إن الشيعة يقولون إن الله سبحانه لا يُكلفُ أحدًا فوق طاقتهِ فلا يُكلف من لا يقدر على القيام {مثلا} بالصلاة قائما، ومن لا يقدر على المشي أن يطوف البيت ويسعى بين الصفا والمروة ماشيا وأمثال ذلك، وقال تعالى: (لا يُكلف الله نفسًا إلا وسعها )، والأشاعرة يقولون لا مانع أن يكلف الله عباده بما لا يطيقونه لأنهُ لا يجب عليه شيء، ولا يقبح منه فعل، ويفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.
وجوابنا أن انكار أن يجب على الله شيء فإنه وارد إذا قيل بالوجوب عليه من طرف غيره، وهذا لا يقوله ذو شعور، وإنما الوجوب عليه تكون منه عز وجل وهو جل وعلا بمقتضى حكمته ولطفه أوجب على نفسه أشياء كبعث الأنبياء وإرسال الرسل وانزال الكتب كما يدل على ذلك قوله تعالى: {وكتب على نفسه الرحمة} والإيجاب بهذا المعنى مما يجب القول به لقيام الدليل عليه، وأما قولهم يفعل الله ما يشاء فإن أرادوا أنه تعالى يشاء القبيح فيفعله فلا يتفق به مسلم وإن ارادوا غير هذا فلا معنى لاستدلالهم فلا مرية في فساد مقالتهم.
وبكلمة الشيعة، يقولون بالحسن والقبح العقليين وينزهون الله عن كل ما يقبحه العقل كالظلم والجور والعدوان والتكليف بما لا يطاق واللغو والعبث ومثل ذلك. وكذلك ينزهونه عن كل ما نهى عنه عز وجل عباده عنه فعدل الله عندهم من الأصول الدينية الإعتقادية وأما الأشاعرة من أهل السنة فلازم مذهبهم ومقالتهم أن يكون سبحانه وتعالى في عقاب عباده وعذابهم بالنار واخلاد الكفار في النار ظالما عليهم لأنهم يقولون ويعتقدون أن الكفار والمشركين والطغاة والظالمين والعصاة والمذنبين ليسوا في الحقيقة والواقع بكافرين وظالمين ومذنبين إذ أنهم لم يختاروا لأنفسهم شيئا من ذلك ولم يفعلوه وكانوا محلا له وآله كالخشب والمنشار.
وفاعل كل ذلك هو الله وهو الفاعل لجميع أفعال العباد خيرا كانت أم شرا وطاعة كانت أم معصية. فلازم قولهم واعتقادهم هذا هو {والعياذ بالله} ظلمه على الذين يعذبهم بنار جهنم ويخلدهم فيها على ما لم يفعلوه، ولم يكن لهم فيه أقل تأثيرا وإن لم يكن هذا بظن فلا يكون الظن من معنى ومفهوم.
وإعتقاد الشيعة أن الله خالق الموجودات كلها علويها وسفليها ملكوتيها وناسوتيها وماديها، وروحانيها، وجواهرها واعراضها وهو بديع السماوات والأرض وموجد ما فيها وما بينها ما فوقهما وما تحتهما.
ولكن أفعال العباد الإرادية الإختيارية فتصدر عنهم وهم فاعلها ومختارون في الفعل والترك، ولذلك أمرهم الله بالصالحات ووعدهم أن يجزيهم بها خيرا، ونهاهم عن السيئات وأخبرهم أن مرتكبيها يستحقون دخول النار وعذابها والخلود فيها، وإن لم يكونوا فاعلين أفعالهم وموجديها بإرادتهم واختيارهم، وكانوا لها محلا وآله ولم يكن لهم أقل وتاثير في صدورها فبما أمرهم وعما نهاهم؟ّ فثبت بحكم العقل والنقل أن العباد فاعلوا أفعالهم الإرادية والله يجزيهم بالصالحات خيرًا وثوابا كما وعدهم بذلك، وأما السيئات فلهُ عز وجل الحكم، إن عذبهم بها فبعدله وإن عفا عنهم فبِفضله..
اضافةتعليق
التعليقات