تسود في أغلب مجتمعاتنا العربية ظاهرة البطر وهي صفة أكثر من سيئة، فعدم احترام النعمة أو تقديرها أو التعود عليها يودي بصاحبه إلى المهالك لأنه من أهم ما يوصي ويؤكد عليه الله ورسوله عليه أفضل الصلاة وعلى آله وهي القناعة بما أتاه الله.
فالذي يمتلك بيتاً يريد الثاني والثالث والذي يمتلك البنات يريد أن يرزقه الله البنون وبالعكس والذي يمتلك كل شيء يريد المزيد لأنه نسي أن النعم ثلاث: نعمة حاصلة يعلم بها العبد، ونعمة منتظرة يرجوها العبد، ونعمة هو فيها لا يشعر بها.
فاليوم قد لمسنا البطر في كثير من تفاصيل حياتنا؛ في طعامنا وشرابنا في اقتناءنا للملابس والهواتف وفي تسارع الأهل في شراء أحدث السيارات لأبناءهم، لغرض التباهي وإظهار الترف المبالغ فيه واستعراض إمكانياتهم المادية دون مراعاة لظروف المعدمين أو حتى الشعور بمعاناتهم، وكأنهم نسوا أن حلالها حساب وحرامها عقاب.
وإن الانسان يحاسب على ماله الذي لا إشكال في حرمته، ومن هذا نستذكر ما قاله الامام علي عليه السلام عندما احضرت له الزهراء عليها السلام في وجبته التمر والزيت والملح، فقال لها: أتريدين أن يطول وقوفي أمام ربي.
لأنه كان جلّ ادمه اللبن حتى كان عليه السلام يشكو من ألم معدته التي اَذتها حموضة اللبن، أين نحن من هذا الزهد الذي جسّده بكل معانيه، في الحقيقة وصلنا إلى حال مؤلم ومحزن ونحن نرى الكثير يدللون أنفسهم بطرق مبالغ فيها ولا ينظرون أو يدركون لمن ملك الدنيا بأجمعها راح منها بالقطن والكفن، حقيقة مرة ولكن هي الحقيقة الوحيدة في حياتنا.
فاليوم أصبحنا لا نعد نعم الله ولا نحصيها لأن البعض قد تعود على توالي النعم عليه وبدأ بالتعود عليها ونسي الشكر والحمد وأنه بالشكر تدوم النعم، ولايريد أن تطأ له الدنيا على طرف وأن يكون بأحسن حال دوماً، وتجده كثير الشكوى لأنه لا يحمد الله في السرّاء فما بالك بالضرّاء، وتهمه نفسه كثيرا لأنها اعتادت على النعيم والترف اللذان لم يكونا ذنباً بحد ذاتهما ولكن الذنب في التبطر على النعمة غير مستدلين بقوله تعالى: (ثم لتسئلن يومئذٍ عن النعيم) التكاثر /٨ .
للبطر معاني متعددة لكن بما نحن بصدده إن البطر هو الطغيان بالنعمة، وتجاوز الحد بحيث لايؤدي حق النعمة ويصرفها إلى غير وجهها. وللبطر أيضا أنواع عديدة أهمها: بطر الغنى، بطر الوظيفة أو المنصب، بطر الجاه والمكانة الاجتماعية..
هذه أكثر الأنواع شيوعا في مجتمعنا، فبطر الغنى قد سبق توضيحه أعلاه أما الثاني غالبا مانلمسه في عدم احترام ساعات العمل والتقصير في أداء ماعليهم من واجبات في أغلب مؤسسات الدولة إلا ماندر من أصحاب الذمة والضمير، والأخير جل محتواه وملخصه سيطرة القوي على الضعيف.
والأغلب يجهل عاقبة البطر وأنه من أعظم أسباب الهلاك والدمار وتبدل النعم وزوالها، وقد حذر الله تعالى من هذا المصير في الدنيا، أما في الآخرة فيبقى الوزر والسؤال بين يدي الله تعالى، وخير دليل حديث النبي صلى الله عليه وآله: (إن الله لا ينظر إلى من يجر ازاره بطراً).
فليكن العبد أو يحاول أن يكون بعيدا عن البطر لأنه من فخاخ الشيطان التي يوقع بها ابن ادم في الهلاك.
اضافةتعليق
التعليقات