يحدث أن تفكر بأحدهم واذا بجهازك المحمول يرن مقاطعا سلسة افكارك وعلى شاشته اسم ذاك الشخص، وقبل ان يخبرك انك خطرت على باله تبادره قائلا كأنك في قلبي، إنها الطاقة المشاعرية!! اعني الارتباط الروحي الذي عرفه علماء اللغة؛ بالتواصل والتلازم والاتصال.. ونتيجة لذلك الإرتباط تحدث علاقة الحب فيما بيننا، والتي لاتحكمها بعد المسافات فقد تشعر الأخت بضيق في صدرها فتتسارع دقات قلبها إحساسا بخطر أو مكروه يحصل لأخيها البعيد ببعد المسافات..
إن مااسلفناه في المقدمة مثالا عن الارتباط الروحي، فهل سألنا انفسنا في يوم ما عن مدى قربنا من الإمام الحي المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف وهل في مابيننا ما يسمى بالأرتباط الروحي؟
حري بالمؤمنين أن يستحضروا هذا السؤال في قلوبهم على الدوام كما هي نيتهم في الأعمال الواجبة.
مما لا شك فيه ان الإمام المهدي عليه السلام قريب منا لدرجة انه مطلع على أعمالنا وهو يرانا من حيث لانراه كما تقول الآية الكريمة؛ (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) وهناك العديد من الروايات التي تؤكد على عرض صحائف أعمالنا على امام الزمان فيحزن لسيئها ويفرح لما حسن منها، اذن فهو على علاقة بنا وارتباط مع الله باطلاعه على اعمالنا من جانبه (ع) ولكن هل نحن على نفس المسافة من الإمام وهل نحن على علاقة بأمامنا الغائب الحاضر؟
وهل يمكن أن نبني علاقة الشغف والحب والاشتياق وعلاقة المحتاج إلى من يحل مشاكله ويدفع عنه البلاء ويقيه من الفتن؟
لابد لنا أن نجعل في ما بيننا وبينه (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ارتباط وثيق نستشعر وجوده في ما بيننا على الدوام ولا يكون ذلك إلا بأمور؛
اولها؛ معرفة الإمام حق المعرفة فكما يستفاد من الروايات أن لمعرفة الإمام المعصوم أهمية عظيمة وأنها أساس لمعرفة الله، وأن طريق الهداية للحق والثبات على الصراط المستقيم لا يتم إلا بمعرفة الإمام المعصوم واقتفاء أثره والسير على خطاه والاستضاءة بنوره والثبات على ولايته،
فعن الإمام الباقر عليه السلام قال: (إنما يعرف الله عز وجل ويعبده من عرف الله وعرف إمامه منا أهل البيت، ومن لا يعرف الله عز وجل ولا يعرف الإمام منا أهل البيت فإنما يعرف ويعبد غير الله هكذا والله ضلالاً!).
ولكن ماذا تعني معرفة الإمام المعصوم حق معرفته؟
بالطبع ما دام لمعرفة الإمام هذه الأهمية الكبرى فليس المراد منها هو معرفة اسمه ونسبه فقط! بل يتحتم أن يكون المقصود بالمعرفة شيء آخر أكبر من ذلك بكثير، وأكثر أهمية وأعظم خطرا فعن النبي محمد (ص) (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية). ويفسر مكانة الإمام المهدي (ع) وما يجب ان يعرف عن الإمام حديث الصادق عليه السلام حيث يقول: (.. وأدنى معرفة الإمام أنه عدل النبي إلا درجة النبوة ووارثه، وأن طاعته طاعة الله وطاعة رسول الله والتسليم له في كل أمر والرد إليه والأخذ بقوله..).
ثانيا ذكر الإمام وتذكره، لابد من أن نعود انفسنا ومن حولنا على ذكره كثيرا فكما تقول الآية الكريمة (اذكروني أذكركم) ومن جملة مانذكره به عليه السلام أن نفتتح يومنا بالسلام عليه كما لو كان جالس أمامنا فأنه سيرد السلام وما أجمل أن نبتدأ يومنا بتحية لمحبوب أحيا القلوب،
ثم أن ندعوا له في قنوت صلواتنا بدعاء الفرج (الهم كن لوليك...)، ونكثر من قول اللهم عجل لوليك الفرج فعنه عليه السلام (أكثروا من الدعاء بالفرج فأنه فرجكم)، ولا ننسى أن نشركه بأعمالنا الصالحة وفي زياراتنا لقبور الأئمة عليهم السلام وان نتصدق عنه (ع).
وتخصيص أكثر وقت ممكن من يوم الجمعة الذي هو يومه وبأسمه لمعرفته وللدعاء اليه ولذكره،
ثم قبل أن نغمض اعيننا ليلا نستودعه الله الذي لا تضيع عنده الودائع وهناك الكثير من الأعمال التي ينبغي أن نذكر الإمام عندها لنيل بركاته.
ثالثا؛ إحياء أمره في المجتمع وكلا بحسب استطاعته، فأن الإمام ليس مجرد فكرة عقيدية غيبية بل إنسان كامل جسدا وروحا يعيش بيننا يرانا ونراه يعرفنا ولا نعرفه يسددنا ويوجهنا إلى حيث مصلحتنا.
فهو إمام الانس والجن بل إمام الكون وقوامه، فلولا وجود الإمام لساخت الأرض بأهلها، فهو أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء كما ورد في الأحاديث المأثورة عنهم (ع) وهذا يعني أن الإمام لو حجبت ألطافه, ولم يتدخل في بعض الشؤون، ولم يعمل على رعاية الأُمة وتسديدها في حركتها ومواقفها فالله وحده يعلم كيف سيصبح حال المجتمع الإسلامي وإلى أي درجة من الانحطاط والضياع يمكن أن يصل فمن واجبنا أن نعرف العالم به ان ننقل فكره, واقل ما يمكن في أيام العشرة المهدوية ويوم التتويج (فرحة الزهراء) ومن جملة ما نحيي به أمره أن نحيي اسمه ان نسمي أولادنا بأسم الامام وصفاته وبناتنا بأسماء والدة الإمام (عليهما السلام).
ثمرة الارتباط بالإمام
إن المؤمن لو دعا لأخيه المؤمن وعلم بأنه يدعو له ويشركه في أعماله الصالحة ويذكره فأنه سيحاول أن يبادله الخير فما بال الإمام الكريم كيف سيكون أثر دعائه واشراكنا في أعماله في الدنيا والآخرة لو علم أننا نذكره وندعوا له.
ان غاية العلاقة وثمرة الارتباط مع الامام ان العبد الذي يستشعر رقابة مولاه ويعلم انه مطلع على أعماله وجميع تصرفاته فأنه سيعمل على تجنب عصيانه ومخالفته ويتحرى ما يرضيه في جميع سلوكياته من أجل أن يكون المؤمن بالمستوى اللائق في محضر الإمام الحي فهو عصمة لنا من الذنوب مادمنا نستشعر وجوده المبارك ورقابته.
اضافةتعليق
التعليقات