نظن بأننا في درجة عالية من العقيدة وفي أول منحدر ننحرف عن الطريق ونتذمر بأبشع صورة، قد يصل الإنسان إلى مرحلة يظن بأن كل أسباب الحياة قد انعدمت ولا شيء يمكنه انقاذه من السواد الذي يملأ حياته، قد يتمنى الموت كي ينقذ نفسه من الألم ولكن في كل لحظة ألم هناك أمل على قيد التنفيذ هذا وعد الله (إن مع العسر يسرا فإن مع العسر يسرا)، ولكن كل منا لديه طريقته في مواجهة المشاكل.
هناك من يذهب إلى أقرب صديق كي يبوح له عما يضيق صدره وهناك من يذهب إلى النزهات وجلسات الأحباب حتى ينسى ما يعاني منه وهناك من يلجأ إلى الموسيقى كي يبكي مع ألحانها وهناك من يجود بنفسه ويناجي ربه ويسلك الطريق المُحبب إليه، يسلك سبيل النجاة ويتشبث بأذيال الهدى ويدق باب من بيمنهم رُزق الورى يطرق باب محمد وآل محمد وهنا يصبح هذا الشخص ممن (لاخوف عليهم ولاهم يحزنون) ويتلقى نداء (بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَار).
فقد ورد في كتابنا الكريم: (وابتغوا إليه الوسيلة)، في كل أمورنا الحياتية نبحث عمن يسهل لنا أشغالنا من المعاملات البسيطة إلى تلك التي تحدد مصيرنا فمن أفضل من نبينا الكريم صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام في فك العقد والكشف عن الهموم والأحزان وتحديد مصيرنا في الحياة ورفع درجاتنا عند الله وتعظيم شأننا إلى المراتب العليا؟.
نقرأ في زيارة الجامعة الكبيرة لإمامنا العاشر علي الهادي (عليه السلام): السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا أَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ، وَمَوْضِعَ الرِّسالَةِ، وَمُخْتَلَفِ المَلائِكَةِ، وَمَهْبِطَ الوَحْيِ، وَمَعْدِنَ الرَّحْمَةِ، وَخُزَّانَ العِلْم،
هم الذين يعرفون كل شيء يدور في خاطرنا يعرفون ماضينا ومستقبلنا يعرفون أجدادنا وأسلافنا وأجيالنا القادمة وما نطلب وما نتمنى فهذا امامنا الهادي من نسل خير البشر يُذكر في أحواله (عليه السلام):
"عن أبي هاشم الجعفري، قال: كنت بالمدينة حين مرَّ بنا بَغَا أيام الواثق، في طلب الأعراب، فقال أبو الحسن: أخرجوا بنا حتى ننظر إلى تعبئة هذا التركي، فخرجنا فوقفنا، فمرت بنا تعبئته فمر بنا تركي، فكلمه أبو الحسن (عليه السلام) بالتركي فنزل عن فرسه فقبل حافر فرس الإمام (عليه السلام)! فَحَلَّفْتُ التركي فقلت له: ما قال لك الرجل؟ قال: هذا نبي؟! قلت: ليس هو بنبي. قال: دعاني باسم سميت به في صغري في بلاد الترك ما علمه أحد إلى الساعة" *١ . "عن علي بن مهزيار قال: أرسلت إلى أبي الحسن الثالث (عليه السلام) غلامي وكان صقلابياً فرجع الغلام إلي متعجباً، فقلت له: ما لك يا بني؟ قال: وكيف لا أتعجب! ما زال يكلمني بالصقلابية كأنه واحد منا" *٢.
يعرفون جميع اللغات، لغة الجسد والروح ، لا يغيب عنهم علم شيء تلك اللحظات التي تضيق بنا الحياة ونفِر من الجميع، تلك اللحظات التي نعاني من أنفسنا ونرفع السيف كي نحارب أنفسنا أيضا!.
وكل تلك اللحظات التي يعتصر فيها قلبنا ألما عند ذكرها يدعون لنا كي يكشف الله عنا الهموم ويرحبون بنا فهم أبواب النجاة وأمناء الرحمن فقد قال عليه السلام في جامعته:
(بِكُمْ فَتَحَ اللهُ، وَبِكُمْ يَخْتِمُ، وَبِكُمْ يُنَزِّلُ الغَيْثَ، وَبِكُمْ يُمْسِكُ السَّماءَ أنْ تَقَعَ عَلَىٰ الأَرْضِ إِلاَّ بِإذْنِهِ، وَبِكُمْ يُنَفِّسُ الهَمَّ، وَيَكْشِفُ الضُّرَّ).
هذه الزيارة كما صرّح به العلّامة المجلسي (رحمه الله)، إنّما هي أرقى الزيارات الجامعة متناً وسنداً وهي أفصحها وأبلغها.
وقال والده في (شرح الفقيه): إنّ هذه الزيارة أحسن الزيارات وأكملها وإنّي لم أزر الأئمة (عليهم السلام) ما دمت في العتبات المقدّسة إلاّ بها .
نبحث عن الأفضل في جميع أمورنا، فلنبحث عن أفضل ملجأ ونعيش بأمان.
اضافةتعليق
التعليقات