تحث وتُصدر أغلب المواقع والأفلام التي أخذت مساحة كبيرة ماتسمى بالأنمي إضافةً إلى بعض المحاضرات الثقافية والمقولات وبعض البرامج في الآونة الأخيرة على أفكار لاتمت للدين بصلة قطعا.
تحاكي الطفل والشباب خصوصا وتغذي عقولهم على الإنعزال عن الناس بإثباتات واهية مخبئين السعادة تحت الانعزال عن الناس بشكل تام ونحن نعلم أن الله تبارك وتعالى خلق الإنسان محبّاً للاختلاط والتآلف مع غيره من بني البشر، فلا يمكن أن يعيش الإنسان السوّي وحده من دون رفقةٍ وأنيس؛ فالحياة الاجتماعيّة هي جانب من جوانِب حياة أي إنسان لا يمكن تجاهلها ولا تجاوزها، فالله تعالى عندما خلَق الناس جعلهم متفاوِتين في قٌدِراتهم العقليّة والبدنيّة ممّا يجعلهم في حاجةِ بعضهم البعض باستمرار؛ فالخبّاز يحتاج إلى الحدّاد، والحداد يحتاج إلى الطبيب والمهندس والمعلِّم وغيرها من الأعمال.
فالإنسان مدني بطبعه كما قال ابن خلدون صاحب علم الاجتماع، وهذا يعني مقدار حاجته المستمرّة للبشر لتلبية أموره الحياتيّة، ابتداءً من حاجاته النفسيّة كحاجته للشعور بالتقدير والاحترام والتواصل وغيرها، وانتهاءً بحاجاته المعيشية التي تتمثل بالمأكل والمشرب والمأوى وغيرها؛ فالإنسان مهما تمايزت قدراته وتعددت مهاراته سيبقى عاجزاً عن توفير أبسط احتياجاته بمفرده، فرغيف الخبز مثلاً يحتاج لقمح يزرعه مزارع ويحصده بآلات أعدّها صُنّاع آخرون، ويحتاج إلى مطاحن لتحويل القمح إلى دقيق وغيرها من الأمور حتى يحصل عليه.
تتميّز العلاقة التي تربط الفرد بمجتمعه بكونها تبادليّة بحتة يؤثر فيها هذان المكونان ببعضهما بشدّة، ففي الوقت الذي يلعب فيه المجتمع والبيئة المحيطة في هذا الفرد دوراً رئيسياً في تكوين المعالم الرئيسية لشخصيته لا سيما في بدايات مراحله العمرية منذ النشأة وحتى إلى آخر عمره فهو يتعلم في كل يوم معلومة ويكسب في كل يوم مهارة جديدة. أن الإنعزال ينُم عن ضعف الفرد نفسه وقد تكون له أسباب أخرى كإنعدام الثقة في الآخرين بسبب موقف حياتي سابق تعرّض له الشخص نفسه. أو مشاكل عقليّة نامة عن قلة الإدراك. أو التعرّض للعنف من قِبل الأهل. وربما يكون بأثر فقدان أحد أفراد الأسرة أو الأصدقاء، أو شخص عزيز. وكيفما كانت الأسباب فهي غير مقبولة وغير صحيحة.
إضافة إلى التركيز وربط القوة في العُزلة والتكتم فيصنعون من البطل الخارق الذي لهُ مالهُ من المكانة العالية والقوة الجسدية والمكانية في الوسط ليوهمون المتلقي الناظر إلى أن الغموض زائد التكتم زائد العزلة يساوي قوة، وشخصية ذات قدرات عالية. لهذا نلاحظ أغلب المراهقون يميلون للعزلة والألوان الغامقة كل ظنهم إن هذهِ الأمور تُحسن من شخصيتهم وترفعهم مكانةً وقوة.
ولكن لابد من الإشارة أخيراً على نقطة مهمة جدا وهي أن يُحسن الإنسان تدبير وقته وأن تكون المخالطة بشكل معقول، وألا يندرج مع الناس بشكل مبالغ فيه ولا يهتم لعظمة الوقت، وأن لا ينعزل بشكل تام فهذا ديدن الجهلاء.
فالأفضل أن يكون مُطبقًا لما قالهُ أمير البُلغاء (كُن معهم ولا تَكُن منهم). فهي تختصر الحديث كاملًا فهم رسموا لنا منهاج حياة متكامل ولكننا بجهلنا هذا نحول دون تطبيقه.
اضافةتعليق
التعليقات