من الأفكار الخاطئة ما يقتصر أثرها عند حدود خطأ الفكرة، من دون أن يؤثر ذلك على حياة صاحبها او مسيرته. ومنها ما يولد آثارا خطيرة على سلوك الإنسان وحياته الاجتماعية بل على المجتمع ككل. وتضخم الشعور بالمظلومية القهرية وانه لا يمكن النجاح هو من تلك الحالات التي تنتج ثقافة خاطئة وتستتبع آثارا سلبية.
فما هي تلك الآثار؟
أولا: اليأس
فإذا ترسخت هذه الفكرة في شخص فإنه سيبقى يراوح مكانه ولا يتقدم بعد ان تملكه الشعور بالمظلومية فيصبح اليأس هو الذي يسيطر عليه ويرى أن هذه الأوضاع كتبته الأقدار على جبينه لانه موال لأهل البيت عليهم السلام مثل ما قدر الله على الائمة المعصومين ذاك الحيف والظلم فإنه مقدر على شيعتهم أيضا فهل يستطيع أن يغير القدر!.
هذا هو اليأس واذا دب في مجتمع إقرأ عليه الفاتحة.
ثانيا: الإحساس بالعجز
من آثار هذه المشكلة اي الشعور المتعاظم بالمظلومية: العجز والنقص والضعف فالمرء الذي يعيش تلك الحالة يعيش عادة الضعف في داخله والعجز في نفسه ويقابل الحياة والأمور بنفسية العاجز الضعيف أمامها.
اذا اراد ان يطالب بحقه الطبيعي فإنه يذهب وفي نفسه أنه لم يحصل عليه، فيضعف موقفه، ويقضي على عوامل التأثير عنده، ويستسلم مع اول رفض يواجه به لأنه يرى نفسه حلقة من حلقات المظلومية التي بدأت مع تاريخه!.
بل إنه بهذا الشعور المسيطر عليه يعين على نفسه فينهزم امام خصمه نفسيا.
ثالثا: تبرير الفشل
مع تضخم الشعور بالمظلومية تتمهد حالة تبرر التقاعس والكسل ويصبح ذلك بمثابة الشماعة التي يعلق عليها الكثيرون فشلهم ويرجعون إليها تراجعهم فهم بدلا من أن يتوجهوا إلى نقاط الضعف عندهم كما يذكرنا القرآن الكريم حين يقوم بتوجيه اللوم الى ذات الإنسان قائلا
"بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره".
فإن هؤلاء بدلا من ذلك يقومون بلوم الآخرين ويزعمون أنهم السبب في فشلهم وتراجعهم!.
ففي المدرسة بعض الطلاب يقصرون في مذاكرتهم ويغيبون عن دروسهم حتى إذا جاء الامتحان وفشلوا فيه رموا القضية على المدرس أو المدير أو غير ذلك من التبريرات التي يعلمون هم قبل غيرهم أنها غير صحيحة!.
ان الظلم الذي وقع على أهل البيت عليهم السلام والشيعة السابقين لم يكن له مثيل في التاريخ وهو اكثر بكثير من الظلم الذي يقع على الشيعة في العالم اليوم ومع ذلك نرى نجاح المعصومين واصحابهم وشيعتهم الأبرار في كافة المجالات.
اما نحن فتضخم الشعور بالمظلومية عندنا أصبح اكثر منهم بكثير فهم حولوا ذلك الشعور بالمظالم الى انجازات بينما نحن اصبحنا نكرس هذا الشعور لكي نجعله تبريرا.
ينبغي على الإنسان أن يضع هذه المشكلة في حدودها فتعرض الشيعة للظلم طوال تاريخهم صحيح ولكن هل يكون ذلك تبريرا لعدم العمل والسعي في خلاص الأمة من الظلم.
فكم من الناس تعرضوا للظلم ثم أخذوا يسعون نيل نهار حتى استوفوا حقوقهم.
الم يتعرض الأكراد الى الظلم؟
الم يتعرض السود في امريكا الى الظلم؟
فإذا تعرض الإنسان الى مجموعة من المضايقات أو الظلم فلا ينبغي أن يجعلها حالة تبريرية للوضع السيء الذي هو فيه، فيؤثر ذلك سلبا في ثقافته، وفي سلوكه، وفي عمله، وسائر نشاطاته في المجتمع.
اضافةتعليق
التعليقات