كثيراً ما نركز في ختام عامنا الميلادي لكتابة إنجازاتنا ومن ثم التخطيط لبدء عامنا الجديد وهذا جيد، ولكن من المهم أيضاً استذكار أهم الدروس التي حصلنا عليها فيها، لنأخذها معنا لعامنا القادم -إن أبقانا الله تعالى وأمد لنا بالأعمار- وهذه ستة دروس على سبيل المثال كانت حصيلة هذه السنة:
الدرس الأول :
أحياناً تكون صاحب حق وكلمتك في مكانها، وإن قلتها ستكون رافضًا للخطأ الذي يحصل أمامك، ولكن العاقل من لا يفكر بأن يثبت الحق للمقابل بل يفكر بما هو أثر هذا الإثبات؟ هل ستثمر تغيير وتصحيح أم تزيد الجو توتراً وتزرع في قلوب الغير غيضًا وكراهية، لذا الإنسان عليه أن يتأنى ويفكر في نتيجة ما ينطق به لسانه لا فقط بما ينطقه، فهذا أمير الكلام (عليه السلام) ينبهنا في حكمة له، قائلاً فيها: "لسان العاقل وراء قلبه، لسان الجاهل مفتاح حتفه"(١).
الدرس الثاني:
القلب لا يخطئ لأنه حرم الله تعالى، فبمقدار ما تخليه من حب أو التعلق بما سواه، هو سيكون لك خير مرشد، فلو اطمئن لشيء فهو خير، ولو انقبض عن شيء فهو شر، لذا توجيه القلب نحو الله تعالى دائما سينجيك من السير خلف ما لا يحمد عقباه، وهذا المعنى يؤكده قول الأمير (عليه السلام): "لا يصدر عن القلب السليم إلا المعنى المستقيم"، وعن الإمام الصادق (عليه السلام) إنه قال: "إن القلب يتلجلج في الجوف يطلب الحق، فإذا أصابه اطمأن وقر، ثم تلا... (فمن يرد الله أن يهديه - إلى قوله - كأنما يصعد في السماء) "(٢).
الدرس الثالث:
التأثير وبث النور في المجتمع لا يحدده شهرة المؤثر ولا كثرة التفاعل مع ما يطرح ولا كمية المشاركات لمحتواه بل بمقدار التغيير الذي يحدث في نفوس هؤلاء المتلقين، فلو كان هناك شخص واحد ترى أنه كان يفعل شيء ليس سليماً ولا لائقاً به سمع مقالتك وتغيرّ وصحح أنت هنا رابح ومؤثر ولك نصيب من نور الهداية الإلهية، فهذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) - يقول لمعاذ -: " يا معاذ! لأن يهدي الله على يدك رجلا من أهل الشرك خير لك من أن تكون لك حمر النعم"(٣).
الدرس الرابع:
قدرات الانسان هو من يحددها ويحجبها عن بلوغ ذروتها، فكما يقال"أمانيك هي إمكانياتك"، ولكننا نعاني من إبقاء الأماني في عقولنا ومخيلاتنا، أو نكتفي بتحقيق وانجاز القليل، فعلى الإنسان أن لا يستهين فيما يطمح ويبذل وسعه وجهده، فالمحاولة تنجي من بؤس الندم ووجع الفراغ بلا عمل، أوليس تعالى قال: {وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى}(٤).
الدرس الخامس:
الإنسان الذي يتزود لآخرته هو لا يكتفي بالعمل أن يكون الصالح للإستخدام بل يكون من أهل الإخلاص في العمل والإتقان، فالله تعالى ينظر إلى حرص الإنسان في كيف يؤدي العمل وكيف يخرجه بأفضل ما مكنه وأعطاه من قدرات ومواهب، بلى! قد لا يرى الآخرون مقدار الجهد الذي تبذله، أو يعتقدون أنك بارع وقد كان سهل عليك فعله، ولا يعلمون بعدد المحاولات الفاشلة التي قمت بها والتعديلات الكثيرة التي أجريتها وعدد الساعات التي قضيتها في انجازه، لكن لأن الله تعالى يعلم فهذا يكفي لترى أن الله تعالى سيعلمك ويطورك ويوفقك، لأنك عملت لعلام الغيوب، وكنت من الموقنين بقوله: {وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّـهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ}(٥).
الدرس السادس :
ليس ضعفاً أن تكون جزءاً من خطط الآخرين ولا خطأ إن قمت بمساعدتهم في تنفيذها، فهذا لا يعني أنك ليس بصاحب خطط أو انجاز، ففي أحيان كثيرة هذه المشاركات لانجاح خطط الآخرين وتحقيق أهدافهم تكون حافزاً لمن يفعل ذلك، فقد يكون متكاسلاً أو متعباً أو يعاني من ضعف الحافز ولا يقوم بعمل شيء في تحقيق أهدافه، فيأتيه طلب فيجيب ويعين، فتأتيه المعونة الإلهية في المقابل ليزول تعبه ويتبدد كسله فينجح ويثمر، فقد جاء في حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال:"والله في عون المؤمن ما كان المؤمن في عون أخيه، فانتفعوا بالعظة، وارغبوا في الخير.."(٦).
اضافةتعليق
التعليقات