"كيف تتحدث إلى طفلك؟" قد يشغل هذا السؤال بال الكثيرين من الآباء، الذين يبحثون عن الطريقة الأصح للتمكن من التواصل مع أطفالهم.
المدونة في صحيفة "غارديان" إيما بروكيز، دونت رأيها حول طريقة الحديث إلى الأطفال انطلاقاً من مواقف عاشتها، وتقول: "كان ذلك المشهد مضحكاً على مستوى ما، مثلما سأجد أنه مضحك إذا أحضر أحد أطفالي رواية مدام بوفاري من رف الكتب، لأحدثهم عن ملخص تفصيلي للقصة، أو لنفسح المجال للحديث عن لعبة الثعبان التي يصنعونها ونعرج إلى النقاش حول المتغيرات الجينية".
من المتفق عليه بشكل عام، أن الحديث مثل الأطفال هو أمر سخيف بل يُعد رفاهية كذلك كما أنه لا يُقدم شيئاً يستحق الذكر للأطفال، وهو الرؤية التي تُعبر عن خطأ كبير في منطقها مثل المنطق الذي يدعي أنه إذا قام شخصٌ يتحدث الإنكليزية برفع صوته ربما يفهمه شخصٌ آخر لا يتحدث اللغة ذاتها.
وعن نفسي فأنا لا أقوم بهذا الحديث. ومع ذلك أفعل شيئاً -أدركت مؤخراً- أنه يكاد يناظر مدى السوء الناتج عن محاولة تصحيح كل أفعال طفلك بطريقة حادة وعنيفة، وهو أن تتحدث إلى الأطفال كما لو كانوا يبلغون 40 عاماً.
وثمة أسباب منطقية للنظر إلى هذا الفعل بتلك الطريقة وهي: إن هذه الطريقة تساعد على تطور اللغة وزيادة المفردات بالنسبة للطفل لكنها لا تقدم له الرعاية اللازمة. لكنني أشك في أن هذه الأسباب هي التي تدفعني أو تدفع غيري لفعل ذلك. أعتقد أن السبب الحقيقي هو شكل حذر من أشكال إعطاء الإشارات لتوضيح المكانة الاجتماعية، وهو مجهود يميز نفسه وينأى بها عن كل أنماط الآباء الذين يفرطون في تدليل أبنائهم، ويؤكد على أن المرء رغم أنَّه يقضي الكثير من الوقت في تغيير الحفاضات أو في الحديث عن شخصية إلمو، إلا أنه لايزال يستطيع صياغة جملة مع مجموعة من العبارات الفرعية.
وقد لاحظت ذلك في المتنزه في عطلة نهاية الأسبوع. إذ كان أحد الآباء يدفع ابنه وهو يلعب بالأرجوحة المجاورة لنا، في حين بدا أن الطفل يفضل أرجوحة أخرى، وقد بدأ الطفل يُصاب بنوبة غضب. وتوجه الأب إليه بالحديث وفي نبرة موزونة قائلاً "ما تفعله أمر سخيف"، وتابع قائلاً "لديك حرية إرادة بالطبع. لكنك تقترح التوقف عن فعل أمر تستمتع به بسبب أمر آخر لا تستطيع فعله وتظن أنك سوف تستمتع به أكثر، إلا أن فعل ذلك ليس متاحاً الآن، ولذلك فإن هذا الموقف ببساطة هو موقف سخيف".
كان ذلك المشهد مضحكاً على مستوى ما، مثلما سأجد أنه مضحك إذا أحضر أحد أطفالي رواية مدام بوفاري من رف الكتب، لأحدثهم عن ملخص تفصيلي للقصة، أو لنفسح المجال للحديث عن لعبة الثعبان التي يصنعونها ونعرج إلى النقاش حول المتغيرات الجينية. ولكنه كان مشهداً تمثيلياً ولم يكُن في صالح الطفل مقارنةً بالآباء الآخرين المحيطين، كما أنه استوقفني هذا الفعل باعتباره منفصلاً تماماً عن مصلحة الأطفال. وعزمت على التوقف عن فعل ذلك.
وفي يوم الاثنين، عندما كنت في محطة مترو الأنفاق سمعت حواراً وقررت أن ثمة طريقة وسطاً. عندما كانت امرأة تقف رفقة ابنتها الصغيرة، وتتطلع إلى التغيرات في الجدول والذي -كما قالت- شهد تحسناً كبيراً في طريقة عرض البيانات الأيام الماضية، وقد كانت فيما مضى تُكتب بخط صغير لا يمت بصلة لأي واقع إذ لا يمكن تمييزها.
لم يكن هناك أي لؤم في نغمة حديثها، فقد كانت هادئة وحوارية بشكل جيد كما كانت جدية تماماً، بينما أومأت برأسها بشدة تلك الطفلة البالغة من العمر 4 أعوام تقربياً والتي لا تفهم نصف الحديث، منتشيةً بافتراض أنَّها تستوعب الأمر.
هل تود أن تجربها؟ لن تعجبك
أحياناً تتخطى طباعي القديمة وغير المطلوبة ردود فعلي الواعية وتبرز على السطح. في إحدى الليالي من الأسبوع الماضي كنا نأكل فطيرة السبانخ على العشاء، أو بالأحرى كنت أنا وحدي آكل، لأنني لم أستطع جعل أي شخص أصغر من سن السنتين يأكل ولو قضمة واحدة. "لا تعجبني"، جاء الرد من الطفل الأول، ثم الثاني، وهو ما رددت عليه في استجابةٍ سريعة -أعادتني لذكريات 35 سنة مضت على طاولة مختلفة وزمن مختلف- قائلاً "كيف يمكنك أن تعرف إذا لم تجربها؟" بمجرد خروج تلك الكلمات من فمي، عرفت أنها مجرد كلمات جدل عقيم. لسببٍ ما، فجميع الوجبات الغذائية التي قالت لي والدتي عنها هذا الكلام هي الأشياء التي ما زلت أكرهها.
اضافةتعليق
التعليقات