الفضول أول فكرة تتبع الغموض نحونا، تقفز من رأس أحدهم وتدفعه إلينا ولكنه لايلقى سوى الصد والتخاذل، والعجيب أانه لم نكن نحن من يفعل كل ذلك وكأنه هناك شخص كئيب يسكن في الأعماق يطرد كل طارق قلب.
ولنقل اننا فاشلون في الحب والصداقة والعلاقات أو باختصار كل شيء له علاقة ببشري حتى يبدو علينا في النهاية لاشيء جديد سوى اننا نفقد القدرة على التواصل يوما بعد آخر بينما كان من الطبيعي أن نكون نحن الحل الوسط، ففي كل انسان عالم مليء بالسلبيات والايجابيات، صراع بين الخير والشر وأحيانا يفوز الخير وفي وقت آخر يتغلب الشر القابع في نقطة مظلمة داخلنا.
لكن تلك النفخة التي وضعها الله فينا هي من تصدر نور الخير لتجعل من الشر يد قصيرة وجذور محدودة ولكن في الوقت نفسه يقفز الشيطان ويسير مسرى الدم لو شعر بأرتجاف ذواتنا والأسوء أننا نتقبل هذا بكل بساطة بل ونسايره متقمصين دور المظلومين بينما الحقيقة هي أننا في صراع بين الظلم والظالم ولكن نحن دوما نحب أن نمثل دور الضعيف في رواية الحياة والمشكلة هي اختزال هذه الرواية إلى كلمة واحدة أو صفة سلبية يجعل منا أموات على قيد الحياة.
من المستحيل فهم العالم من حولنا بشكل كامل ومهما ظننا أننا أدركنا هذا العالم وجدنا أنفسنا ننظر له من ثقب الباب، كذلك هم الأشخاص لا يمكن أن ننظر لهم من ثقب الباب أو من موقف أو معصية فنختصره إلى معصيته كما لو أن حياته قبلها وبعدها وأثناءها عدم لا وجود لها سوى هذه المعصية فنرمي عليه أحكامنا وكأننا الإله بلا أخطاء أو اننا منزهون ومكلفون من الباري فنقف وقفة السجان وفي أيدينا سياط اللسان ونضرب بكل قوتنا حتى يموت فنقول فليرحمه الله ماذا فعل (لو لا انه)، لكن رغم بساطة هذه الكلمة فقد قتلت أرواح كثيرة نحن شاركنا بقتلها بكل بساطة ونحن الملائكة التي لا تخطئ وأجنحتنا تعدت السماء وان الامر ليس كذلك حتما. بالمناسبة هذا لن يجعلنا نصلحه لو كان هدفنا الاصلاح أصلا بل كان من الأجدر بنا أن نلتفت لأخطائنا التي ربما أصبحت تتخللها الكبائر دون ادراك منا كما ذكر ان الدين هو أن تسيطر على نفسك لا على الآخرين.
والحكم على الآخرين أمر قد نستسهله، فكلنا ندعي الفهم والعلم ببواطن الأمور وهذه الأحكام لاتحتاج الكثير من وقتنا يكفي نظرة وموقف لنسلط الضوء على هذا المجرم دون أن نتعامل مع أحكامنا باحتراس شديد ولكن الخطر الأكبر هو الوقوع في شرك ما يسمى في علم النفس (الإسقاط) وهذا يحدث عندما تضغط علينا أخطائنا فنحاول الهروب من هذا الضغط النفسي بأن ننسب الاخطاء للاخرين فأشعر بأن ذنبي أقل.
إن آلية الإسقاط هي آلية نفسية لا شعورية بحتة وهي عملية هجوم لاشعوري يحمي الفرد بها نفسه بإلصاق عيوبه ونقائصه ورغباته المحرمة أو المستهجنة بالآخرين، كما أنها عملية لوم الآخرين على ما فشل هو فيه بسبب ما يضعونه أمامه من عقبات وما يوقعونه فيه من زلات أو أخطاء، فيقول الشخص في لاشعوره: أنا أكره شخص ما ولكني أقول هو يكرهني، هنا أريد أن أُخفف من إثمي ومشاعري الدفينة تجاه ذلك الشخص، والأصح انني لو لم أكن سيء لما رأيت هذا السوء في شخص لا أعرفه فقط حللت من نظرة أو كلمة ربما تكون عفوية غير مقصودة أو موقف عابر بلحظة شرود أو عصبية بينما نحن في هكذا مواقف نعطي الحق لأنفسنا بأننا غير قاصدين.
لذا فلنتحذر من أن نحكم على نوايا الناس فليس هذا من حقنا ونحن غير مؤهلين لذلك ونحن أولئك الأكثرية الذين نظن اننا على حق بينما الباطل يسير على هيئتنا ونظن أن كل شيء يفعله الأكثرية هو الحقيقة والصواب في نظرنا ولكن الحقيقة لو بحثنا عن كلمة أكثر الناس في القرآن لوجدنا بعدها (أكثر الناس لايعلمون، لايشكرون، لايؤمنون، فاسقون، يجهلون، معرضين، لايعقلون وأكثرهم لايسمعون).
ربما يجب علينا أن نكون من القليل الذين قال الله تعالى فيهم في سورة سبأ: (وقليل من عبادي الشكور)، وفي سورة هود: (وما آمن معه إلا قليل)، وفي سورة الواقعة: (ثلة من الأولين وقليل من الآخرين).
اضافةتعليق
التعليقات