الجميع يرتكب أخطاء حتى لو كانت بسيطة ولكن ليس بالسهل أن يُقدم أحد على الاعتذار، فإنها صفة مكتسبة إن لم يتعلمها شخصاً في بداية حياته فلن يكتسبها يوماً ما !ولكي تطلبي من طفلك أن يعتذر إن أخطأ فعليكِ أن تغرسي ذلك داخل نفسه بالتدريب عليه، لأن الاعتذار من الصفات المكتسبة والتي تحتاج إلى تدريب من جانبك.
حيث ليس من السهل على الأسرة تدريب طفلها على ثقافة الاعتذار عند ارتكابه خطأ بحق غيره، خصوصاً إذا كان يتسم بالعناد والتنمر.
لذا يجب أن يصبح من أساسيات تربيته، تعليمه ثقافة الاعتذار وقول كلمة "آسف" منذ صغره وعدم إيذاء الآخرين أو الخطأ بحقهم، وإنْ فعل ذلك عليه بتقديم الاعتذار على الفور، والتعهد بعدم تكرار تصرفه في المرات القادمة. وهذا ما دعت إليه أخصائية تربية الطفل سيرسا قوفبز بأهمية توعيته بتصرفاته المزعجة والمؤذية للآخرين، والاكتراث لأفعاله. حيث هناك بعض الإجراءات على الأهل اتباعها مع الطفل تعوّده على الاعتذار لمنع تماديه وعدم مبالاته، عند ارتكابه خطأ بحق أحد لذلك سوف نتطرق إلى نقاط أساسية في ثقافة الاعتذار عليك مراعاته لتعليم هذه الثقافة لطفلك أهمها ما يلي:
هنالك 5 نقاط أساسية في ثقافة الاعتذار
1- ساعد طفلك على تهدئة نفسه
الطفل في أغلب الأحيان يرتكب سلوكا غير مقبول لأنه شعر بالغضب وفقد السيطرة على أعصابه، وهو ما يستوجب طلب الصفح، وعند إجباره على الاعتذار وهو لا يزال في هذه الحالة تكون النتائج عكسية، حيث إنه لن يفهم خطأه، كما قد تتفاقم حالة الغضب، ولن يتعلم شيئا من هذه التجربة. في المقابل، إذا تحلى الوالدان بالهدوء وتنفسا بعمق وأبعدا الطفل عن المكان الذي وقعت فيه المشكلة فإن بإمكانهما آنذاك إجراء حوار معه، مع ضرورة التحلي بالصبر وعدم إجباره على الاعتذار.
2- حلل الوضع مع طفلك
يجب التحدث مع الطفل وتحليل المشكلة والسماح له بالتحدث بكل حرية، وذلك بعد أن يكون الطفل قد هدأ وعاد إلى حالته الطبيعية، ويمكن الاستماع لرواية الطفل بشأن ما حدث، وفسح المجال له للتعبير عن مشاعره، إذ إن المشاعر يكون لها دور مهم في حالات الخلاف والغضب، وهي الدافع الحقيقي وراء التصرفات الخاطئة.
3- شجعه على التعاطف لتعلم التسامح
بعد أن يفهم الأب أو الأم حقيقة ما حدث والسبب الكامن وراء تصرف الطفل بهذه الطريقة يحين الوقت آنذاك لجعله يضع نفسه مكان الطرف الآخر من أجل فهم شعوره، وتتمثل الفائدة من هذه الفكرة في فهم الطفل حجم خطئه عندما يتخيل نفسه مكان الشخص الذي أخطأ هو في حقه.
4- فكر مع طفلك في الأمر الذي يجب عليه تغييره
اطرح السؤال الآتي على الطفل: إذا أمكن لك العودة بالزمن إلى الوراء ما الذي يمكنك تغييره بشأن ما حدث؟، ويسمح هذا التمرين للطفل بالبحث عن طرق أخرى لحل الخلافات، وحتى إن لم يقدم حلا فوريا للمشكلة القائمة فإنه يعتبر مفيدا لكيفية تحكم الطفل في مشاعره وردود أفعاله في المستقبل.
5- أسأل طفلك: كيف يمكنك جعل الطفل الآخر بحال أفضل؟
يغفل الوالدان غالبا عن أهمية تقديم مثال يحتذى به للطفل الذي يمكنه تعلم الكثير من خلال مشاهدة تصرفات الكبار. ويمكن فسح المجال للطفل ليختار بنفسه طريقة اعتذاره لأن كلمة "أنا آسف" ليست هي دائما ما يريد قوله، وقد يفضل الأطفال التعبير عن ندمهم من خلال الاحتضان أو دعوة للعب أو تقديم رسمة على ورقة، ولكن يظل الأمر المهم هو تعلم الطفل كيفية تحمل مسؤولية أفعاله.
