من القواعد الأساسية في التعامل مع الناس والدخول إلى قلوبهم وكسبهم والتأثير فيهم استخدامك الرفق واللين معهم، وذلك لأن الانسان يعيش بكتلة من المشاعر والعواطف وهذا ما يفرقه عن الحيوان، وحتى هذا الأخير لا يفضل أن يتعامل معها الانسان بالعنف والقسوة وأنها تعاني أيضا على سبيل المثال القطط المتشردة فهذه ان عاملتها بالعنف والقسوة فلربما تهاجمك وتكشر عن أنيابها وتخدشك، ولكنك إن قمت بتمرير راحة يدك على شعرها برحمة أو أطعمتها قطعة خبز لاحسست بالأمن والأمان منك وقد تتبع طريقك.
وحتى الحيوانات المفترسة تجدها في مواطن أليفة مثل السيرك وتراها كيف تلعب وتقفز مع المدرب بكل أمان فكيف بالإنسان الذي كرمه الله على الخلائق لماذا لا يتعامل معه بالرفق والاحسان؟.
وهناك قصة يقال أن رجلاً كان يستأجر شقة في بناية وكان جيرانه يسعون لتخفيض الايجار ولكنهم جميعا أخفقوا في ذلك نظراً إلى أن صاحب البناية كان شديد البخل، يقول الرجل: في البداية كتبت له رسالة وأخبرته بأنني سأخلي المسكن بمجرد أن ينتهي عقد الايجار إذا لم يخفض سعره، ولكن هذه المحاولة بدت ميؤوساً منها، لأن سكاناً آخرون جربوا مثل هذا التهديد من دون أن ينفع، فقلت في نفسي، لم لا أستعمل طريقة أخرى؟ فقررت أن أستخدم اللين بدل العنف والمديح بدل الشتائم.
بينما كنت أفكر في الأمر دخل عليً صاحب الشقة ومعه سكرتيره والرسالة التي فيها التهديد، فرحبت به باحترام بدل أن أكيل له كلمات التجريح ولم أتحدث عن إيجار السكن بل بدأت أتحدث عن جمال شقته، وامتيازاتها ونقاط الجودة فيها وأبديت له التقدير المخلص ثم أردفت قائلاً: إن ما أحصل عليه من الراتب لا يكفيني لكي أستمر في استئجار هذه الشقة وفوجئ المالك بهذا الموقف الرقيق لأنه كما يبدو كان يتوقع التجريح والاهانة وقد هيأ رداً على ذلك بقدوم المحامي معه.
ولكنه ماذا يفعل وقد واجهته برفق ولين؟
فماذا كانت النتيجة؟ أنه ومن دون أي طلب منه خفض قيمة الإيجار وبدأ يتحدث لي عن الأخلاق غير الحسنة لبقية المستأجرين، وقال أنني تلقيت أربعة عشر خطابا في شهر واحد بعضها جارحة ومهينة، ثم أردف قائلاً: فيا لها من سعادة أن أجد مستأجراً مثاليا ً مثلك.
وأمر الحارس عندما أراد الخروج من باب الشقة أن يزخرف الشقة وعلى حسابه.
في داخل كل انسان نفحة من الروح وطينة من الحمأ المسنون مهما كان حال الانسان بلا ترديد تجد الدوافع النبيلة أكثر استيقاظا في الانسان، من الأمور التي يلزم بها للإنسان أن يدركها في معاملته مع الاخرين هي المعاملة الحسنة وترك العنف وخير ما أشار إلى الرفق واللين مع الناس هو ديننا الاسلامي الذي نهى عن العنف والفظ في الكلام وتمثل الخلق الحسن في رسول الله وعترته حيث كانوا مصاديق الأخلاق الحسنة ونموذجا يقتدى به للعالمين.
ومن جملة المعروفين من عترة الرسول هو الحسين ابن علي عليه السلام الذي اعطى درسا في التعامل مع الاخر وإن كان عدوك من ساحة المعركة وكيف يكون الرفق والمعاملة الحسنة فيذكر التاريخ أن سيرة حياته ملئت بالرفق والبين حتى مع الجواري والعبيد كما قال أنس: كنت عند الحسين (عليه السلام) فدخلتْ عليه جارية فحيته بطاقة ريحان، فقال لها: (عليه السلام)أنت حرة لوجه الله (عليه السلام) فقلت له: تجيئك جارية تحييك بطاقة ريحان لا خطر لها فتعتقها؟ قال: (عليه السلام)كذا أدّبنا الله، قال الله: "وإذا حييتم بتحية فحيّوا بأحسن منها أو ردُّوها". وكان أحسن منها عتقها(عليه السلام).
وموضع آخر سُئل عن معنى الأدب، فقال: "هو أن تخرج من بيتك، فلا تَلقى أحداً إلّا رأيت له الفضلَ عــــليك".
وعندما نبحث عن أقواله نجد هناك توصيات الامام الحسين عليه السلام في فن التعامل مع الناس.
(إياك وما تعتذر منه، فإن المؤمن لا يسيئ ولا يعتذر والمنافق كل يوم يسيئ ويعتذر) .
بالرفق واللين والسماحة تُفتَح مغاليق القلوب، لا بالعنف والتعسير والشدة والمؤاخذة، وهذه رسالة الحسين عليه السلام من يوم ميلاده إلى يوم شهادته.
اضافةتعليق
التعليقات