تقول قاعدة الأساس الثالثة: [لا تتعجل بعد تطبيق أي أسلوب الحصول على النتيجة لأن الأسلوب التربوي إن لم يأخذ مداه والوقت الكافي له والذي يتناسب مع النفسية التي تربيها يترتب عليه يأس وعدم استمرار، اصبر ولكن عاين وراقب ببصيرة، أحيانا (الصبر بلا بصيرة تهاون](١).
قلنا إن الأساس الأول هو وضوح الهدف، والثاني هو أن التربية تكون وفق رؤية دينية لا دنيوية، وهذان الأساسان ثمرتهما أن يتحلى مؤسسا هذا البيت بالصبر والبصيرة، فلن يصبر من لا هدف واضح يسعى بجد لتحقيقه، ولن يتحلى بالبصيرة من لا ثقافة دينية لديه.
بالنتيجة فإن الصبر والبصيرة كما إنهما ثمرتان، هما في ذات الوقت كالمقدمة والنتيجة لبعضهما البعض أي وكأن البصيرة تتطلب الاتصاف بالصبر، والصبر يستمر بواسطة البصيرة، فهما كالرفيقين، إن افترقا ضعفا، وفَقْد كل منهما معناه وقوته ونفعه- وبتعبير آخر- كون أحدهما يُعين الآخر ويزيد منه، فهما رفيقان في كل ميادين الحياة، ولا غنى للفرد عنهما.
إذ استخدمت لفظة البصيرة في تقيم الإنسان ونظرته لنفسه بقوله: {بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ}(القيامة:14)، اي هو أدرى وأكثر رؤية بمعايبها ومحاسنها؛ ولأنه المُبصر/ الأعلم فهو سيكون أصبر عليها حتى يُهذبها ويُجمل مساوئها، ويُكمل ما فيها من حُسن.
وهكذا بالنسبة لتربية الأبناء، فهم قطعة منهما، وجزء من وجودهما وكيانهما، فما فيهم من زين يُزينهما، وما بهم من شين يُشينهما، فمتى ما أبصر المربيان المهدويان هذه الحقيقة صبرا على هذه المهمة، ولم يتعجلا لرؤية ثمرة توجيههما وارشادهما، مثلما إنهما يصبران ويتأنيان في تربية نفسيهما.
فالعجلة مذمومة بكل الأحوال إلا بفعل الخير، لذا التعجل بالتربية والتنبيه عن أي خلل أو انحراف يمكن أن يحصل فيهم أو منهم أمر طيب، ولكن المطلوب ألا يتعجلا بقطف ثمرة التغيير فوراً، فيفسدا بذلك ما قاما به.
فالابن الذي يرى تذمركما أو عدم رضاكما وحسن ظنكما به وبقدرته على التَغيُر لأنه لم يصبح كما تحبان وبالوقت الذي تريدان، هو سيصدق إنه فاشل وعاجز عن إحداث التغيير فيحبط وييأس من نفسه.
وبالنتيجة لن تحصلا على ما تريدان منه، ولن يثمر توجيهكما فيه، بل شيئًا فشيئًا قد تجدان نفسيكما غير قادرين على توجيهه، وهو قد لا يجد قيمة لتوجيهكما له، فتفقدان أهم أدواركما تجاه أبناءكم التربوية والتعليمية.
بل لو رجعنا لأصل قيمنا العقائدية، ولأصل غايتنا كآباء وأمهات في كوننا جزء من المجتمع الإنساني المهدوي، نجدها ترتكز على هاتين الصفتين بشكل كبير، فالمطلوب منا: الصبر على انتظار الإمام المغيب (عج)، والبصيرة التي نرى بها ما وراء تلك الغيبة؛ فلا نكون ممن تذمهم الروايات بأنهم "عجولين".
بالنتيجة: الأب والأم المهدويين لا يكونوا مربيان لجيل مهدوي من دون أن يكونا ممن يتحليان بالصفات المهدوية، والتي من أهمها الصبر والبصيرة، وبهما يستعينان في بناء هذا الجيل.
___
اضافةتعليق
التعليقات