أبارك لك أيتها الأم..
أبارك لك أيها الأب..
لقد قمتما بإنجاز رائع وعطاء متدفق حيث تقبلتما برحابة صدر مقام الأبوّة ومكانتها المقدسة، حتى وصلتما إلى بوّابة التزويج. هذه الباب العملاقة المؤدية لقصر الحياة الزوجية، تلك المحطة المكتظة بصنوف المواقف وألوان الحياة المتقلبة.
القيام بهذه الخطوة يحتاج مزيجا من القابليات وحقائب مثقلة بالتجارب وعقل واع يميز الخطأ من الصحيح بتحليلات منطقية يتفق على صحتها في الغالب أكثر العقلاء، وإلا وقع المحذور حيث نتحول إلى أمّة تغوص في بحر من أبغض الحلال عند الله، ألا وهو الطلاق.
فالإحصائيات في هذا المجال مقلقة.
أشارت أرقام قارنت بين الزواج والطلاق في دول عربية خلال سنوات سابقة، خرجت بنتائج تشير لنسبة الطلاق في السعودية حيث وصلت إلى %21 وفي الأمارات العربية %44 وقطر %30 والكويت %32 والرباط %46 وفي مصر تسجل 240 حالة طلاق يوميا أي بمعدل مطلقة كل 6 دقائق!
أما في العراق فقد أكد المتحدث الرسمي باسم السلطة القضائية الإتحادية القاضي (عبد الستار بيرقدار) أن محاكم البلاد ضمن رئاسات الإستئناف سجلت في يناير كانون الأول الماضي بصورة عامة 8600 زواجا و2277 طلاقا.
أيها الأب أيتها الأم..
لنتوقف هنيهة ونتمهل قبل تشجيع الشاب أو الشابة على الزواج، ما الصور الحياتية التي قمنا بتلقينها له خلال هذه الأعوام المديدة؟ هل هي حقا كفيلة بإنجاح تجربة حساسة بإيقاعات وألحان يجب أن تعزف برهافة ودقة وإيجابية؟
إلى أي حد لدينا قابلية استقبال عضو جديد في العائلة دون قيد وشرط؟
إذا نشب خلاف، هل نمتلك المؤهلات والقدرات التي تقودنا للتدخل بإيجابية لحل الخلاف ودحرجة الزوجين مرة أخري على المسالك المعبدة بفيض من مشاعر الأبوة؟
ترى كوننا بشر أفاض علينا الإله من روحه هل حقا نمتاز بنسبة من صفات العدالة والقضاء الحيادي والمتوازن؟
هل نستطيع أن نكون الملاذ الآمن والملجأ الراعي والدرع المحامي لأبنائنا وأزواجهم أم نتحول إلى ألغام متفجرة في هذا الميدان؟
هل نمتلك الخيوط الإدارية والسلطوية علي الأفكار المتكدّسة في أدمغتنا؟!
أنمتلك الوسع لتقبل حالة الإستقرار والإستقلال الزوجي؟!
هل نستطيع حلحلة الروابط الحميمة والتعلقات الأسرية مع أبنائنا وتركهم ليخوضوا هذا المجال الجديد؟ أم أن هواجس الخوف من البعد والفراق ستفتك بأجسادنا و تفكراتنا؟
أوضح المحامي رؤوف نوري لـ(العربي الجديد) أن حالات الطلاق كثرت في الآونة الأخيرة وأغلبها بين فئة المتزوجين من الشباب موعزا الأسباب إلى تدخل الأهل إضافة لأمور أخري.
من أجل اكتساح مساحات ودية شاسعة وتسجيل الأهداف الناجحة، ليس الشاب والشابة فقط بل كل الأسرة يجب أن تسعد للتغيير والإستمرار بشروط ومواثيق مستجدّة تتلائم والفرمتة الحديثة للحالة المستحدثة.
أجل إنه نشيد يجب أن يقرأ بتجانس حتي يتمتع بالإستماع إليه الجميع.
الإستلهام من الطرق التربوية الحديثة ومحاولة رفع ثقافة التعايش و الإنخراط في المجتمع و تقبل الرأي و الرأي الآخر، هي الأسس الرامية إلى نجاحات مضمونة.
أضف إلى ذلك استكمال التنظيم الداخلي لإدارة الآراء والقدرة علي خلق روابط رمزية لإرساء ركائز التواصل الجيد.
ليس من الضرورة الجلوس والإنتظار حتى يبلغ الأولاد سن الزواج، يجب تهيأتهم منذ الصغر وفي أي عمر كانوا علي حسن الإدارة ومهارة حل المعضلات.
فكروا ما هي الطرق والسبل المؤدية إلى تربية آباء وأمهات جدد يسجلون الفتوحات الضخمة في معارك الحياة؟ وما الذي نستطيع تقديمه لهم ليخرجوا بتصورات إيجابية عن هذه التجربة الحيوية؟
أيها الأحبة لنتهيأ حتى نمسك بكل دفء وحنان أيدي أبنائنا الأعزاء، ونضعها في أيدي أزواجهم لنشارك في تجسيد مجتمع سام يعلو فوق كل زلازل الخلافات والحبكات الشيطانية.
اضافةتعليق
التعليقات