تُعتبر الألعاب الإلكترونية جزء من الثقافة الرقميَّة الحديثة والتي تؤثر على الأشخاص بطُرق مختلفة. قد تكون الألعاب الإلكترونية مشكلة كبيرة في حال تم استخدامها مِن قِبَل الطفل أو المراهق بشكل كبير ومُتكرِّر، حيث إن هذه الألعاب ستكون دافعاً لإهمال المسؤوليات الشخصيَّة، أو العائلية، أو التعليمية، في حين قد يتطوَّر حُب هذه الألعاب الإلكترونيَّة إلى إدمان، فَعِندَ مُحاولة توقيف الطفل أو المراهق عن استخدام هذه الألعاب سيُصاب بالحزن أو الانفعال الشديد، كما أنه قد يرغب بتمضية المزيد من الوقت في لعب هذه الألعاب، وسيفقد الاهتمام بالأنشطة التي كان مُهتماً بها في السابق وسيجدها غير مُمتعة على الإطلاق، كما أنَّه قد يضطر للكذب حول كمية الوقت المُستنفَذ في لعب هذه الألعاب.
عندما ظهرت ألعاب الفيديو قبل ما يقارب 30 عاماً، كانت حينها وسيلة تسلية بسيطة جداً تعتمد على الرسوم المتحركة، إلا أنها حققت نجاحاً كبيراً بسبب قدرتها على الترفيه والتسلية. ومع تقدم السنوات تطورت هذه الألعاب بشكل سريع جداً وإلى مستوى هائل من التطور التقني، وأصبحت أقرب إلى العالم الحقيقي بسبب المحاكاة والتفاعل والتأثير البصري والصوتي والحركي، إضافة إلى ذلك تنوع الألعاب المطروحة التي جذبت الكثيرين إليها لدرجة الإدمان، وأصبحت جزءا من يوميات وأوقات الأطفال والمراهقين وأصبحوا متفاعلين ونشطاء معها فتسببت العديد من الألعاب بضرر كبير نفسي فمنها ما هو مستوحى من الصراعات والحروب لتترك أثراً نفسياً وسلوكاً عدوانياً سيئاً عند الأطفال والمراهقين مما دفع المتخصصين في السلوك الإنساني والاجتماعي والنفسي ودارسي علم النفس والسلوك والتربية لمعرفة مدى تأثيرها على الأطفال والمراهقين.
حيث باتت الألعاب الالكترونية منافسا خطيرا لقضاء وقت ممتع مع الأسرة والأهل والأصدقاء، وتراجعت أمامها الألعاب الاعتيادية والقديمة التي كان الصغار يتوقون لممارستها مثل كرة القدم والجري والتنزه في الهواء الطلق، وتلاشت المهام الاجتماعية التي كان الكبار يقومون بها وفي مقدمتها الزيارات العائلية ولقاء الأصدقاء، واقتصر اللعب الذي يعد ضرورة من ضرورات الحياة للأطفال ووسيلتهم في التعبير عن مشاعرهم الداخلية وميولهم وطريقة تفكيرهم على عالم افتراضي يستحوذ على الصغار والكبار خاصة مع استمرار وصوله لآفاق جديدة وتقنية أفضل في كل عام.
ويأتي إغراء تلك الألعاب نتيجة تميزها بالتنوع واستهدافها لجميع الفئات العمرية، والأهم أنها تجعل اللاعب جزءا من اللعبة، الأمر الذي يمثل جاذبية خاصة لدى الأطفال والمراهقين، لأنها تتطلب التركيز والاهتمام المستمر والإصغاء والتفاعل التام مع الأحداث بالعقل والمشاعر والنفس، بحيث يشعر اللاعب أنه جزء لا يتجزأ من الأحداث وأنه العنصر الأهم في اللعبة.
وبهذا فإنه لا يوجد شيء أصعب من مواجهة عدو يتسلل إلى منزلك عبر الإنترنت الذي بات الاستغناء عنه مستحيلاً، خاصة مع ارتباطه بكل معاملات الحياة، فقد تعددت مخاطر الألعاب الإلكترونية، من إهدار الوقت لدى الأطفال والمراهقين، مروراً بترويج أفكار مسمومة متطرفة، إلى أن تحولت قاتلاً مأجوراً محترفاً يجيد اختيار ضحاياه عن بعد، وهو الأمر الذي يتطلب تحركاً جماعياً للحفاظ على جيل المستقبل.
