بداية علينا ان نعرف ما المقالة؟!
المقالة فكرة وموضوع، فكرة واعية وموضوع يعالج قضية او مشكلة او ظاهرة معينة او رأي سائد في المجتمع نعالجه بطريقة استنتاجية منطقية.
وإذا جئنا الى مراحل تطور المقالة لنرى إن بداية يقال ان المقالات موجودة منذ القرن الثاني الهجري وهي كانت تكتب على شكل رسائل ترسل بموضوع واحد الى اطراف متعددة والبعض يرجعها الى نهج البلاغة وهي خطب الامام علي (ع) بما انها موضوع واحد ولكنها خطبة تكتب، وفي القرن الهجري الثاني كتبت على ورق وارسلت وتم تداولها، وبعدها في الأدب القديم كان عبد الحميد الكاتب الذي توفي عام 570 ميلادي يقال هو اول من انشأ اسلوب الرسائل ككتابة في الادب العربي ولديه رسالة في الاخاء ورسالة في الكُتاب ورسالة في الصداقة.
بعدها تطورت المقالة وتجاوزت حدها لما بدأت الدول الاسلامية تتجزأ وتقوم الحروب الصليبية بتقسيم هذه الدول فقام الاشخاص بكتابة المقالات التي تدعم آرائهم وتوصل رسائلهم، وفي زمن رفاعة الطهطاوي وهو احد المفكرين المصريين صارت المقالة سجعية اكثر بعدها جاء جمال الدين الافغاني وألغى هذه السجعية وكتب المقالة كما نعرفها الآن، بعدها جاء زمن عباس محمود العقاد وطه حسين وكتبوا المقالة التي نحن حاليا نكتب طريقتها لأن في الزمن القديم كانت تكتب بلغة عالية ورفيعة او لغة شعرية أما الآن الموضوع مختلف جداً ومختلط جدا!.
لماذا المقالة والتشجيع عليها؟
الناس في الزمن الحالي هم محتاجين للمقالة أكثر من الكتاب مع اهمية الكتاب لكنهم يقرؤون المقالات المختصرة والكثافة الموجودة في المقالة رغم ان المقالة لا تغطي كل شيء فيضطر احيانا الكاتب لكتابه اكثر من المقال لتغطية موضوع ما، ثم ان المقالة تقودنا للانطلاق نحو الجمهور بشكل اسرع.
ماهي المقالة الرسالية؟
هي بكل بساطة نون والقلم وما يسطرون، اي أن في القرآن الكريم هناك دعوات للتعلم والكتابة وايضا في التراث الاسلامي واحاديث النبي (ص) وايضا احاديث اهل البيت في دعوات للكتابة، مثلا :مداد العلماء افضل من دماء الشهداء. لاتقليل لدماء الشهداء ولكن لبيان اثر وعظمة مداد العلماء يقول الله سبحانه وتعالى: "الم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أُكلها كل حين باذن ربها". اي تنتشر في الارض اذا غرسنا الغرس الطيب، في المقال الرسالي سينتقل بكل سلاسة الى كل الناس.
وكذلك العكس فالمقالة سلاح ذو حدين إما توجه للخير أو توجه نحو الشر.
كما أن المقال يجب ان يكون واعي ويجب أن يكون نابع من مكان معين اي مثلا من
القرآن لأنه رسالي والرسالي يحمل همّ رسالي والقرآن مصدر التشريع الأول والدستور الأول فهو اهم مصدر والمؤثر الاكبر والذي لايقرأ ولو صفحه منه في اليوم سيعاني في استخدام المفردات وفي تقويم فكرة او في تطوير فكرة.
والقرآن يقدم لك كل هذا لأنه عميق مركز فيه فصاحة وبلاغة فعلى كل كاتب أن يقرأ القرآن ولو صفحة في اليوم بتدبر بمعاني الكلمات، وأن يقرأ مع التفسير وهناك كتاب رائع جداً هو _الامثال والكثل والتمثل والمثلات في القران الكريم لسميح عاطف الزين_ جمع الأمثال التي في القرآن فيه بطريقة بسيطة جميلة، بعدها يجب ان يجب ان نعرف اين نستخدمها وكيف نستخدمها.
المصدر الثاني؛ الأحاديث الشريفة فهي مصدر مهم ومنبع عظيم لأي كاتب ومع الاسف اغلب الشباب لا يعرف كيف يخرج حديث لأهل البيت يستفيد منه ويبني عليه مقال، كل ماعليك هو ان ترجع لكتب الحديث: الكافي وبحار الانوار ومكيال المكارم ومنتهى الامال وغيرها وكلها مصادر لأي كاتب لأنها تشرح دستور القرآن الكريم.
