزرع الشغف الذي فقدته بفترة الحجر والتعليم الإلكتروني.
أما برأي هاجر الأسدي/ طالبة جامعية: إن تجربة التعليم الالكتروني أخذت منحى سلبيا جداً في العراق وأدت إلى انحداره نحو الحضيض وذلك لعدم وجود قواعد وركائز أساسية لهُ من أهمها سوء خدمات الإنترنت والكهرباء وعدم توفر الأجهزة الذكية عند فئة كبيرة من الطلبة جعلت من الدراسة ثقلا وعبئا ماديا أولاً والحجر المنزلي هو عبئ نفسي فكان الحل الأمثل هو عودة الدراسة بشكلها الحضوري السابق.
اضافةتعليق
التعليقات