حيث أصبحت الألعاب الإلكترونية متاحة على الهواتف وأجهزة البلايستيشن وغيرها، وتكمن خطورتها في أنها تتيح للمستخدمين التعرف إلى غرباء، وإنشاء صداقات عبر شبكات مخفية يستغلونها في التعرف إلى أمور سياسية، أو جذبهم إلى أفعال مشينة تخالف العادات والتقاليد. حيث وصف بعض الاكاديميون وخبراء تلك الألعاب بـ«شديدة الخطورة»، لكونها تروّج الأفكار العنيفة والمتطرفة بين النشء، مؤكدين أن الرقابة الأسرية غائبة، وهي خط الدفاع الأول عن الأبناء، تليها الحملات التوعوية ودور الجهات المختصة.
واعترف أولياء أمور بأن العزلة التي تعيشها شريحة كبيرة من الأبناء داخل غرفهم المغلقة دون أي نوع من الرقابة، هي التي تقودهم إلى الألعاب الإلكترونية وما تتضمنها من مخاطر، مشيرين إلى أن انشغالهم في دوامة العمل هو ما يضعف الدور الرقابي. وبهذا سوف نتطرق إلى أبرز أضرار الألعاب الإلكترونية:
1- قلة الحركة وزيادة الوزن
يرتبط مفهوم الألعاب الإلكترونية بالعديد من المشاكل الصحية التي تؤثر على اللاعبين، كالسمنة والكسل والانطواء والأمراض الاجتماعية، حيث يؤدي إدمان هذه الألعاب إلى قلة الحركة والسمنة الناتجة عنها، ويعود ذلك لجلوس اللاعب لفترات طويلة.
2- إجهاد العينين
تؤثر أضرار الألعاب الالكترونية على العين على المستوى البعيد، حيث تعمل هذه الألعاب على إجهاد العينين بسبب شدة التركيز فيها والنظر مطوّلاً إليها، مما يؤدي إلى مشاكل مستقبلية مثل قصر النظر أو انحرافه.
3- انحناء في العمود الفقري
يؤدي الجلوس لساعات طويلة وبوضعيات معينة غير صحية إلى العديد من مشاكل العمود الفقري لدى اللاعبين، إضافةً إلى آلام الرقبة والكتفين وأسفل الظهر ومفاصل اليد، لذا ينصح الخبراء بتعديل وضعية الجلوس والحركة بشكل مستمر كل 15 دقيقة لعب تقريباً، كما يؤدي الجلوس لفترات طويلة وعدم الحركة إلى إضعاف العضلات والمفاصل بشكل كبير، الأمر الذي لا يجب إهماله أبداً.
4- الأرق واضطراب النوم
يعتبر الأرق من أهم أضرار الألعاب الالكترونية على الدماغ، حيث أنّ اللعب لساعات طويلة يؤدي إلى اضطراب النوم، وذلك نتيجة التعرض للشاشات الإلكترونية وإشعاعاتها لمدة طويلة، الأمر الذي يؤثر على مناطق معينة في الدماغ تجعل الشخص في حالة تأهب أثناء نومه.
5- خلل في الانتباه والتركيز
تُشير الأبحاث الحديثة إلى أنَّ الألعاب الإلكترونية قد تؤدي إلى جعل الجسم في حالة توتر طوال الوقت، مما يزيد من ضغط الدم وعدد نبضات القلب، كما ويمكن أن تساهم الألعاب الإلكترونية في قلة التركيز، إضافةً لانخفاض قدرة الذاكرة، وقد أثبتت بعض الدراسات أنّ أضرار الألعاب الالكترونية على المخ قد تكون جسيمة على الأطفال الذين يلعبون لأكثر من ساعتين في اليوم، كما وقد يسبب ذلك قلة الانتباه وضعف التركيز أثناء الدراسة.
