لم أعد عمياء فقد اشتريت نظّارة ، وبدأت أنظر حولي أرى الزهور ذات الألوان الجميلة، والبنايات الكبيرة ، وأرى الناس في صورهم المختلفة .
لكني لم أعد أبصر طريقي فأنا الآن مشغولة بصور الناس واختلافهم فكلّما يمرّ إنسانٌ أمامي أنشغل بصورته وأبدأ بتشخيص اختلافه وما يميّزه عن بقية الناس، فهذا طويل وهذه طويلة، وهذا حنطيّ وهذا أعرج وهذا أسود وهكذا كل من يمر أمامي فأصبحت أتعثّر كثيرًا، فمرّة كنت ذاهبة إلى السوق وإذا بي أقع في حفرة بدت لي صغيرة وحين وقعت بها تبيّن أنها عميقة حيث الحشرات والمياه الجوفية والحيّات والانزلاقات.
ما هذا المكان؟ كل ما أضع قدمي على مكان تنزلق وعندما ألتفت أو أتحرّك تتطاير الحشرات من حولي، هل أترك الحركة ؟! نعم أتركها فأنا عندي فوبيا من الحشرات.
فكّرتُ أن أتوكّأ على جدار الحفرة فرفعتُ يدي اليمنى لأعالج بها سقوطي وتزحلقي، ولكن ما إن وضعتها حتى تزحلقتُ وشعرتُ بشيء أملس تحت يدي، أمعنت النظر جيّدًا، هذه حيّة فأوسعت نظري، يا للهول! الجدار تملؤه الحيّات ، سوف أموت في هذا المكان إنها النظّارة، ليتني لم أشترها كنت بدونها بصيرة واليوم أنا ضريرة فهي التي ساقتني لهذا المكان فقد كنت منشغلة في طريقي وما إن اشتريتُها حتى انشغلتُ في صور الناس.
لم أعد أريد تلك النظّارات، أريد أن ترجع بصيرتي.
خطرت لي فكرة، هل كل الناس الذين ينظرون يسقطون مثلي ؟ إذن لأنتظر من يوشك على السقوط وأحذّره ومن ثم أطلب منه أن يُخرجني من هذه الحفرة المظلمة وأنا أفكّر تذكّرتُ كلام أمي، كانت تقول: من راقب عيوب الناس نسى عيوبه.
لم أفهم معنى كلماتها لأنني كنت عمياء ومنشغلة في تحسّس طريقي بعصاي،
والآن أدركت أن الأعمى ليس من كان بصيرًا فهو يراقب عيوبه ويحاول إصلاحها بل الأعمى من لديه نظّارة مثل نظّارتي العمياء.
اضافةتعليق
التعليقات