ما الذي يؤدي له اعتذار الطفل؟
الهدف الأساسي من تعليم الأطفال الاعتذار هو أن يعي أنه فعل شيء خاطئ كي يعتذر، وأن يختار طريقًا آخر ليقوم بعمله دون أن يجرح أحدًا، معظم الأطفال يخطئون وتكون ضمائرهم حية، ولكنها ليست قوية بما فيه الكفاية للتحكم وإرشادهم للسلوك السليم، كما يجب تعليم الأطفال متى يجب عليهم الاعتذار وكيفية تكفيره عن إيذائه شخص آخر.
- عندما يستطيع الاعتذار فهو لن يكتسب مهارة اجتماعية وحسب، بل يتعلم أيضًا كيف يكفّر عن أخطائه ويتحمل مسئولية أفعاله ويتعلم الاهتمام بمشاعر الآخرين، والاهتمام والتركيز على سلوكياته وما قد يجرح مشاعرهم.
- كما أن هذه المعاني تغرس في عقل طفلك قيمة العدل فكل من يخطئ يتحمل ثمن خطئه، وتعلمه الاعتراف وتحمل مسئولية تصرفاته ولا يلقي اللوم على من حوله، كذاك ترسخ لديه معنى التوبة بعد ذلك عندما يكبر ليعرف كيف يتوب عند اقتراف معصية الخالق – عز وجل- وكيف يتقرب إلى الله حتى يسامحه ويغفر له خطاياه.
- لا تطلب من طفلك الاعتذار وهو يبكي، بل عليك أن تراعي مشاعره، كما تريد منه مراعاة مشاعر من حوله، والأهم هو التعلم من الموقف كي لا يتكرر.
- نمِّ في طفلك ثقته بنفسه، فالأخطاء فرص رائعة للتعلم، وليس الاعتذار يعبر عن نقص أو دليل عقاب، وعلّمه أن القوة الحقيقية هو معالجة الخطأ وليس فقط الاعتذار بالكلمات.
- احذر الغضب المبالغ به ومقابلة الخطأ بإصدار أحكام مهينة ومسيئة لكرامة طفلك، فلا تزرع الخوف في نفسه، وابحث عن عواقب إيجابية تعلمه وتنمي مهاراته.
- أخبر طفلك أن الاعتذار عن خطأ ما يعني عدم تكرار الخطأ مرة أخرى لأنه من الصعب قبول الاعتذار أكثر من مرة على نفس الخطأ.
ما يجب عليك تجنبه عندما يعتذر الطفل؟
1- عندما يخطئ طفلك فتجنب أن تجعله يتذلل للطفل الآخر كي يقبل اعتذاره حتى لا تجرح مشاعره، وعلمه أن يفعل ما بوسعه دون خضوع، بل أن يترك مساحة للطرف الآخر كي يفكر في الأمر، وأن يخبره أنه واثق من مسامحته له.
2- كما أنه يجب عليك ألا تضع طفلك في موقف المتهم وتنهال عليه باللوم على ما ارتكب فساعده كي لا يأخذ موقفاً دفاعيًا مضادًا.
3- تجنب اتهام طفلك بشيء لم يفعله ما دمت غير متأكد، ويجب عليك الاعتذار منه إن صدر منك اتهام له.
4- لا تتحدث عن الأخطاء السابقة التي تم إصلاحها فيما مضى، فيشعر طفلك بالإحباط وأنك تخزن له رصيد أخطاء فيشعر بعدم الجدوى من الإصلاح.
5- تجنب الإيذاء الجسدي لطفلك بشتى الطرق مهما صدر منه، فالعقاب على الأخطاء له طرق أخرى مفيدة لطفلك ومحترمة لكما معًا، فلا تتعمد إهانة طفلك أو إيذاءه وإن صدر منك ما يؤذيه عن غير عمد فلا تتردد في الاعتذار منه وكن قدوة.
وبهذا فمن الواجب أن نعلمه معنى كلمة "آسف" وكيف يوظفها في المواقف بدلا من أن نجعله يستخدمها نتيجة الغضب فقط، ونعلم الطفل الصواب والخطأ من المواقف العملية، فكلما تم تعليمه السلوكيات بطريقة عملية استجابته للتعديل تكون أكبر.
ومن المهم أيضا أن تقدم لطفلك النموذج الجيد فلا تتصرف بطريقة سلبية وتطلب منه أن يكون إيجابيا فينتقضك الطفل ويوجه لك اللوم، فذاكرته قوية، فقد يذكرك بمواقف مماثلة تصرفت فيها على غير ما تنصحه. لذا من الأهم نشر ثقافة الاعتذار بين جميع أفراد الأسرة، حتى يلتقط المواقف والألفاظ التي تحمل في طياتها معنى الاعتذار.
المصادر:
موقع الجزيرة
موقع نشء
موقع انفراد
موقع فوشيا
اضافةتعليق
التعليقات