نعم، كلنا هكذا انا وانتم وانت، نقطع مسافات ربما ترهق اجسادنا، ونقوم باختيارها بدقة واهتمام بالغ وندفع مبالغ مالية مقابلها حتى وان كنا بحاجة لهذه الاموال او ربما نستدينها، فيهون كل شيء امام هدية نهديها لمحبوبنا ونحن نرى ابتسامة رضا تعلو محياه، وكلمة شكر بسيطة يرددها، فكيف برب العزة عندما اراد ان يهدي حبيبه هدية وهو الغني الوهاب القادر الكريم.
فكيف كانت ومن هي؟؟
انها زهرة اختارها الله وأحبها من بين خلقه فنزلت كنجمٍ متلئلئ، صافية كماء عذب، غنية بعفتها وصبرها وعزة نفسها، بهية بنسبها الشريف...
فأمطرت كسحابة فرح بقلب والديها يوم العشرين من جمادي الآخرة سنة خمس وأربعين من مولد النبي (ص) لتكون البتول العذراء ودرة البيت الهاشمي، وام ابيها وهذا ما زاد سرور امها خديجة عليها السلام ان وليدتها المباركة هي صورة من ابيها رسول الله وتتجلى بها صفاته الحميدة، انها زهرة من كف الله الى يدي حبيبه المصطفى (صلى الله عليه واله وسلم).
قال رسولُ اللهِ (ص): لَمّا أُسريَ بي إلى السماءِ أدْخِلْتُ الجنّةَ فَوَقَفْتُ على شجَرَةٍ من أشجارِ الجنّةِ لم أرَ في الجنّةِ أحسنَ منها ولا أبيضَ وَرَقا ولا أطيبَ ثمرةً فتناولتُ ثمرةً منثمارها فَأكَلتُها فَصارتْ نطفةً في صُلبي، فلمّا هبطتُ إلى الأرض واقعتُ خديجة فحَمَلتْ بفاطمة، فإذا إشتَقْتُ إلى ريحِ الجنّةِ شَمَمْتُ ريحَ فاطمة.
فكبرت هذه الثمرة وترعرت تحت سقف النبوة ثماني سنوات في مكة وعشر سنوات في المدينة، فجسد بها المصطفى (ص) كل التعاليم الدينية والاخلاقية وأعطى الرسول أفضل الدروس التربوية السليمة، فكانت حياة الزهراء عليها السلام درسا عمليا على ارض الواقع رغم سنوات عمرها القصيرة التي بلغت ثمانية عشر ربيعاً.
وكأن الله اراد ان يقول انظروا الى نبيكم وقدوتكم كيف ينشىء ويربي وهذا الدرس الاول فكانت فاطمة (ع) البنت البارة والفتاة المثالية منبع الكمال والتواضع والعفة والزوجة الصالحة الصابرة بعد ان زوجها الرسول لسيد قريش وضرغامهم الفارس المغوار علي ابن ابي طالب (ع) بعد بلوغها العشر سنوات، وتكلمت قريش وكل مقبل ومدبر هل هذا مهر فاطمة الزهراء(ع) بنت النسب الرفيع والشرف العظيم وسيدة نساء العالمين، 500 درهم فضة ورواية اخرى 480 درهم وجهازها سرير فقد كان مشروط، ووسادة منأدم حشوها ليف، ونورة من أدم، وسقاء، ومنخل، ومنشفة، وقدح، ورحوان وجرتان.
وكان هذا درسا ثانيا في التواضع والتسامح واختيار الزوج على اساس الخلق والدين..
فكانت الزوجة القدوة بطاعتها التامة لزوجها وقناعتها ومساندتها له، فكانت ترضى منه بيسير المال والطعام ولاتتذمر او تثقل عليه بالطلبات فمثلا كانت لها شملة عباءة قد خيطت أثنى عشر مكانا بسعف النخل وكانت تطحن الرحى بيدها حتى مجلت ولذلك قال علي (ع): (ما أغضبتها يوما ولا أغضبتني)K فعاشا الحياة الزوجية المثالية بكل معانيها وهو درس اخر والذي اراد الله ان يبينه لخلقه من خلال الصديقة، اما كأم فكانت خير الامهات فكانت المعلمة الفاضلة في غرس الاخلاق المحمدية في عقول اولادها وعلمتهم الحكمة والاداب واحترام الناس والتعامل بالأيثار، واعتنت اعتناءاً عظيماً بتربية الحسنين.
فكانت امرأة في البيت وامرأة مجاهدة في ميدان الحرب تداوي جراحات ابيها رسول الله وزوجها علي ابن ابي طالب(ع) وهكذا احتلت فاطمة عليها السلام مكان الصدارة في كل شيء.
اضافةتعليق
التعليقات