ثالثا؛ الخطب فهي واحدة من اهم المصادر لتطوير لغة الكاتب وبناء مقالة رسالية، مثلاً لو قلت لك صف لي حضورك للمجلس الحسيني، ككاتب رسالي حبب الناس بمجالس الحسين وان يحضروا المجلس بمعلومات دقيقة مختزلة تشعر فيها في العظمة فكيف تحببهم بحضور المجلس، يجب ان تكون كتابة بوعي واع بمقدار هذا القدر من اختزال المعلومات والجمال الذي نلاحظه في خطب الامام علي (ع) في نهج البلاغة كخطبته التي يصف بها عظمة خلق الخفاش.
الشعر؛ الشعر مهم جداً لأنه يضرب بالأمثال وفيه ثروة لغوية ومعنوية واختزال وتصويرات ادبية، لربما انت ككاتب مبتدأ لاتعرفها يقول النبي: "ان من الشعر لحكما وان من البيان لسحرا"، فالكلمة مهمة جدا.
_معرفة التاريخ مهمة لأن الحياة تعيد نفسها فنستطيع تطبيق الماضي على الحاضر ومهم جداً أن نعرف ردود افعال النبي والامام علي واهل البيت (ع) كيف كانت ردود افعالهم على مايحدث في زمنهم ومهم معرفة تاريخ الامم بعد النبي.
وتاريخ الاسلام الحديث والمعاصر أي مايجري الآن وفي الدول الاسلامية مثلاً كتاب: دول ومماليك لفاضل الصفار. اهل البيت قدوة واسوة لهادي المدرسي. وغيرها التي تسرد لنا التاريخ.
قبل ان تكتب مقالك هناك ثلاث نقاط مهمة:
_استمتع وانت تكتب.
_اكتشف امكانيتك، اكتب مقال من 200 كلمة ثم 300 كلمة وهكذا تدريجياً الى ال1000 كلمة واعلم انه كلما زاد حجم المقال يجب ان تكون معلوماتك اكثر، ابدأ بالقليل ثم تطور.
_فكر بالازدهار والتطور، كيف اتطور في المقال القادم كيف اكتب افضل، لا تقف عند حد معين بل طور من نفسك دائماً.
العناصر الفنية للمقالة
اي مقال في العالم يحوي على المادة، انت ككاتب عن ماذا تريد ان تتكلم، ماهو سؤالك ولما؟ مهم ان تعلم لماذا تريد ان تكتب مقال فالمادة والمحتوى تجيب عن هذا الشيء.
والخطة التي يوصل بها لفكرته وتتكون من العنوان والمقدمة والمتن والاستنتاج، اما الاسلوب يتطور بالكتابة والقراءة فبها تتعرف على عدة اساليب.
.العنوان: يجب ان يكون صادم شارح او بسيط او معقد.
كيف قبل الكتابة نحصل على مصادر لافكارنا وخططنا ومقالاتنا؟ اولا: ضع في يدك دفتر صغير، كل كاتب يجب ان يكون لديه هذا الكتاب ضع به اقتباسات تعجبك، ناس تود ان تلتقي بها، مواقف حدثت لك، دروس تود ان تتعلمها وتقدمها، مع الوقت تجد نفسك مع كمية ضخمة من الافكار والمعلومات لتغذية نفسك فكريا.
إن الكاتب الرسالي هو كاتب مهموم همّه العمل الرسالي يريد ان يقدم شيء للمجتمع، هو مغناطيس يجذب كل المشاكل إليه، السيد حسن الشيرازي يقول في كتاب العمل الادبي "هدف الادب توجيه الحياة وفق القاعدة الفكرية فلا يكون هناك باب مغلق على الادب".
واعلن ان البطل هو من يتدخل فيما لا يعنيه ويصلحه.
ختاما التقنية التي ستساعدك في كتابة كل مقالاتك هي وضعك لثمان اسئلة تجيب عنها من خلال مقالك وليس بالضرورة ان ان تجيب عنها جميعها فبعضها يكفي وهي مع مثال: الغريب الاسلامي، ماهو؟ مثلا التغريب في العالم الاسلامي.
لماذا هو؟ لماذا يمارس التغريب؟
ومن هو؟ من يمارس التغريب؟
كيف هو؟ كيف يمارسون الاعلام وغيرها؟
ما يسبب؟ اذا صار ماذا سيحدث هل سيرتد الناس عن الدين؟
اين هو؟ اين في البيوت في الهواتف وغيرها.
متى هو؟ اي الوقت.
كيف يرتبط هو؟ كيف يرتبط التغريب بما يحصل الان؟.
من ورشة المقال الرسالي للكاتب الكويتي حسين المتروك
اضافةتعليق
التعليقات