6- المشاكل النفسية
بعد إجراء العديد من الأبحاث والدراسات، أثبت الخبراء أنّ أضرار الألعاب الالكترونية النفسية تضاهي في خطرها الأضرار الصحية والجسدية، فمن المحتمل أن يعاني مدمنو الألعاب الإلكترونية من مشاكل نفسية عديدة، مثل الاكتئاب والقلق والرهاب الاجتماعي، كما أنها تؤدي إلى تدنِّي التحصيل الدراسي لدى الطلاب.
بالإضافة إلى ذلك، تشمل أضرار الألعاب الالكترونية النفسية لدى الأطفال احتمالية الإصابة بالتوحد، وذلك نتيجة انعزال الطفل عن العالم المحيط به والتفكير فقط في هذه الألعاب، الأمر الذي قد يسبب التوحد أو الاكتئاب وغيرها من الاضطرابات النفسية لدى الطفل.
7- التحريض على العنف والسلوك العدواني
تتمحور العديد من ألعاب الفيديو حول العنف والممارسات العدوانية، وقد يؤثر هذا الجانب على الشخص الذي يلعبها باستمرار، وخصوصاً على الأطفال، مما يترك أثراً سلبياً على المدى الطويل، وينمي لديهم الحس العدواني وأعمال العنف مع استمرارهم في اللعب، إذ تؤثر أضرار الألعاب الالكترونية على العقل الباطن بشكلٍ ملحوظ وفقاً لما جاء في بعض الدراسات.
علاج الإدمان على الألعاب الإلكترونية
لا بد أن مسألة علاج إدمان الألعاب الإلكترونية تشكل عائقاً كبيراً جداً لدى الوالدين من ناحية كيفية الآلية التي يجب اتباعها وإقناع أبنائهم إلا أن هناك العديد من الطرق التي أشار إليها الاختصاصيون السلوكيون:
1- ينصح بتعليم الأطفال النظام وتنمية حس المسؤولية لديهم، كما أنه من المهم تحديد وقت للراحة والترفيه لممارسة هذه الألعاب بساعات معينة ومكافأتهم بها.
2- ضرورة رقابة الأهل للألعاب التي يختارها أبناؤهم بحيث تكون تناسب أعمارهم وعدم السماح لهم بممارسة الألعاب التي تحمل طابع العنف.
3- يجب تعليم الأبناء أن الإنترنت والجلوس أمام الكمبيوتر لا يتلخص في الألعاب فقط ولكن هناك أشياء عديدة مفيدة يمكن أن يقوم بها الشخص من خلال الكمبيوتر كالرسم والقراءة أو تعلم لغة أو غيرها من الأمور النافعة التي تؤثر بشكل إيجابي في شخصية الطفل، ولننمي حب القراءة لدى الطفل ونحببهم في القصص الهادفة التي تربطهم بتاريخهم.
4- تشجيع الأولاد على ممارسة الهوايات الحركية كالرياضة والسباحة أو الرسم أو أي شيء يحبونه.
5- لا يجب ترك الهواتف المحمولة مع الأطفال أقل من سنتين إلى 3 سنوات من أجل اللعب عليها، يمكن استبدالها بالأنشطة المفيدة مثل التلوين والقصص والألعاب الحركية والمكعبات والكرة.
6- راقب جيداً الألعاب التي يستخدمها طفلك في جميع الأعمار، واحرص على خلوّها من أي مشاهد أو ألفاظ أو توجهات غير أخلاقية ومتابعة أو مراقبة الأطفال أثناء تفاعلهم مع تلك الألعاب.
7- التقرب إلى المراهقين ومناقشة مشاكلهم والعمل على حلها.
8- لا تعنف طفلك دائماً.. حاول أن تغير من سلوكياته حتى لا تتحول إلى إدمان.
9- شارك أطفالك بعض الألعاب العادية (غير الإلكترونية) للترفيه والتواصل الإيجابي.
10- اكتشف المواهب في أطفالك واعمل على دعمهم وتطوير مهارتهم.
المصادر:
موقع موضوع
موقع البيان
موقع اليوم السابع
موقع الرؤية
موقع ماي بيوت
اضافةتعليق
التعليقات