إن التحصيل العلمي للفرد مرتبط بالطبقة الاجتماعية. وهذا المفهوم أصبح واضحاً بعد الخصخصة - أي اعطاء القطاع الخاص دورًا بارزًا في جوانب الحياة المختلفة ومنها قطاع التربية والتعليم- فأصبح التعليم الإلزامي مقصوراً على أبناء الطبقات المتدنية في الفقر والمعيشة وحتى التعليم الأساسي بقي لأولئك الأحسن حالاً من غيرهم ضمن هذه الطبقة المتدنية.
أما التعليم الثانوي فهو على العموم لأبناء الطبقة المتوسطة إن كان في مؤسسات حكومية.. أما التعليم الخاص ابتداء من رياض الأطفال وحتى التعليم الجامعي فلا يقدر عليه إلا الميسورون من أبناء الطبقة المتوسطة وعموم طبقة الأغنياء وأصحاب النفوذ. وذلك نظراً لارتفاع كلفته مع وجود بعض الاعتبارات الأخرى التي تتدخل فيها المذاهب الطائفية والعقائدية والتبعية لأنظمة تربوية خارجية.. وهي مدارس ليست في متناول العامة، بل لها شروطها وأساليبها ورسومها وبعض مناهجها خاصة في اللغة الانجليزية وكلفتها ليست بمقدور حتى الطبقة الوسطى.
ومثل هذه العلاقة تتضح في بنية المجتمع البريطاني ومن يستظل بهذا النظام من الدول النامية. فمجلس اللوردات البريطاني يماثله مجلس الأعيان في الدول النامية وأبناء هذه الطبقة المتميزة هم الأكثر حظاً. الوصول إلى أعلى المراتب والمراكز في الخارجية والداخلية والمؤسسات الاقتصادية ومؤسسات التعليم العالي. ومثل هذا النظام لا يمكن للحراك الاجتماعي أن ينفذ من خلاله إلا عن طريقين هما:
- تكافؤ الفرص التعليمية.
- تكافؤ الفرص الاجتماعية.
- تكافؤ الفرص التعليمية.
الاتجاه نحو تكافؤ الفرص التعليمية يُعتبر مطلباً وطنياً لكثير من الناس والذين ينادون بهذا الاتجاه - باعتباره هدفاً وطنياً عاماً - يجهلون التأثيرات التي قد يجلبها تحقيق هذا الهدف سواء على الفرد والمجتمع - إذا لم يكن هناك ضوابط تكفل لنا جني ثمار هذا التكافؤ في الفرص والاجتماعي والوطني أي التركيز على النوع لا الكم. ربط التعليم بحاجات المجتمع.. وهذه الحاجات متطورة ومتغيرة مع الزمان والمكان.. وتغطية هذه الحاجيات والمتطلبات بالكوادر البشرية المؤهلة فنياً وإدارياً يرفع من مستوى معيشة الأفراد ويزيد من معدلات النمو الوطني في الاقتصاد. ويقلل من تبعية هذا الاقتصاد لشروط البنك الدولي والقروض الخارجية.
وتتمثل هذه الضوابط فيما يلي:
ربط العلم بالانتاج.. فالعلم النافع هو العلم الذي يزيد من معدلات الانتاج. فليس العبرة في عدد الأطباء والمهندسين والمحامين والمتعلمين الجامعيين.. ولكن في مقدار ما يحققونه من زيادة الانتاج الذي يرفع مردود الدخل الفردي.
تكافؤ الفرص التعليمية لا يكون إلا من خلال العدالة الاجتماعية في المجتمع في جميع مظاهرها .. وهذا المطلب لا يتأتى إلا باختفاء المحسوبية والوساطة وتأثير المراكز الاجتماعية بضغوطها المختلفة. وعلى العموم.. فالتعليم ليس بالضرورة هو العامل الوحيد لتحسين معدلات النمو وتحسين الظروف المعيشية للأفراد والمجتمعات.. إنما هو عامل من جملة عوامل متداخلة تتضافر معاً لهذا التحسين. تقديس العمل والنظام مهما كانت طبيعة هذا العمل وعدم ارتباط بعض الأعمال بثقافة العيب فالقناعة بالأعمال المتاحة توفير للعملات الصعبة المهدورة على العمالة الوافدة من جهة.. وابنة في بناء النسيج الوطني للدولة والمجتمع.
-تكافؤ الفرص الاجتماعية
هنالك ثلاثة أبعاد لتكافؤ الفرص الاجتماعية:
- البعد الأول المساواة في إمكانية الوصول إلى بعض المراكز القيادية في مجلس الأعيان وتعيين المحافظين والوزارات والأمناء العامين والمديرين وبعض الوظائف الخاصة في الخارجية والداخلية والديوان الملكي والجمعية العلمية والجامعات.
ضمن أسس موضوعية وعلمية وعادلة يسهل قياسها .. لا أن تبقي هذه المراكز قصراً على أبناء اللوردات بمواصفات بريطانية ولا أن تكون تركة يتوارثها أبناؤهم بعد موتهم.
- المساواة في التكاليف والواجبات.. دون محاباة أو تحايل على القانون فلكل عمل أو وظيفة مهام ومسؤوليات يتوجب على من يشغلها القيام بواجباتها ثم يترتب على هذا الأداء حقوقاً والتوازن بين الحقوق والواجبات لا يتأتى إلا بالمساواة بين أعضاء العمل الواحد والوظيفة الواحدة سواء في حقوقهم أو في أداء واجباتهم.
- المساواة أمام القانون.. فلا يُكافأ أحد المرتشين على رشوته ثم يقام الحد على آخر بمثل جريمته وقل مثل ذلك على سائر الجرائم والاختلاسات والتقصير في أداء الواجبات.. الكل أمام القانون سواء.. بموضوعية وعدالة ولا حصانة لمجرم أو مرتش أو سارق أو عابث بمقدرات الأمة.
أمور ثلاثة تعتبر سمات حضارية لدول المؤسسات والقوانين في الدول المعاصرة. ومعلماً من معالم تقدمها الحضاري العلمي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي.
طلاباً ومعلمين وإداريين تحكمها أبعاد ثلاثة:
البعد الأول: مدى تجانس الآراء والأفكار أو تقاربها بين أعضاء هذه الجماعة.
البعد الثاني: الشعور أو التعاطف الجماعي حيال قضايا هذه الجماعة.
البعد الثالث: حضور فعال.. أو تواجد نشط حيال هذه القضايا ولعل هذا البعد هو الذي يُترجم البعدين السابقين إلى عمل.
ثالثا: العلاقة بين وسائل الاتصال في النظام التعليمي وسائل الاتصال بين أعضاء جماعة ما - ومن ضمنها جماعات النظام التعليمي
والبعد الأول يأخذ في اعتباره بنية النظام التعليمي العام والاتجاهات المصاحبة له.
اضافةتعليق
التعليقات